اقتصادصحيفة البعث

إياكم وفخ “شارع الأكل”..!

 

اصطدم أغلب زائري مهرجان “الشام بتجمعنا” بارتفاع أسعار المنتجات والخدمات الترفيهية التي تقدمها الفعاليات المشاركة فيه، خاصة تلك الموجهة للأطفال، وذلك بعد أن تم الترويج لهذا المهرجان بأنه يستهدف شريحة الأقل دخلاً، إذ لم يجد معظم هؤلاء الزائرين بداً من تكبد مبالغ ليست بالقليلة مقارنة بدخلهم أمام ضغط رغبات أبنائهم الراغبين بالتسلية والترفيه..!

ولعل أبرز فخ تم نصبه في هذا المهرجان هو فكرة “شارع الأكل”، حيث يشترط على كل شخص يرغب بالتجوال فيه شراء بطاقة دخول بقيمة 500 ليرة سورية، مع الترويج بأحقيته بتناول ما يرغب من الطعام، ويسمح له باصطحاب ما يرغب من الأطفال ممن هم دون الثانية عشرة من العمر..!

يظن المرء للوهلة الأولى أنه عرض مغرٍ ولاسيما مع ميزة الدخول المجاني لأبنائه والتي هي بالأساس وهمية، ولا نبالغ باعتبارنا بأنها أس هذا الفخ المتقن بامتياز، وذلك لأن قيمة البطاقة هي بالأصل ثمن سندويشة صغيرة فقط، وليس كما روج لها بشكل أشبه ما تكون ثمناً لبوفيه مفتوح، إضافة إلى أن الزائر سيضطر لدى صرفه هذه البطاقة لشراء وجبات أخرى لأطفاله، إذ لا يعقل أن يتجاهل رغباتهم أمام ما لذّ وطاب، إلى جانب أن هناك وجبات تتجاوز قيمتها الـ1500 ليرة يتم حسم ثمن البطاقة في حال شرائها..!

كما أن أسعار أسواق البيع، ومعرض الكتاب، وألعاب الأطفال مرتفعة، وبعيدة كل البعد عن أدنى حدود المنافسة، فتعرفة أية لعبة 300 ليرة مثلاً، أعلى مما هي عليه نظيرتها في حدائق الملاهي..!

يضاف إلى ما سبق وجود حالة من التفاوت الطبقي بدت واضحة من خلال إقامة مطاعم تحت مسميات عدة تعكس تاريخ وأصالة دمشق، اقتصر روادها على طبقة ميسوري الحال أمام أنظار نظرائهم المتعثرين، في مشهد يشي بعدم اضطلاع قطاع الأعمال والجهات الحكومية المعنية بتنظيم هذا المهرجان بمسؤوليتهم الاجتماعية..!

ما هكذا تورد الإبل.. فإن كنتم غير قادرين على تحمل مسؤولياتكم الاجتماعية، فلا تورطوا أبناء مجتمعكم بمهرجانات كهذه القصد منها الربح بغطاء حسومات مزعومة لتشجيع التسوق والسياحة الداخلية للمحرومين منها..!

ونأمل في الختام إعادة النظر بـ”منغصات” هذا المهرجان الذي يمتد لشهر كامل، عسى أن يتم تعويض ما اكتنفه من تقصير بحق من يبحث عن متنفس يخفف من ضغوط الحياة المعيشية..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com