اقتصادصحيفة البعث

أفق استثماري سوري جديد بعهدة ” بزنس محلِّي وعالمي “.. حشد الرساميل لمهمة الإعمار وإشارات إيجابية من شركاء عرب

يفرض التوجه نحو الاستثمار وترسيخه كإستراتيجية وطنية نفسه على قمة سلم أولويات المرحلة، ليس لتعويض ما خسره الاقتصاد الوطني خلال سنوات الأزمة فحسب، بل لتحفيز ما نمتلكه من خامات استثمارية لتوظيفها في قنوات تنمية استثنائية وربما غير مسبوقة في تاريخ اقتصادنا الحديث تحت إطار “الإعمار”، الذي يفرض نفسه أيضاً كحالة وطنية تستوجب حشد كامل إمكانياتنا. ولعلّ مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين دياب وضع إصبعه على أبرز “منغصات” الاستثمار لدى تشخيصه لواقع الأخير خلال مؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين في سورية والعالم أمس، بإشارته إلى حاجة الاستثمار إلى دعامات أهمها البنية التشريعية التي تقونن آليته من جهة، وتضمن حقوق جميع الأطراف من جهة ثانية، وتمنح المزايا بآليات مرنة ومحفّزة للمستثمرين وتساهم في تطوير الاقتصاد الوطني من جهة ثالثة. وعدّ دياب أن تطوير البيئة المؤسساتية وفق المشروع الوطني للإصلاح الإداري لتقديم خدمات عالية الجدوى عبر الأقنية الإدارية والمؤسسات المعنية يدعم العملية الاستثمارية برمتها، ويساهم بكسب ثقة المتعاملين معها، مشدداً على دور المؤسسات المعنية في الاستثمار عبر إعادة هندسة الإجراءات وإعداد دليل إجرائي واضح، ووثيقة اختصار زمن تأسيس المشروع وتسهيل دخوله حيّز التنفيذ.

فرصة ودليل

وبيّن دياب أن الهيئة بصدد طرح فرص استثمارية متنوعة في مجالات الصناعات التحويلية والاستخراجية، والقطاع العمراني والتشييد، والكهرباء والنقل والسياحة والمواصلات، منوهاً بوجود دليل إجرائي لكل منها، وذلك بغية العمل على تذليل كافة الصعوبات والعراقيل التي تمنع قيامها، لتحويلها إلى مشاريع قائمة على أرض الواقع بأقل الإجراءات وأقصر المدد.

تمتين العلاقة

وبهدف تكوين خريطة تنموية وفاعلة تربط بين الفرص الاستثمارية وتحديات الاقتصاد الوطني واحتياجاته، لم تكتفِ هيئة الاستثمار بطرح الفرص الاستثمارية فقط، بل سعت خلال المؤتمر لبناء علاقة طويلة الأمد مع المستثمرين عبر شبكة تواصل مع المستثمرين ورجال الأعمال، ووعدت بتلقف أفكارهم ورغباتهم وترجمتها إلى فرص استثمارية جديدة، ودعمها بكافة المزايا والتسهيلات بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية، إضافة إلى مواكبة جميع مراحل المشروع بداية من الفكرة إلى متابعة المشروع بعد التنفيذ. كما بيّن دياب أن فريق الهيئة الفني وممثلي الوزارات المعنية بالاستثمار سيكون مرجعاً لتقديم المشورة والدعم للمستثمرين، بما يكفل لهم وضوح الرؤية لاتخاذ القرار الاستثماري الأنسب.

