اقتصادصحيفة البعث

يتناقض مع عملها ومهامها.. معالجة تبعية هيئة البحث العلمي أولوية..ولا بد من ثلاثة كي نستطيع التسويق والاستثمار لبحوثنا

من اطلع على مشروع السياسة الوطنية للبحث العلمي التي أعدتها الهيئة العليا للبحث العلمي، لا يسعه إلاَّ رفع القبعة لمضامينها الطموحة.. ولأصحابها.. لكن دون ذلك الطموح تقبع منغصات ومعوقات قديمة جديدة من شأنها الحؤول وعدم الوصول لترجمة تلك السياسة على أرض الواقع.. رغم كم “الدعم” غير المعلن عنه..!؟ الذي سيذهب هباء منثوراً إن لم تقرن المرجعيات العليا دعمها بفعلها، خاصة لناحية توطئة التشريع الضروري قبل ادعاء الدعم، فقد قيل قديماً: “قبل الرماية تُملأ الكنائن”، واليوم نقول: لا بحوث ومشاريع دون تشريع مكتمل الأركان، وإليكم ما يدلل على ما نقول..
ويعتبر معاون مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي، للشؤون المالية والإدارية والقانونية عبد الكريم خليل، أن تعديل مرسوم تبعية الهيئات عامة وهيئة البحث العلمي خاصة للوزارات ذات الصلة (بعد أن كانت تبعيتها لرئاسة مجلس الوراء)، كان تحولاً سلبياً جداً في عمل الهيئة..

أولوية..
وأكد خليل في تصريح خاص لـ”البعث” أن ما أنف يشكل أحد أولويات الهيئة التي تتطلب المعالجة، كاشفاً عن تشكيل لجنة بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء، من أجل تقديم الصيغة المثلى (أي الصك الأمثل تشريعياً..) لإعادة تعديل وتطوير مرسوم إحداث الهيئة والهيئات البحثية ذات الصلة، وأضاف خليل أن الهيئة التي أُحدثت بالمرسوم 68 لعام 2005، لم يُعدل مرسومها حتى تاريخه، مبيناً أنهم قد وجدوا أثناء التطبيق، أنه من المناسب تعديل مرسومها، حيث أصبح البحث العلمي أولوية في إعادة الإعمار والبناء، ولاسيما مع وجود السياسة الوطنية للعلوم والتقانة التي خصص لها مكتب بمثابة مديرية مستقلة في الهيئة.

يتضارب..!
وأوضح أن إعادة تبعية الهيئة لوزارة التعليم العالي وارتباطها بوزيرها- عوضاً عن تبعيتها وارتباطها برئاسة مجلس الوزراء أو جهة عليا أخرى من ذات المستوى- وتفويض مجلس التعليم العالي بصلاحيات المجلس الأعلى للبحث العلمي، لا يخدم بل يتضارب مع المهام والمسؤوليات الجديدة للهيئة، وهذا برأيه تحول سلبي جداً في عملها.
المقترح..
الخليل، وبغية تصحيح الوضع.. كشف عن تقديمهم (كأعضاء في اللجنة، وهناك أطراف أخرى ممثلة في اللجنة التي يرأسها وزير التعليم العالي)، مقترحاً ركزوا فيه على ثلاث قضايا رئيسة..
أولها أنه لا يمكن للهيئة كهيئة عليا للبحث العلمي، أن تقوم بالتنسيق والتشبيك مع جميع الجهات البحثية بما فيها الجامعات، إذا لم تكن تتبع لجهة عليا كرئاسة مجلس الوزراء، أو أي جهة مماثلة في المستوى والنطاق الإشرافي.
أما ثاني القضايا، فهي أن الهيئة بواقعها الحالي غير مُتاح لها موضوع التسويق والاستثمار في البحث العلمي.. ولتلافي هذا الأمر فلدى الهيئة موازنة داعمة، تقوم بدعم أفضل الأبحاث لجهة أثرها على إعادة الإعمار حالياً وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذه المشاريع أو الأبحاث المدعومة لم تستثمر، ولأجل ذلك نعمل حالياً على مذكرة تفاهم مع هيئة الاستثمار السورية بهدف استثمار هذه الفرص البحثية في إطار الخارطة الاستثمارية التي أعدتها وتحدثها هيئة الاستثمار.

لحين..
ولفت معاون مدير الهيئة إلى أنه -ولحين تعديل مرسوم إحداث الهيئة- إلى وجوب إضافة نص تشريعي يسمح باستثمار وتسويق مخرجات البحث العلمي ولكل المخرجات ولكل الجهات البحثية العاملة في هذا المجال، وكذلك للباحثين في القطاع الخاص العاملين بالبحث العلمي في سورية، ومن ضمن المقترح إحداث وحدة حسابية مستقلة تتيح تأمين وتحقيق موارد ذاتية للهيئة. وكذلك ضرورة إجراء تعديل آخر وهو إمكانية إحداث أقطاب تقانة أو تجمعات تقانية، وفي هذا الإطار أشار خليل إلى أنهم عقدوا ورش عمل واجتماعات نوعية على مستوى سورية، مع جميع الجهات المعنية بما فيها الإدارة المحلية والمدن الصناعية، وطرحوا فكرة بأن يكون هناك تجمع تقاني أسوة ببناء النافذة الواحدة في المدينة الصناعية بعدرا، كونها التجمع الصناعي الأهم، موضحاً أن مثل هذا التجمع تبنيه الإدارة المحلية وتقوم الهيئة العليا للبحث العلمي بتغذية هذا التجمع بالتجهيزات البحثية والمختبرات والباحثين أيضاً، وذلك بهدف الوصول لتحقيق الترابط –إلى حد ما– بين الجهات البحثية بمختلف مكوناتها ومسمياتها وبين القطاعات المنتجة سواء المنتجة للخدمة أو للسلعة بطبيعة الحال، أي أنه سيتم لحظ إمكانية إحداث هذه التجمعات والأقطاب التقانية لإحداث التكامل الفعال بين الأطراف المولدة للأبحاث والمستثمرة لها.

محاولة..!
وبالانتقال إلى القضية الثالثة، أكد خليل أنهم يحاولون في الخطوة التالية، إجراء تعديل بالنظام الداخلي للهيئة.. أي إنهم يحضِّرون أنفسهم لتوسيع ملاك الهيئة لاستقطاب مزيد من الباحثين وتحقيق التشبيك المطلوب.. خاتماً بأن ما تقدم هو أهم النواحي والقضايا التي تحقق التطوير في البنية التشريعية للهيئة العليا للبحث في سورية، وهذا ما يعد الأساس في نهضة بحثية وبمخرجات علمية قابلة للتسويق و للاستثمار والترجمة الواقعية فعلياً بعيداً عن التأطير والتنظير.
قسيم دحدل