الصفحة الاولىصحيفة البعث

علم الوطن يرتفع في المسيفرة.. والقنيطرة تحتفل بالانتصار الجيش يسيطر على الشجرة ويتقدم في عابدين.. والانهيارات تسود “داعش”

باتت قواتنا المسلحة قاب قوسين أو أدنى من إعلان ريف درعا خالياً من الإرهاب، حيث حررت أمس بلدة الشجرة، المعقل الرئيسي لإرهابيي داعش، في حوض اليرموك بعد عملية عسكرية مركّزة قضت خلالها على آخر تجمعات إرهابيي التنظيم هناك، فيما حققت وحدات أخرى تقدماً كبيراً في قرية عابدين إلى الغرب من بلدة الشجرة وسط حالة الانهيار بين صفوف الإرهابيين بعد محاصرتهم من الجهات الثلاثة المؤدية إلى ما تبقى من قرى على تخوم الجولان المحتل وقرب الحدود مع الأردن وتكبيدهم خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد، ما يشكل عاملاً رئيساً لسقوطهم خلال الأيام القليلة القادمة.

وإيذاناً بعودة الحياة الطبيعية شهدت بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي  أمس تجمعاً شعبياً حاشداً، تم خلاله رفع العلم الوطني في الساحة الرئيسية، وردد الأهالي هتافات تحيي بطولات الجيش، وتؤكد الوقوف إلى جانبه في حربه على الإرهاب. في وقت تجمّّع العشرات من أبناء قرية عين التينة والمزارع التابعة لها بريف القنيطرة دعماً لانتصارات الجيش وإعادته الأمن والاستقرار إلى مدينة القنيطرة وعشرات القرى والبلدات في المنطقة الجنوبية.

وفي التفاصيل، دخلت وحدات من الجيش بلدة الشجرة بريف درعا الشمالي الغربي من محورين اثنين، الأول من جهة قرية عابدين شمال غرب البلدة، والآخر من جهة تل غيتار وعين غزالة إلى الشرق والشمال الشرقي منها، وخاضت اشتباكات قوية خلال الساعات الماضية مع الارهابيين انتهت بتحرير البلدة.

وبيّنت مراسلة “سانا” أن العملية المركّزة نفذتها الوحدات المقاتلة في المنطقة بتكتيك خاص، أفقد التنظيم الإرهابي القدرة على المناورة، وحطم جميع خطوط الصد، وتعاملت بالشكل المناسب مع المفخخات والإرهابيين الانتحاريين الذين حاولوا استهداف وحدات الاقتحام لوقف تقدمها، لافتة إلى أن الإرهابيين تكبدوا خسائر كبيرة بالآليات والعتاد والأفراد.

إلى ذلك حققت وحدات الجيش تقدماً كبيراً في قرية عابدين إلى الغرب من بلدة الشجرة المعقل الرئيس للتنظيم التكفيري في منطقة حوض اليرموك، وأشارت المراسلة إلى أنه بعد إحكام وحدات الجيش السيطرة على قرى وبلدات صيصون والعوام وجملة وعين حماطة وأبو رقة وأبو خرج والنافعة وسد النافعة وإقامة نقاط تثبيت وخطوط دفاع فيها تقدمت وحدات الجيش من الجهة الشمالية الشرقية باتجاه نقاط انتشار وتحصينات إرهابيي تنظيم داعش في قرية عابدين، وبيّنت أن اشتباكات عنيفة تخوضها مجموعات الاقتحام بعد تمهيد ناري مناسب في شوارع ومداخل قرية عابدين بالتوازي مع اشتباكات متواصلة مع إرهابيي التنظيم في محيط وأطراف بلدة الشجرة ورمايات مدفعية على نقاط انتشار وتحصن الإرهابيين في المنطقة المحيطة لقطع خطوط الإمداد عن الإرهابيين من قرى كويا ومعرية وبيت اره آخر معاقلهم في درعا.

