صحيفة البعثمحليات

العدادات مسبقة الدفع تبصر النور أخيراً.. والذكية تحت التجريب وزارة الكهرباء تحصّل فواتير “ما لها وما عليها”.. القطاع العام يقسّط.. والخاص الأسبق بالدفع

 

دمشق – ريم ربيع
قد تشكل خسائر قطاع الكهرباء من جراء الإرهاب التي تجاوزت مئات المليارات خلال سنوات الحرب، عاملاً ضاغطاً على الأداء الذي حاول القائمون عليه النهوض به بقنوات التأهيل والصيانة وتوريد المستلزمات، إلا أن هذا الواقع لا يعني بحال من الأحوال غض النظر عن سياسة “الطناش” التي مارسها ومازال الكثير من ذوي الذمم والفواتير من المشتركين أفراداً كانوا أم مؤسسات ومنشآت، فالوزارة ومؤسساتها وكوات الجباية لديها معنية بالتحصيل وتأمين المستحقات، ليس بهدف تعويض الخسائر “كما يغمز البعض”، بل من كون الفاتورة حقاً وواجباً وقانوناً لا مناص من تطبيقه، ولا مكان هنا للتذرع بالأزمة وتكاليفها لتريح جهة ما نفسها من أعباء الفواتير كون الاستحقاق “أهلية بمحلية” برمته، علماً أن الوزارة بمؤسساتها ومديرياتها وموظفيها تؤكد أنها تسدد فواتيرها بالكامل كون هذا المال عاماً في النهاية، ومن طرف آخر تقدم ما باستطاعتها لتسهيل الدفع على جميع الأطراف من مشاريع الدفع الإلكتروني للعدادات مسبقة الدفع والإلكترونية والذكية التي تضمن عدم الوقوع في أي خطأ.
ورغم أن مصادرنا في الوزارة تأبى أن تلقي اللوم على أحد، إلا أن البعض قد يشعر بالغبن إن علم أن ديوناً بالمليارات كان يمكن أن تشكل مصدراً ولو بسيطاً في التخفيف من معاناة سنين طويلة في ظلام التقنين ولو على مبدأ “بحصة تسند جرة”، فكيف لو كانت البحصة ديوناً ومستحقات فواتير سبع سنين..!
في هذا المضمار يبدو مدير مؤسسة توزيع الكهرباء م.عبد الوهاب الخطيب مرتاحاً لتحصيل مدفوعات كبيرة من المؤسسات الحكومية في العامين الأخيرين، مبرراً لها تأخيرها بظروف الحرب وانشغالها بمشاريع أخرى، تاركاً نسبة التحصيل لما تسمح به موازنة كل مؤسسة وما تقدر على دفعه، ومشيداً في الوقت نفسه بنسبة التحصيل من القطاع الخاص التي بلغت 85 – 90 % دون ورود أي إشكالات تذكر.
وبينما تعمل الوزارة على إطلاق مشاريع العدادات الجديدة لتحقيق العدالة في تحديد الرسوم والاستهلاك والفواتير، ما تزال ترد شكاوي من المواطنين عن الفواتير العالية وغير المنطقية مقارنة بالاستهلاك، والتي يردها الخطيب إلى الاعتماد على الكهرباء في التدفئة خلال الشتاء بناءً على ما تم ملاحظته عند التحقق من الشكاوي، أما في حال القراءة الخاطئة يعاد تقدير الفاتورة، مؤكداً أن التيار قطع عن جميع المناطق التي كانت خارج سيطرة الدولة أثناء وجود المسلحين فيها، وبالتالي ما يتم المطالبة به هو رسوم فقط، وبإمكان أي مواطن يشك بالفاتورة أن يقدم طلب اعتراض ويراجع الشركة قبل التسديد، وفي حال الفواتير المرتفعة تجري المعالجة عبر تقسيط أو تشريح أو تخفيض الفاتورة. لافتاً في الوقت نفسه إلى الانتهاء من إعداد دفاتر الشروط المتعلقة بمشروع العدادات مسبقة الدفع التي ستخفف من صعوبات التأشير والجباية لكون العداد يشحن بواسطة كرت قبل الاستهلاك، وستتم معايرة هذه العدادات وتركيبها في منطقة محددة قبل أن تعمم التجربة، أما العدادات الذكية التي كانت الحديث الشاغل في الفترة الأخيرة كونها تُقرأ ويمكن التحكم بها عن بعد، فيبدو أن الوقت مبكر للحديث عنها، حيث لا يزال المشروع في طور إعداد دفاتر شروط وإجراء تجارب، وقد يحتاج إلى سنوات قبل أن يبصر الضوء.
