أخبارصحيفة البعث

أحكام مخففة في كارثة “سوما” تثير غضب الشارع التركي

 

بعد ثلاث سنوات من المداولات، أسدل النظام التركي الستار على قضية أسوأ كارثة مناجم في البلاد بأن أصدر أخيراً حكمها بحق المتهمين في القضية، في أحكام وصل أقصاها إلى 22 عاماً سجناً لخمسة مدراء كبار أدينوا بالإهمال بدلاً من القتل، ما أثار غضب المعارضة وعائلات الضحايا.
وأدى الحادث الذي وقع في أيار 2014 إلى مقتل 301 شخص عندما اندلعت النيران في إحدى حفر منجم سوما وانتشر فيها غاز ثاني أكسيد الكربون ما أدى إلى احتجاز 800 عامل داخل المنجم.
وأثارت الكارثة حينها احتجاجات ومخاوف جديدة بشأن سجل تركيا في السلامة الصناعية.
وأدان أقارب الضحايا والمعارضة الأحكام التي صدرت بتهم الإهمال وليس القتل، ووصفوها بأنها متهاونة بشكل مثير للغضب، وخصوصاً أن النيابة كانت قد طالبت في البداية بالحكم على جميع المتهمين الرئيسيين بالسجن 25 عاماً 301 مرة.
وبعد محاكمة استمرت ثلاث سنوات، قررت المحكمة في بلدة اخيسار غرب البلاد، سجن كان غوركان الرئيس التنفيذي لمنجم سوما 15 عاماً.
أما المدير العام للمنجم رمضان دوغرو والمدير الفني إسماعيل عدلي فقد حكمت المحكمة عليهما بالسجن 22 عاماً وستة أشهر، بينما حكمت على مدير العمليات آكين جيليك والمشرف الفني آرتان آرسوي بالسجن 18 عاماً وتسعة أشهر.
وبرأت المحكمة رئيس مجلس إدارة مناجم سوما المالك للمنجم إلب غوركان، والد كان غوركان إضافة إلى 36 شخصاً آخرين.
ومن بين المشتبه بهم الـ51 الذين جرت محاكمتهم، حكم على تسعة مدراء صغار بالسجن لمدد تتراوح بين 6 و11 عاماً.
ودفعت أحكام السجن محامي الضحايا وعائلاتهم إلى الخروج من قاعة المحكمة احتجاجاً على العقوبة التي اعتبروها مخففة، وتم استدعاء خدمات الإسعاف بعد انهيار العديد منهم.
وانتقد حزب الشعب الجمهوري المعارض الأحكام، وقال: “إنها وضعت مسبقاً نتيجة ضغوط من الشركة والسلطات”.
وقال نائب رئيس الحزب فيلي اغابابا: “سوما لم تحصل على العدالة .. القانون أفلس مرة ثانية”.
وكانت الكارثة أدت إلى احتجاجات أزعجت الحكومة بعد عام من احتجاجات واسعة مناهضة للنظام التركي.
وأثار يوسف يركيل مستشار رئيس الوزراء التركي في تلك الفترة رجب طيب أردوغان موجة استياء بعد أن ركل محتجاً في سوما.
وفي تأكيد جديد على سياسة الحكم الفردي المطلق التي مهّد لها رئيس النظام التركي أردوغان مع فوزه بالانتخابات المبكرة الأخيرة، اعتقلت سلطات النظام التركي أربعة من خريجي جامعة تركية على خلفية عرضهم رسماً كاريكاتورياً يسخر من أردوغان خلال مراسم تخرجهم.
ورفع الطلاب وهم من جامعة الشرق الأوسط التقنية في المراسم التي أقيمت في السادس من تموز الجاري في أنقرة لافتة طويلة عليها رسم كاريكاتوري لحيوانات تتشابه وجوهها مع وجه أردوغان تحت عنوان “عالم طيب” في إشارة لاسم الرئيس.
ونشرت مجلة ساخرة واسعة الانتشار الرسم الكاريكاتوري أولاً وكان محور دعوى قذف رفعها أردوغان قبل 12 عاماً عندما كان رئيساً للوزراء لكن محكمة في أنقرة رفضت الدعوى وقالت: “إن الرسم لا يتعدى حدود حرية التعبير”.
وأصدرت محكمة تركية يوم الجمعة الماضي حكماً بسجن ستة صحفيين لإدانتهم بصلات بمحاولة الانقلاب في تموز عام 2016، وهي اتهامات قالت منظمة العفو الدولية: “إنها مبنية فقط على مقالاتهم التي تنتقد الحكومة”.
كما ندّدت جماعات حقوقية أيضاً بسجن الفنانة والصحفية التركية زهرة دوغان التي صدر حكم في 2017 بسجنها ثلاث سنوات لرسمها الدمار الذي لحق بمدينة في جنوب شرق البلاد عام 2016.
وحوّل أردوغان تركيا إلى سجن كبير حيث نفذ حملة اعتقالات في عموم البلاد أودع خلالها عشرات الآلاف من الأتراك في السجون وطرد الآلاف من وظائفهم في المؤسسات المدنية والعسكرية بذريعة دعم محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا فى تموز 2016 استمراراً لإجراءاته الهادفة إلى الهيمنة على جميع مؤسسات الدولة وتصفية معارضيه.