رعاية متكاملة

وقدّم دياب ضمن سياق أعمال المؤتمر عرضاً توضيحياً عن آليات عمل الهيئة ورؤيتها الإستراتيجية للارتقاء بواقع الاستثمار، كالعمل على بناء الصورة الذهنية للاستثمار في سورية، والمشاركة مع المعنيين في توفير الخدمات والاستجابة لاحتياجات الاستثمار وفق مشروع الإصلاح الإداري باستخدام تقنيات متطورة لإدارة أنشطة الاستثمار في سورية. كما أشار إلى اعتماد الهيئة لإستراتيجية “الرعاية المتكاملة للمستثمر” بداية من عملية جذبه وصولاً إلى مساعدته في اتخاذ قراره، ومتابعة مشروعة بالرعاية اللاحقة، إذ يتمّ تقديم الخدمات من مرحلة ما بعد تأسيس المشروع وصولاً إلى تنفيذه، إضافة إلى لعب الهيئة دور الوسيط النزيه بين المستثمرين لإعادة إقلاع المشاريع المتوقفة، وذلك بدخولها كوسيط حكومي ما بين القطاعين العام والخاص للمواءمة بين حاجة المشاريع المتعثرة والمتوقفة بسبب غياب التمويل، وبين المستثمرين الباحثين لتوظيف رؤوس أموالهم لإعادة العجلة الاقتصادية لها، كما تعمل الهيئة على دعم صناعة السياسات التي تتمثّل بنقل الملاحظات والتغذية الراجعة من خلال استمارات ترصد آراء المستثمرين ونقلها إلى صنّاع السياسات وأصحاب القرار للخروج بقرارات وإجراءات داعمة للاستثمار.

أرقام

وبيّن دياب أن المرحلة خلال عامي 2014- 2017 كانت مرحلة النهوض الاستثماري، إذ استقطبت الهيئة نحو 219 مشروعاً بتكلفة تقديرية تصل إلى 1775 مليار ليرة، وأنه خلال عام 2017 حصل 333 مشروعاً على التراخيص اللازمة للبدء بالتنفيذ، منوهاً بأن عام 2010 شهد مؤشرات مرتفعة، انخفضت خلال عامي 2011-2013 إلى 278 مشروعاً بتكلفة 35 ملياراً لم ينفذ منها سوى 64 مشروعاً.

عقدة وصل

وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن أكد أن عودة الاستثمار إلى سورية وتعافيها الاقتصادي يمثّل مصلحة عربية ومصلحة عليا للبنان، إذ تشكل سورية عقدة وصل للطرق وشبكات الغاز والكهرباء وشبكات اقتصادية بسبب موقعها الجغرافي والسياسي والاقتصادي، ولم يتوانَ الحاج حسن عن دعوة رجال الأعمال اللبنانيين ليكونوا شركاء في مرحلة إعادة الإعمار، مضيفاً: إن الاستثمار في سورية سيمهد لبناء المستقبل للعالمين العربي والإسلامي، وأن مشاركتهم في سورية ستضمن الانفتاح الاقتصادي للبنان على كل دول العالم.

حشد الطاقات

بدوره دعا رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس إلى حشد الطاقات العلمية والخبرات الصناعية والاقتصادية، وإصدار التشريعات المتجاوبة في هذه المرحلة المهمّة ليكون لها دور فعّال في جذب المستثمرين العرب والأجانب للمساهمة في عملية النمو الاقتصادي، نظراً لكون المرحلة القادمة تحتاج إلى التعاون الفعّال بين جميع الطاقات المحلية والأجنبية لتطوير الصناعات الإستراتيجية. وبيّن الدبس أن سورية ستكون المكان الأنسب للاستثمار كونها تشكل صلة وصل لدول شرق البحر الأبيض المتوسط نظراً لموقعها السياحي والتاريخي والحضاري، وتمتعها بالموارد النفطية والغازية والخبرة الصناعية التي انعكست على منتجاتها وأثبتت وجودها في جميع دول العالم.

لقاءات جادة

بدورها طالبت سيدة الأعمال مروة الأيتوني فسح المجال أمام أصحاب المشاريع الخاصة الراغبين بالمشاركات في طرح المشاريع الاستثمارية، ومعالجة المعوقات أمام هذه المشاريع الاستثمارية بوجود أصحاب القرار، كما لفتت إلى أهمية وجود لقاءات جادة مع المستثمرين الراغبين في الاستثمار من رجال الأعمال والقطاع الخاص والجهات المعنية.

فاتن شنان