دراساتصحيفة البعث

ست طرق للرد الصيني على ابتزاز ترامب

ترجمة: هيفاء علي
عن ريزو انترناسيونال 6/7/2018
شبح الحرب التجارية الذي بدأ يلوح في الأفق بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، الصين والولايات المتحدة الأمريكية، بات حديث الساعة في الصحافة ووسائل الإعلام العالمية بمختلف ألوانها. ويوماً بعد يوم تزداد الأمور تعقيداً جراء الهجمة “الترامبية” الشرسة على الصين. بالمقابل، لدى بكين خيارات عديدة للردّ في الوقت المناسب. فقد أوعز ترامب للمندوب التجاري الأمريكي بمطابقة المنتجات الصينية التي ستفرض عليها الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 10% في حال رفضت الصين تغيير ممارساتها وواصلت تهديدها بالرد. حيث صرح بأن زيادة الرسوم الجمركية الصينية غير مقبولة، وأن الولايات المتحدة ستلجأ إلى تطبيق ارتفاع جديد بمقدار 200 دولار كرسوم جمركية على منتجات صينية إذا ضاعفت الصين رسومها الجمركية. الصين اتهمت ترامب بالابتزاز، كردّ على السلسلة الأولى للزيادات التي أطلقها والتي بلغت 50 مليار دولار.
وصرح وزير التجارة الصيني أنه إذا تعاملت الولايات المتحدة بطريقة “لا عقلانية” مع الرسوم الجمركية، فليس لدى الصين من خيار آخر سوى “القتال بقوة” واتخاذ إجراءات كمية ونوعية. “الرد الصيني يكمن في حماية مصالح البلاد وحماية شعبها”، بحسب شركة “موفكوم” الصينية. مضيفةً أنه طفح كيل السلطات الصينية من الضغوط الأمريكية والابتزاز اللذين تجاوزا الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين البلدين عقب مفاوضات عدة.
وبما أن أحجار الدومينو جميعها على الطاولة، وبما أن ترامب متشبّث بإستراتيجية الرد السريع مع الصين، فإن السؤال المطروح يكمن في معرفة كيف ستردّ الصين لتعاقب الولايات المتحدة مع حرصها التام على تخفيف الخسائر على الاقتصاد الصيني لأدنى نسبة ممكنة. يتحدث المحللون الاقتصاديون المعنيون بهذا الشأن عن وجود ست طرق بوسع الصين اللجوء إليها حالياً في حال اقتضى الأمر:
1- بوسع الصين الحدّ من التوترات بتقديم قائمة للإجراءات التي ستتخذها لتقليص عجوزاتها التجارية في التعاملات مع الولايات المتحدة. ومن شأن هذا الأمر أن يلحق الضرر بالمؤسسات التربوية والصناعة السياحية المحلية والملاهي. ومع ذلك يبدو أن الإدارة الأمريكية وضعت الصين في وضع لا تستطيع فيه التفاوض دون الخنوع وتقديم تنازلات، والصين لن تفعل ذلك مهما كان الثمن بحسب معظم المراقبين الذين يجدون صعوبةً في خيار تخفيف حدة التوتر إذا ما مضى ترامب حتى النهاية مع 200 مليار دولار.
2- ربما ستطلق الصين مساعدة اقتصادية لاقتصادها على شكل تخفيف جديد لشروطها المالية للتعويض عن أي تباطؤ كبير للمبادلات. البعض مثل “دوتش بنك” اقترح التالي: كي تعوّض الصين عن الضربة السلبية على المستهلكين، ستخفّف سياستها. على سبيل المثال، التغاضي عن فورة سوق العقارات في المدن ذات المستوى3، وتخفيض المعدل المطلوب من العائدات على الأموال المستثمرة بمقدار ضعفين لتعويض جزء من الخسائر وتخفيض متواضع لقيمة اليوان.
3- بوسع الصين إطلاق معاملة مميزة للشركات المحلية، كما طالب البعض. بوسع بكين اختيار عدم تطبيق سياسة “تحرير الوصول إلى السوق” التي أعلن عنها مؤخراً. ومن شأن هذا الأمر إلحاق الضرر بالشركات الأمريكية. وبوسع بكين أيضاً الشروع بقمع عدائي ضد الشركات الأمريكية العاملة في الصين مثل” آبل”، وعرقلة الممر الحدودي أمام المنتجات الأمريكية “مثل أتوموبيل” أو مواصلة الادعاءات المعادية للاحتكار ضد أسماء التكنولوجيات الأمريكية مثل “ميكرون”.
4- بوسع الصين اختيار الرد الدبلوماسي: وأن تطلب من رئيس كوريا الديمقراطية، كيم جون أون، إيقاف الاتفاق الحديث الموقع من قبلها مع الولايات المتحدة وإهانة ترامب من خلال الإظهار له أن الفضل يعود لبكين التي عملت على تسهيل انعقاد قمة كوريا-أمريكا وعلى ضمان نجاحها.
5- بوسع الصين اختيار طريق عدائي وبدلاً من إنقاص قيمة اليوان بشكل طفيف، بوسعها المتابعة بيوان أضعف لتنشيط القدرة التنافسية التجارية، التي تعتبر العامل الرئيسي خلف جزء كبير من العداء الشديد الذي تكنّه إدارة ترامب تجاه الصين. ولتحقيق هذا الخيار، ستعمل الصين على تخفيف بعض الإجراءات المتعلقة بالرقابة على رؤوس الأموال التي ساهمت في ترسيخ التوتر في العامين الأخيرين. مثل هذا الإجراء سيطلق طلباً قوياً على مخارج رؤوس الأموال بتنشيط المعادن الثمينة، وبوسع الولايات المتحدة أيضاً وصف الصين بالتلاعب بالعملات.
6- أخيراً، بوسع الصين اللجوء إلى تسديد ممتلكاتها من الخزانة العامة تدريجياً أو دفعة واحدة، ما قد يثير مخاوف طويلة الأمد لدى الأسواق، مع الأخذ بعين الاعتبار الـ 1200 مليار دولار التي تمتلكها الصين في أموال وزارة المالية.