هذا وتواصل وحدات الهندسة في الجيش تمشيط القرى والبلدات التي حررتها من الإرهاب خلال اليومين الماضيين لرفع المفخخات ومخلفات الإرهابيين للحفاظ على حياة المدنيين الذين يعودون بالمئات يومياً إلى حقولهم ومزارعهم ومنازلهم للبدء بحياة آمنة ومنتجة.

في غضون ذلك شهدت بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي تجمعاً شعبياً احتفاء بانتصارات وبطولات الجيش العربي السوري الذي بات قاب قوسين أو أدنى من إعلان المحافظة خالية من الإرهاب، ورفع أهالي البلدة الذين احتشدوا في ساحة الشهداء علم الجمهورية العربية السورية على سارية بعد تحرير البلدة وتأمينها من قبل وحدات الجيش وعناصر الهندسة وعودة الوحدات الشرطية إلى مقراتها تمهيداً لعودة الخدمات الأساسية ومؤسسات الدولة.

الأهالي عبّروا عن ارتياحهم الكبير لعودة الأمن والاستقرار بعد دحر الإرهابيين وعودة المواطنين لممارسة حياتهم الطبيعية، مجددين دعمهم لعملية البناء وإعادة الإعمار، ومؤكدين أن السوريين منتصرون على الإرهاب لا محالة، وستكون محافظة درعا خالية من الإرهاب قريباً بفضل تضحيات الجيش العربي السوري الذي يدك تحصينات الإرهابيين في آخر معاقلهم بحوض اليرموك.

محافظ درعا محمد خالد الهنوس، أشار في تصريح للصحفيين إلى أهمية العمل التشاركي بين الدولة والمجتمع المحلي في مجال إعادة الإعمار وعودة مؤسسات الدولة وإعادة بناء الإنسان ومحاربة الفكر الظلامي التكفيري الذي حاول الإرهابيون نشره لطمس كل بارقة إبداع أو تطور لدى الأجيال القادمة.

وأشار رئيس مجلس البلدة عبد الإله الزعبي إلى أن البلدة تعيش عرساً وطنياً بعد عودة الأمن والاستقرار ودحر الجيش للتنظيمات الإرهابية، مؤكداً أن أهالي البلدة يفتحون الآن صفحة جديدة عنوانها الأمن والحياة المستقرة والعمل والإنتاج، ودعا الزعبي إلى الإسراع بالتسويات ليستطيع الطلاب الجامعيون الالتحاق بجامعاتهم والشباب بالخدمة الإلزامية والاحتياطية، مؤكداً ضرورة إعادة تأهيل المدارس قبل بدء العام الدراسي وتأمين الخدمات الأساسية ودعم البلدية مادياً لتتمكن من إزالة آثار الحرب.

ولفت النقيب نسيم حسين المكلف بتسيير أمور ناحية المسيفرة إلى التعاون ما بين الوحدات الشرطية والأهالي، حيث عادت الوحدات الشرطية لممارسة عملها بشكل طبيعي، وتنظم الضبوط الخاصة بالولادات والبطاقات الشخصية وغيرها. شارك في التجمع الشعبي أمين فرع درعا للحزب الرفيق حسين الرفاعي.

في الأثناء تجمّع العشرات من أبناء قرية عين التينة والمزارع التابعة لها بريف القنيطرة دعماً لانتصارات الجيش العربي السوري وإعادته الأمن والاستقرار إلى مدينة القنيطرة وعشرات القرى والبلدات في المنطقة الجنوبية، ورفع المشاركون في التجمع أعلام الوطن مرددين الهتافات التي تحيي الجيش العربي السوري الذي يحقق النصر تلو الآخر على المجموعات الإرهابية المرتبطة بالكيان الصهيوني، ويعيد الأمن والأمان إلى القرى التي عانت من ويلات وجرائم الإرهابيين، ودعا المشاركون في التجمع الشباب الذين حملوا السلاح إلى الإسراع بتسليم سلاحهم وتسوية أوضاعهم، مؤكدين أن الجيش هو حامي الأرض والعرض وأن جميع أبناء القنيطرة يلتقون تحت العلم العربي السوري.

