اقتصادصحيفة البعث

منصة أكثر من اقتصادية

 

يمكن توظيف مهرجان “الشام تجمعنا” ضمن سياق إعلان التعافي لاقتصادنا الوطني، وذلك نظراً لحجم المشاركة الكبيرة في هذا المهرجان من الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية لدرجة دفع البعض إلى تشبيهه بـ”سورية المصغرة”، وذلك لما سيتضمنه من نشاطات تعكس واقع المجتمع السوري وتفاصيله على كامل مساحة حديقة تشرين.
نعتقد أن هذا المهرجان الذي على ما يبدو سيتجاوز البعد الاقتصادي المقتصر عادة على أسواق البيع وما تقدمه من حسومات للزائرين في مثل ملتقيات كهذه إن صح التعبير، سيشكل متنفساً لأغلب شرائح المجتمع السوري، خاصة وأنه يحتضن معرض الزهور الدولي من جهة، ويتضمن نشاطات متنوعة تلبي كافة الأعمار من جهة أخرى.
ونغتنم هذه المناسبة للحديث عن أثر مثل هذه المهرجانات وما تتضمنه من معارض وأسواق بيع على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، إذ من المفترض أن تكسر حالة جمود الأسواق وتعثر انسياب السلع لاعتبارات تتعلق بالدرجة الأولى بارتفاع الأسعار من خلال الحسومات كما أسلفنا، ويفترض بضخامة هذا الحدث أن تجعل الحسومات في أسواق بيعه الممتدة على مساحة 2000 م2 مجزية، نظراً لإمكانية تحقيق مبيعات كبيرة نتيجة توقع إقبال جماهيري كبير على مدى شهر كامل، عملاً بقاعدة “بيع كثير ربح كثير”.
ومن الآثار المعول أن يحدثها هذا المهرجان إتاحة فرصة التنزه لأغلب الشرائح -خاصة ذات الدخل المحدود- وبأسعار رمزية، لكون هذا الأمر يندرج ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال والجهات الرسمية المعنية بتنظيم هذا الحدث، وللإنصاف نشير إلى أن غنى بروشورات المهرجان بفعاليات ترفيهية كفيلة بالتخفيف من وطأة الضغط المعيشي على السوريين ولاسيما أطفالهم، ونأمل أن تترجم بشكل واقعي، مع إقرارنا بعدم شكنا بذلك بما تم الترويج له في هذا الخصوص.
ولعل الأهم من هذا وذاك هو ما يؤمل أن يشكله هذا المهرجان من منصة لتلاقي السوريين جميعاً كمجتمع متكامل قوامه العمل خاصة وأنه يحتضن في أرجائه قرية لريادة الأعمال حيث ستسمح هذه القرية لرواد الأعمال الشباب أن يضعوا أفكارهم ومشاريعهم الصغيرة في جو من التشجيع والدعم، وستعرض منتجاتهم وخدماتهم ليجدوا من يشاركهم هذا النجاح.
طالما كان الرهان على الشام ولا زال.. فهي الأعرق بتقاليدها وحضارتها الضاربة في قِدَم التاريخ، ما يؤهلها بالضرورة أن تكون منبعاً لا ينضب من التجارب الحضارية التي تؤطر ثقافتها العامة.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com