اقتصادصحيفة البعث

الوقت هو التكلفة الحقيقية..!

بالتوازي مع ما بتنا نلحظه من تركيز حكومي على الإعمار ضمن سياق الاجتماعات الحكومية الماراثونية، وملتقيات رجال الأعمال المتسارعة، نجد أن مسألة الوقت ووضع برنامج زمني يؤطّر ما يُطرح من رؤى وأفكار ومبادرات تدعم أضخم مشروع استراتيجي في تاريخ سورية الحديث على الأقل، لا تزال غير متبلورة بشكل ينبئ بجدية التعاطي مع الوقت كركن أساسي لإنجاح أي مشروع لا يقلّ أهمية عن عامل التكلفة الأقل التي تعتبر المثقل الرئيسي لاعتماد أي مناقصة حكومية!.

ماذا لو قلبنا المعادلة، واعتمدنا التجربة اليابانية في مجال التعهدات، والتي تركز على عامل الوقت وليس على عامل التكلفة، وخاصة في مجال مقاولات الطرق والعقد المرورية، حيث تقوم الجهة العامة باحتساب التكلفة وهامش الربح لأي مشروع يُطرح كمناقصة، ليتنافس عليه المقاولون عبر تقديم العروض لإنجازه بأقل فترة زمنية ممكنة وليس بأقل تكلفة على اعتبار أنها محسومة نهائياً مع هامش الربح المحدّد من الجهة صاحبة المشروع وضمن المواصفات المطلوبة والمحدّدة وفق دراسات مفصلة.

ما دفعنا حقيقة إلى هذا الطرح هو أن أكثر ما يهمّ المقاول لدى تقدمه إلى أية مناقصة تُطرح من قبل أية جهة عامة هو الربح المتوخى منه، بغض النظر عن التقيد بالبرنامج الزمني المحدّد من الجهة صاحبة المشروع، لذلك كثيراً ما يكتنف المشروع ملابسات بعد البدء بأعماله من جهة التكلفة التي طالما يسعى المقاول جاهداً للتقليل منها بغية الفوز بالمشروع، ليعاود ويعيد النظر بأرباحه متذرعاً بفروقات الأسعار تارة، وبملحقات العقد تارة أخرى!.

ونكاد نجزم بأن هذه الآلية كفيلة بإنجاز أي مشروع وفقاً للمواصفات والمقاييس المطلوبة، كونها تفوت على المقاولين فرصة التلاعب بعروض الأسعار لكسب المناقصة والاهتمام بالبرنامج الزمني، وبالتالي الحدّ من عمليات الدفع من تحت الطاولة بعد الحصول على المشروع بغية تحصيل أكبر قدر ممكن من الأرباح على حساب الجودة، إضافة إلى أن عنصر الوقت يعدّ ضرورياً في مثل هذه المشاريع، لذلك نضع هذا الأمر باهتمام كل من المعنيين بملف الإعمار من جهة، واللجنة المكلفة بتعديل قانون العقود رقم /51/ من جهة أخرى، ليتمّ أخذه بعين الاعتبار كي نخرج أولاً بإعمار خالٍ قدر الإمكان من الهدر والفساد، وثانياً بمشروع قانون عقود عصري يتلاءم ومتطلبات الإصلاح المنشود.

hasanla@yahoo.com