صحيفة البعثمحليات

تنظير وتعمير..

 

لا يخلو حوار أو حديث في إعلامنا عن إعادة الإعمار، سواء كان حواراً اقتصادياً أم ثقافياً أم خدمياً، أم حتى سياسياً، ليس هذا سيئاً بكل تأكيد، لكن المشكلة أن البعض اجتهدوا في تقديم الأفكار والرؤى من دون تركيز أو قراءة صحيحة لما هو مطلوب وفق مقتضيات المرحلة المقبلة التي تتطلب حسابات دقيقة وصحيحة ذات نتائج مضمونة بأقل الجهود والتكاليف.
هذا الفهم الهش للقادم الهام جعل الأمور في فوضى؛ لأن التنظير والتعمير لا يمكن أن يتفقا أو يلتقيا، بمعنى أن التعامل مع استحقاقاتنا المهمة بمنطق “الحكي ببلاش” لا يفيدنا، بل يعقّد الأمور علينا، فاليوم نحتاج كل الجدية والحذر في التعاطي مع كل ملف من خلال منهجية متكاملة، فالخطأ أو التجريب ممنوع بعد أكثر من سبع سنوات حرب استهدفت كل شيء.
ما تقدم من كلام له مبررات عدة، لأن هناك الكثير من الـ (لا) والأكثر من الـ (نعم) يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مع انطلاق العمل بإعمار البلد بحيث لا تتحمل الدولة المزيد من الأعباء التي تعوق التقدم بخطوات ثابتة وناجحة في كل مجال.
وفق هذا المنطق، نقول لا وألف لا لاعتماد الأفكار التقليدية الجامدة والذهنية الحالية التي تعيد إنتاج آليات عمل بيروقراطية تفوح منها رائحة الفساد الإداري؛ لأن ذلك لو حدث سيرفع التكلفة المادية لأرقام تستنزف موازنة الدولة وتزيد الطين بلّة.
نعم لخطة عمل أو استراتيجية متعددة المحاور تقدم رؤى وأفكاراً ومقترحات تساعد صنّاع القرار على اتخاذه وضمان النتائج بنسبة 100% بدءاً من الإعمار الروحي والثقافي مروراً بالاجتماعي والسياسي وصولاً إلى الاقتصادي، فمتخذ القرار يجب أن يكون رساماً بارعاً ومبدعاً –إن جاز التشبيه- يعرف كيف يمزج بين الألوان والخطوط ليبدع لنا لوحة سورية غاية في الجمال والروعة بوضع أفضل السياسات والبرامج والخطط الإسعافية والاستراتيجية لإعادة إعمار وبناء سورية بأبهى حلة بعيداً عن القرارات العشوائية التي تدخلنا في أنفاق مظلمة!
لا شك أن العملية لن تكون سهلة نظراً لحجم الدمار وشح الموارد البشرية والاقتصادية نتيجة ظروف الحرب، لكن ليست مستحيلة عندما نتشارك ونتضامن تحت سقف الوطن ونعرف كيف نوظّف مواردنا البشرية والاقتصادية وكل ما هو متاح لخدمة عملنا.
إعادة الإعمار فرصة يجب ألا نفرط بها، بل نستثمرها أفضل استثمار في التمكن الصحيح ببناء عمراني روحي وثقافي واجتماعي واقتصادي وسياسي وفق أفضل المعايير والمواصفات التي تليق بسوريتنا المتجددة وتحفظ قرارها السيادي على كل الصعد.
غسان فطوم
ghassanftom@gmail.com