ودخلت وحدات من الجيش خلال الأيام الماضية إلى معظم القرى التي كان الإرهابيون ينتشرون فيها في ريف القنيطرة، وبدأت الانتشار في أرجائها بعد طرد الإرهابيين وتطهيرها من مخلفاتهم.

من جهة ثانية اعتدت مجموعات إرهابية تتحصن في منطقة الراشدين في أقصى جنوب غرب مدينة حلب بالقذائف على حيي الحمدانية مشروع 3000 شقة السكنيين المجاورين ما تسبب باستشهاد مدنيين اثنين وإصابة 6 آخرين بجروح متفاوتة.

وبعد إعادة الجيش الأمن والاستقرار إلى عدد كبير من قرى ريف القنيطرة تشرق عينا حسين ابن بلدة الرفيد بريف المحافظة بالأمل، وهو يفكر بحلمه الذي غاب عنه لسنوات بأن يصبح مهندس معلوماتية بعد أن لفظت بلدته خمس سنوات من الإرهاب مع دخول الجيش العربي السوري قريته الواقعة على مشارف الجولان السوري المحتل في أقصى الريف الجنوبي للقنيطرة.

يجلس حسين 18 عاماً على صخرة متحدثاً لمراسلة سانا: “من صغري كنت أحلم أن أكون مهندساً في اختصاص المعلوماتية”، ويضيف كاشفاً عن قلق يراوده .. “أخشى ألا أحقق حلمي لأننا بالصفوف الماضية .. كنا نسلك حالنا .. نقص في الكادر التدريسي لمواد الانكليزي والفرنسي والفيزياء والكيمياء .. أستاذ مادة اللغة العربية أصبح يعلمنا اللغة العربية إضافة إلى الدورة النفسية التي عشناها في ظل الإرهابيين”.

وإذا كان حسين نجا من التورط بحمل السلاح فإن محمد زميله وابن بلدته انزلق، وهو طفل إلى هذا النفق المظلم الذي يحاول اليوم الخروج منه بالانخراط بالتسوية وتسليم سلاحه، ويبرر محمد ما آلت إليه حياته بالقول: “كان عمري 14 سنة تركت المدرسة وحملت السلاح .. كنا صغاراً. . حاصرونا لم يبق ما نأكله .. صاروا يعطونا مصاري ومعونات غذائية .. قالوا لنا رح تطلعوا عالجنة .. يبتسم بسخرية وكأنه اكتشف ما دبر له من قبل الإرهابيين.. ضحكوا علينا .. يتوقف محمد 19 عاماً قليلاً عن الكلام قبل أن يتابع .. الآن عرفنا أن الجيش على حق.. يا ريت حصل هذا الأمر من زمان”.

محمد فنيش، أستاذ اللغة العربية في مدرسة القرية، قال: “حرصنا بما بقي من مدرسين على استمرار العملية التعليمية والالتزام بالمنهاج الذي يدرس في كل مدارس سورية”.

ويكشف فنيش عن محاولات جرت لتغيير المنهاج التدريسي في السنوات الماضية من قبل منظمات أردنية كانت تدخل القرية بحماية الإرهابيين “لا أعرف ما اسمها لأنني لم أرغب بالتعرف عليها .. جلبوا كتباً إلى المدرسة، لكن الإدارة رفضت قبولها ورمتها خارجاً”، مؤكداً أن الكتب كانت تصل من بلدة خان أرنبة التي بقيت في ظل الدولة.

ويقول نصر الطحان الذي ظل مواظباً على عمله في دائرة الأحوال المدنية في خان أرنبة: إن الإرهابيين عزلوا القرية عن محيطها وأغلقوا الطرقات وحاول كيان العدو الإسرائيلي بشتى الوسائل أن نتعامل معه، لكننا رفضنا بشكل قاطع رغم كل الضغوط بالحصار ومنع وصول المواد التموينية، مشيراً إلى أن الأهالي اعتمدوا على أرضهم بزراعة المحاصيل وعلى تربية المواشي من أبقار وأغنام ودواجن.