ومن الواضح أن مشاريع كهذه تأتي رديفة لما تعمل عليه الوزارة من ترميم وتأهيل ما خرب ودمر، وتعويض الخسائر الكبيرة للمنظومة الكهربائية المقدرة في مؤسسة التوزيع فقط بـ 712 مليار ليرة، متضمنة 7000 آلاف محولة مسروقة، و8000 محولة مخربة كلياً، و4000 محولة مخربة جزئياً، وخروج 11620 كم من خطوط 20 ك.ف، و20000 كم من خطوط توتر منخفض عن الخدمة، في حين تشير بعض التقديرات لما تم تعويضه وإعادة تأهيله بـ 10-15% ، إلا أن هذه النسبة أو غيرها لا يمكن أن تكون دقيقة بحسب الخطيب، لأن المناطق المحررة لم يعد إليها كافة الأهالي بعد، إذ يتم تزويد المناطق التي تشهد عودة السكان فقط، وبهذا من الصعب المقارنة بين الحال قبل الحرب ويومنا هذا.
وبالنظر إلى واقع المنظومة الكهربائية الذي تحسن مؤخراً نجد أن قطاع الصناعة كان الأوفر حظاً في السرعة بإعادة التأهيل والصيانة وتقديم التسهيلات الممكنة كونه المحرك الأساس لعجلة الاقتصاد في البلاد، بينما ما يزال قطاع السياحة تحت رحمة عطل هنا ومحطة مدمرة هناك، وبينما تنعم المنشآت السياحة في دمشق بالكهرباء لوفرة الطاقة في المنطقة الجنوبية، نجد أن نقطة الارتكاز السياحية على امتداد الساحل لا تزال تعاني التقنين العشوائي، الأمر الذي يعزوه مدير مؤسسة التوزيع لخروج محطة زيزون وحلب عن الخدمة ما تسبب بعجز في توليد الكهرباء، إلى جانب تدمير خطوط النقل في المنطقة الوسطى التي يجري معالجتها وصيانتها الآن بعد الربط بين الجنوب والوسط إثر تحرير حماة، ومع تواصل أعمال الصيانة سيتم نقل الطاقة من الجنوب للشمال والساحل.
وبعد أن استكملت ورشات الصيانة تغذية بلدة خناصر بالتيار الكهربائي أصبح بمقدورها الآن الاتجاه نحو تغذية الريف الذي استعاده الجيش العربي السوري لأهمية هذه البلدة في الوصل بين محافظة حلب وحماة، إضافة للعمل على إعادة التيار للمناطق المحررة شمالي حمص وجنوبي حماة، وفي الغوطة الشرقية واستكمال تخديم مدينة دير الزور بالكامل، رغم المصاعب التي يمر بها عمال وموظفو المؤسسة في الوصول لجميع المناطق، والمخاطر لإصلاح الأعطال حيث بلغ عدد شهداء المؤسسة 253 شهيداً، عدا المصابين الذين يتم معالجتهم وإعادتهم إلى رأس عملهم، ويشير الخطيب إلى تكريم عائلات الشهداء والمصابين بشكل دائم والاهتمام بطلباتهم، والإعفاء من رسوم الاشتراكات الجديدة التي تكلّف ما يقارب 20 ألف ليرة لذوي جميع الشهداء وليس فقط شهداء الوزارة، إضافة إلى الحسم الدائم على فواتير جميع عمال وموظفي الكهرباء تقديراً لجهودهم المبذولة.
وربطاً بما أسلفنا على تناوله فقد أثمرت متابعة حملة مكافحة الاستجرار غير المشروع عن ضبوط مخالفة من 11/6 لغاية1/7، وصلت إلى 1205 ضبوط في جميع المحافظات، منها 952 منزلياً و 233 تجارياً و 10 زراعية، كما جرى تبديل 286 عداداً مخالفاً.