اقتصادصحيفة البعث

اركلوا “تصدير الفائض”!

أضحى العمل باتجاه ترسيخ التصدير ومحاولات ترجيح كفته مقابل الاستيراد أشبه بالحفر على الصخر!

فلربما يبدو الحديث عن رقم  8 مليارات الوارد إلينا نتيجة صادراتنا عام 2017، للوهلة الأولى أقرب للخيال أو الوهم، في بلد عاش الضنك الاقتصادي في كل أبعاده، لكن وبعد التمحيص في حيثيات ما تم العمل عليه في العلن وخلف الكواليس، من تواصل بعض من رجالات قطاع الأعمال مع نظرائهم في بعض الدول العربية والأجنبية، ولاسيما العراق والجزائر، وتكريس المعارض كخيار لابد منه للترويج للمنتج المحلي، وصولاً لاعتماد مولات سورية في عدد من الدول والبداية ستكون من بغداد، نجد أن الرقم أقرب إلى منطق التبني.

أياً يكن الرقم الحقيقي المعتمد رسمياً أو غير رسمي لصادراتنا لعام 2017، فإننا نعد مجرد الحديث عن تطور هذا الرقم خلال العامين 2016 و2017  بحد ذاته إنجازاً حقيقياً، ولاسيما خلال سنوات لم تعد تداعياتها تخفى على الداني والقاصي!

الشيء المبشر في هذا السياق حقيقة، هو خبو نبرة الحديث عن الاستيراد تحت ذريعة تأمين الاحتياج المحلي –كما كان سائداً منذ نحو سنتين- وكأن اقتصادنا لا يمتلك أدنى مقومات الإنتاج، إذ بتنا نشهد أن للتصدير حصة من الاجتماعات واللقاءات الاقتصادية، لم نعهدها من قبل على الأقل خلال سنوات الأزمة، لا بل أصبح هناك المزيد من الأصوات المطالبة بتوسيع رقعة منتجاتنا المحلية في الأسواق الخارجية.

ونعتقد أنه في حال استمر الاشتغال بهذا النفس على تعزيز صادراتنا والعمل على استهداف مزيد من الأسواق، لن نصل إلى مرحلة متطورة أكثر في هذا الاتجاه فحسب، بل سنجد انعكاس ذلك على تحسين جودة المنتج المحلي خاصة إذا ما تم العمل وفق قاعدة “الإنتاج من أجل التصدير”. كما أن تعزيز مكانة التصدير كركن أساسي من أركان اقتصادنا الوطني سينعكس أيضاً على العلاقة بين قطاع الأعمال واتحاداته كافة لجهة التنسيق بينها واعتماد صيغة أو آلية عمل تضمن تأمين مصالح الجميع سواء مستلزمات الإنتاج المطلوبة للصناعي من خلال العاملين في مجال الاستيراد، أو تسويق المنتجات النهائية للصناعي أيضاً من خلال المختصين بالتصدير والعارفين بأذواق ومتطلبات الأسواق المستهدفة، أو حتى توجيه المزارعين خاصة ذوي الحيازات الكبيرة على إنتاج محاصيل بمواصفات خاصة تناسب أسواقاً بعينها!

تبقى الإشارة إلى حيثية مهمة في هذا الشأن وهي ركل مبدأ العمل وفق قاعدة “تصدر الفائض من الإنتاج ولاسيما الزراعي منه”؛ فهذا الأمر هو مقتل للعملية التصديرية كونها تشكل رسالة سلبية للمنتجات المحلية، وقد سبق لها وأن وقعت في هذا المطب!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com