وتقع بلدة الرفيد في السهل الممتد على أطراف تل الفرس المحتل بالقطاع الجنوبي من القنيطرة، وكان العدو الإسرائيلي دمرها عام 1967 قبل تحريرها في حرب تشرين التحريرية، وتم تشييد 300 شقة سكنية، وما زالت البلدة تحتفظ بآثارها الرومانية التي تذكر بأهمية موقعها.

ولا تبدو معضمية الشام اليوم كبلدة خارجة من أزمة أو حرب عبارة يرددها الكثيرون من المدينة بعد عامين من تحقيق المصالحة فيها، والكل يتحدث عن انتظام إيقاع الحياة في البلدة التي عادت لنشاطها وحيويتها بعد عودة الأمن والأمان إليها منذ أواخر عام 2016.

النتائج الإيجابية للمصالحات الحاصلة في المدينة أتت ثمارها على المدى الطويل، ويظهر ذلك جلياً بزيادة الكثافة السكانية خلال ما يقارب العام ونصف العام وفق تصريح رئيس بلدية المعضمية المهندس بسام سعدى الذي أوضح أن الأهالي الذين غادروا البلدة نتيجة الأعمال الإرهابية عادوا إليها بشكل تدريجي بعد عودة الاستقرار وتوافر مختلف الخدمات.

وبالنسبة للقضايا الخدمية أشار سعدى إلى أن فتح الطريق من المعضمية باتجاه العاصمة دمشق وبالعكس أعاد النشاط وسمح بإدخال المواد الغذائية والتجارية ومواد البناء وكل مستلزمات الحياة، لافتاً إلى أنه على الجانب الآخر تم تجهيز المدارس وتهيئة البنى التحتية وصيانة شبكات الكهرباء والهاتف والانترنت وتأمين خدمات النظافة عدة مرات يومياً وإنارة جميع الطرق الفرعية وتجهيز المستوصف بالأدوات والأدوية المناسبة.

وفيما يتعلق بصيانة شبكة المياه في البلدة أوضحت المهندسة راميا زين الدين من وحدة مياه معضمية الشام أنه تم إصلاح وصيانة الشبكة السابقة ووضعت في الخدمة لتضخ المياه إلى منازل البلدة بشكل كامل، مبينة أنه في حال ورود أي شكوى عن تسرب أو عدم وصول المياه إلى منطقة ما تقوم الورشة بالإصلاح الفوري، وأشارت إلى أنه تمت إعادة تأهيل الآبار في منطقتي الحالول والسلالم التابعتين للبلدة إضافة إلى تجهيز 5 آبار وتجربتها الآن لضخ المياه بما يحقق تغذية كاملة للمدينة.

من جهة أخرى أشار مدير خط السير بمعضمية الشام محمد قويدر إلى توفر 40 وسيلة نقل سرفيس لتخديم المواطنين بالإضافة إلى باص كبير، موضحاً أنه سيتم قريباً تزويد الخط بباصات جديدة لتلبية احتياجات العدد الكبير من الأهالي على خط السير.

وبالنسبة للأعمال الزراعية لفت المهندس عبد الرحمن ادريس رئيس الوحدة الإرشادية إلى وجود تحسن كبير بالأعمال الزراعية في البلدة، حيث تم تعويض ما تم قطعه أو اقتلاعه من غراس نتيجة الأعمال الإرهابية سابقاً بزرع 8500 شجرة حتى الآن، وبما يخص القطاع الحيواني تم تأمين 1200 رأس من الأبقار و 1600 غنم و 800 ماعز.

سياسياً، أكد عضو مجلس النواب المصري أيمن فؤاد المهدي أن الجيش العربي السوري يتصدى للتنظيمات الإرهابية بكل مسمياتها، ويواجه المخطط العدائي الذي يستهدف سيادة سورية وأمنها، وحقق الكثير من الانتصارات في هذا السياق.

وأشار المهدي في تصريح لمراسل سانا في القاهرة إلى وجود دول وكيانات تمول وتدعم التنظيمات الإرهابية التكفيرية في سورية، منوهاً في الوقت ذاته بعمليات الجيشين العربي السوري والمصري لمكافحة الإرهاب والتصدي له.