الصفحة الاولىصحيفة البعث

مشيخة الإمارات.. جيش من المرتزقة للهروب من الملاحقات الدولية

 

 

“لا يختلف الجيش الإماراتي عن مدن الإمارات العربية المتحدة الحديثة التي بُنيت بوساطة العمالة والمهارة الأجنبية التي موّلها البترودولار”. هذا ما بدأ به موقع “ميدل إيست آي” تحقيقه حول اعتماد قوات النظام الإماراتي بقوة على الخبرات الأجنبية والمرتزقة، ولاسيما في الحرب على اليمن.
وحسب الموقع، ثمّة عسكريون أميركيون ومن جنسيات أخرى بين “المتعهدين العسكريين”، وهؤلاء لهم الحصّة الأكبر في الحفاظ على بقاء الجيش الإماراتي.
وقد نفى بعض “المتعاقدين” الأميركيين قيادتهم لفرق عسكرية في اليمن، أو أنهم أقسموا الولاء للإمارات العربية المتحدة، ولكن الموقع أكد أنهم يحملون رتباً عسكرية في الجيش الإماراتي ويمثّلون الإمارات وينظر الجيش الأميركي إليهم كقادة أجانب، ومثال ذلك الجنرال “ستيفن توماجان”، الذي يعرّف عن نفسه بأنه قائد فرع المروحيات في الجيش الإماراتي، وهؤلاء كلهم ضباط سابقون يعملون على تدريب القوات الإماراتية وتقديم الاستشارات لها.
وقال أحد المرتزقة الأميركيين السابقين ويدعى “شون ماكفايت”: إن “الجندي بعد تقاعده بسن الـ45 يمكنه جني الكثير من المال بهذه الطريقة واستثمار ما لديه من مهارات مكتسبة”، ورأى أن “القدرة على الاستعانة بمصادر خارجية للحرب تَعِد بمزيد من الحروب في المستقبل، وهنا تكمن الخطورة في الأمر”، حيث إن المرتزقة كالسيارات المستأجرة يمكنك أن تتصرف بهم بتهور، وبالتالي يمكنك أن تبدأ بهم حروباً، ويمكنك أن تطيل بهم أمد حروب ما كانت لتكون لولاهم.
لكن اعتماد الجيش الإماراتي على الأجانب ليس جديداً، بحسب الموقع، ففي عام 2010 أوكل إلى “إيريك برينس”، مؤسس “بلاك ووتر”، تأسيس جيش من المرتزقة في الإمارات يمكنه من التعامل مع أي انتفاضة عمالية أو مؤيدة للديمقراطية. وكان وزير الدفاع الأميركي الحالي جيمس ماتيس، قبل أن ينضم إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب، قد حصل على إذن من المارينز للخدمة كمستشار عسكري في الإمارات عام 2015.
ويبدو أن اعتماد مشيخة الإمارات على جيش من المرتزقة، وخاصة الأميركيين، يحمل في طياته القدرة على الهروب من الجرائم التي ترتكبها قواتها، وخاصة في اليمن، حيث اتهمت منظمة العفو الدولية القوات الموالية للحكومة اليمنية في الجنوب والمدعومة من الإمارات العربية المتحدة بالقيام بجرائم حرب عبر تعذيب وإخفاء سجناء.
وطالبت المنظمة الحقوقية بفتح تحقيق حول تلك الانتهاكات، حيث تؤكّد المنظمة وجود سجون سرية في المناطق الجنوبية لليمن، وأن بعض السجناء قد يكونون توفوا بسبب التعذيب.
وكانت الأسوشييتد برس قد كشفت في تحقيق سابق في شهر حزيران الماضي، واستندت فيه إلى تقارير جمعتها من معتقلين سابقين وعائلات السجناء ومحامين وحقوقيين ومسؤولين عسكريين يمنيين، عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها الإمارات يخضع فيها المعتقلون لكل صنوف التعذيب اليومي التي تصل إلى حد شواء السجين على النار وأنها تحققت من حوادث اختفاء مئات الأشخاص في هذه السجون السرية بعد اعتقالهم بشكل تعسفي وزج المعتقلين داخل قواعد عسكرية ومطارات وموانئ يمنية عدة وحتى داخل مبان سكنية، مشيرة إلى أنها وثقت ما لا يقل عن 18 سجناً سرياً في جنوب اليمن تحت إدارة الإماراتيين أو مجموعات يمنية شكلتها ودربتها الإمارات.
وحسب ريبيكا هاميلتون، البروفيسور المساعد في الحقوق في الجامعة الأميركية في واشنطن العاصمة، “من الصعب المقاضاة في قضايا جرائم الحرب، وخصوصاً عندما يكون دور الضابط المسؤول مبهماً. إن محاولة إثبات وقوع جريمة حرب هي أمر صعب بحدّ ذاته فما بالك إذا أردت تحميل فرد المسؤولية عن ذلك؟”.
ويسمح قانون جرائم الحرب لعام 1996 بملاحقة ومقاضاة أي “خرق خطير” لمعاهدة جنيف. بيد أن القانون لم يستخدم أبداً، وإن كانت خدمة المواطن الأميركي في جيش غير جيش بلاده تعرّضه لفقدان جنسيته الأميركية، إلا أن الأمر يبدو أكثر تعقيداً، فثمة استثناء إذا ما تمّ الحصول على موافقة من الكونغرس، وهي حالة الجنرال “توماجان”، وغيره.
وتقول هاميلتون: “عموماً، ما دام لدينا قانون يرى الناس أنه لا يطبّق عملياً، فلن يكون لدينا أي رادع. إذا لم يطبق قانون حظر جرائم الحرب فإن هذا من شأنه أن يوصل إشارة إلى من يمكن أن يشارك في أعمال كهذه بأنه لا داعي لأن يقلق”.
وبالتالي، من الواضح أن الاعتماد على المرتزقة، وخاصة من الدول العظمى، يتيح لمن يعتمد عليهم الهروب من الملاحقة القانونية والقضائية، لأن الإدانة هنا ستكون موجهة مباشرة لهؤلاء القادة من المرتزقة الذين ينتمون إلى دول أصلاً تعتبر نفسها خارج المحاسبة.