الصفحة الاولىصحيفة البعث

أردوغان يكمم أفواه خصومه السياسيين بالغرامات القاسية

 

من الاعتقالات وتضييق الخناق على الحريات والملاحقات القضائية، إلى الغرامات المالية القاسية على المعارضين، يرسم رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الذي دشّن قبل فترة قصيرة ولايته الرئاسية التنفيذية بصلاحيات واسعة، مساراً آخر لقمع وترهيب خصومه السياسيين.
وفي أحدث حلقة من حلقات العقوبات القاسية التي يسلطها النظام التركي على خصومه، قضت محكمة تركية، أمس، بتغريم كمال قليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، بتهمة التشهير بأردوغان وأسرته في قضية تتعلق بتصريحات قال فيها: “إن أسرة أردوغان قامت بتحويلات نقدية دولية للخارج”، رغم أن ذلك ثبت بالأدلة والوقائع.
ورفض أردوغان اتهامات قليجدار أوغلو، وزعم، في تشرين الثاني 2017، “إن أسرته لم ترسل قرشاً إلى الخارج”!.
وتعهّد “سلطان الدواعش”، الذي انتخب لفترة ولاية جديدة قبل نحو ثلاثة أسابيع وأصبح يتمتع بسلطات تنفيذية كاسحة، بمقاضاة قليجدار أوغلو، قائلاً: إنه “سيدفع الثمن”.
وقضت عدة محاكم منذ ذلك الحين بأن يدفع قليجدار أوغلو لأردوغان تعويضات عن الأضرار المعنوية، لكن محكمة حسمت أمرها وحكمت بأن يدفع لـ “السلطان” ومقربين منه تعويضاً قدره 359 ألف ليرة (75 ألف دولار)، وهي أعلى غرامة حتى الآن.
ويعتقد أن الهدف من الغرامة القاسية هي كبح أي تعرّض لأردوغان بأي شكل من الأشكال تحت مسميات قانونية مختلفة من ضمنها “التشهير بالرئيس”، وهي تهمة جاهزة شأنها في ذلك شأن تهمة الإرهاب التي يستخدمها النظام التركي لترهيب معارضيه.
وقالت وكالة أنباء الأناضول، التابعة لأردوغان: إن السلطات فتحت تحقيقاً كذلك بشأن قليجدار أوغلو بعد أن نشر رسماً كاريكاتورياً على مواقع التواصل الاجتماعي يصوّر وجه أردوغان على أشكال عدة حيوانات، ويحمل الرسم تعليقاً يقول “أرض طيب”.
وكان الرسم يشير إلى رسم مشابه استخدمه طلبة من جامعة الشرق الأوسط التقنية التركية للسخرية من أردوغان أثناء حفل تخرجهم في وقت سابق هذا الشهر، واعتقلت السلطات أربعة طلاب بسبب الرسم بتهمة “إهانة الرئيس”.
وإهانة الرئيس جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات في تركيا، ورفع محامو أردوغان أكثر من 1800 دعوى ضد أشخاص في اتهامات مشابهة.
وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان: إن الحكومة التركية لا تتسامح مع الأصوات المعارضة منذ محاولة انقلاب فاشلة في تموز عام 2016.
وشهدت تركيا في العامين المنصرمين حملات تطهير متواصلة، أسفرت عن اعتقال حوالى 80 ألف شخص للاشتباه بارتباطهم بمحاولة الانقلاب أو بـ”الإرهاب”، وعن إقالة أكثر من 150 ألف موظف رسمي أو تعليق مهامهم، وذلك تحت بند قانون الطوارئ، والمنتظر رفعه اليوم.
غير أن المعارضة تخشى أن تستمر عملياً حملات الاعتقالات من خلال قانون جديد لـ”مكافحة الإرهاب”، إذ يسمح مشروع القانون، بحسب وكالة الأناضول الأردوغانية، للسلطات بالاستمرار لثلاث سنوات في إقالة أي موظف رسمي على ارتباط بـ”منظمة إرهابية”، كما أن المسؤولين، الذين تم تعيينهم في ظل حال الطوارئ على رأس شركات يشتبه بارتباطها بـ”منظمة إرهابية”، سيتمكنون من البقاء في مناصبهم لثلاث سنوات إضافية.
وستكون التظاهرات والتجمعات محظورة بعد غياب الشمس باستثناء تلك التي تحصل على إذن خاص، وسيكون بإمكان السلطات المحلية منع الدخول إلى بعض المناطق وتوقيف أشخاص قيد التحقيق لمدة تصل إلى 12 يوماً طبقاً لطبيعة الجرم.
وعند الإعلان عن رفع حال الطوارئ قريباً، شدد المسؤولون الأتراك على ضرورة إقامة إطار تشريعي يسمح على حد قولهم بمواصلة “التصدي بشكل فاعل (…) للمجموعات الإرهابية”!.
وتتهم أنقرة الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة منذ عشرين عاماً، بالوقوف خلف محاولة الانقلاب، غير أنه ينفي أي ضلوع له. وسيتم بحث مشروع القانون داخل لجنة برلمانية اعتباراً من اليوم على أن يطرح للمناقشة اعتباراً من الاثنين في البرلمان.
ويتهم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي)، أكبر الأحزاب المعارضة لأردوغان، الحكومة بالسعي إلى “إرساء حال الطوارئ بشكل دائم” من خلال تدابير “مخالفة للدستور”.
وقال مساعد رئيس الكتلة النيابية للحزب أوزغور أوزيل: “مع هذا النص وما يتضمنه من تدابير، فإن حال الطوارئ لن تمدد لثلاثة أشهر بل لثلاث سنوات”.