ضربة مقابل ضربة

وبوسع الصين أيضاً التصرف بما تمتلكه من الاحتياط أو الاستمرار بتطبيق سياسة “ضربة مقابل ضربة”. وحسب تقارير الصحافة اليومية، تعمل الصين على تحضير المجموعة الثانية من الرسوم الجمركية على الطاقة الأمريكية: إذ سيخضع البترول، الغاز والكربون في الولايات المتحدة لرسوم بنسبة 25% في إطار سلسلة ثانية من الرسوم التي تلوح الصين بفرضها. مهما فعلت الصين فإن أكبر تحدّ بالنسبة لها سيكون محاولة عدم تكبيد اقتصادها خسائر فادحة، وكذلك الحفاظ على مصداقيتها مع إلحاق الضرر بالولايات المتحدة. وحتى الآن، تتصرف الصين بطريقة تتيح تفادي تكبيد قدر كبير من الضرر على عكس الولايات المتحدة التي تصعد أكثر في تصريحات مسؤوليها.
وهناك أيضاً ركن الأسواق. فبينما تسعى بكين لتفادي حرب الأسواق النقدية والسندات، خلص تحليل قدمه “غولدمان” إلى أن الحل الوحيد للخروج من المأزق يكمن للأسف في انهيار الأسواق، وفي حين يعتقد كثيرون أن الصين تفضل تفادي الأسواق الهائجة مباشرة، قد لا يكون أمامها سوى هذا الخيار في حال عزمت على إرسال رسالة إلى ترامب إذا ما قرّر المضي من الحرب الاقتصادية إلى المواجهة المسلحة.
بالمجمل ليس هناك أطراف فائزة في الحرب التجارية، فالجميع مهدّد بالخسارة، وسيحاول الطرفان هنا ضمان البقاء وتحقيق مكاسب مالية على حساب الطرف الآخر، وهذا ما بدأت الصين القيام به بالفعل رداً على موقف أمريكا بفرض رسوم جمركية على بضائعها، ومن المتوقع أن يتأثر عدد من الشركات الكبرى والصادرات بهذه الحرب مثلما سيحدث في حبوب الصويا الأمريكية الذي تعتمد عليها الصين كمصدر رئيسي للغذاء تستورده من أمريكا بنسب كبيرة وتصل القيمة إلى أكثر من 12.3 بليون يوان.