دراساتصحيفة البعث

تهديدات ترامب لتركيا.. ما مدى جديتها؟

 

ترجمة: هيفاء علي
عن ريزو انترناسيونال 29/7/2018

جرت العادة أن يهدّد ترامب دولاً أخرى، وألاّ يُؤخذ تهديده على محمل الجد. فقائمة الدول المهدَّدة اليوم تتضمن كوريا الديمقراطية، ألمانيا، كندا، الصين، فنزويلا، باكستان، سورية، إيران، وتركيا. لا يميّز ترامب بين الأعداء، الخصوم، الأصدقاء والحلفاء. تركيا حليفة الناتو وأكثر دولة مهدّدة من قبل إدارته، فقد وجه ترامب ونائبه مايك بنس إنذاراً عنيفاً لتركيا عبر تويتر: “إذا لم تطلق أنقرة سراح الراعي الإنجيلي الأمريكي اندرو برونسون، حالاً، فعليها أن تكون مستعدة لتحمل النتائج… والتي ستكون على شكل عقوبات كبيرة”.
يعيش القس الأمريكي، اندرو برونسون، في تركيا منذ 23 عاماً وقد تمّ اعتقاله بتهمة التجسس والتورط في محاولة الانقلاب التي كانت ترمي للإطاحة بأردوغان. وربما تأمل الحكومة التركية بتسوية ما حول مبادلة برونسون بـ الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا، والذي تعتبره أنقرة العقل المدبر لمحاولة الانقلاب تلك. وعليه، تصرّ أنقرة على تسليم غولن بينما تتجاهل واشنطن الأمر، ما يجعلها مسألة معقدة على اعتبار أنه كان لغولن علاقات وثيقة في الماضي مع السي أي إيه.
من جهتها، تجاهلت تركيا التهديد الأمريكي الأخير، ومع ذلك يعتبر ترامب بأن المسيحيين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، يلعبون دوراً مهماً على الصعيد السياسي، وتبني موقف صارم إزاء قضية اعتقال برونسون يساوي بالنسبة له كسب مودة هذه الشريحة. روني فويد، الرئيس السابق لميثاق تعميد الجنوب، أطلق الإشارة التالية لاستقطاب جهود البيت الأبيض: “أشكر الله على وجود إدارة تحارب من أجل حرية الأديان كما يأمل مؤسسو الإمبراطورية”.
تهديد ترامب الأخير وضع أردوغان في مأزق حرج، ذلك أن إطلاق سراح القس الأمريكي دون تسليم فتح الله غولن يعني الهزيمة وكسر العظام، لأن أردوغان حريص كل الحرص على أن يبدو بصورة الرجل القوي. ويتعيّن عليه التساؤل فيما إذا كان ترامب جاداً بتهديده وإنذاره حول تحرير برونسون. إذ يستخدم ترامب إستراتيجية حافة الهاوية، فمعه لايدري المرء ما الذي سيحدث. ولكن ربما يكون أردوغان أكثر من مجرد ورقة رابحة في “فن البزنس”، فأثناء لقاء جمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة البريكس في جنوب أفريقيا، أضاف أردوغان باحتقار أن ترامب عبّر عن حقده الحقيقي بإنذاره هذا، الذي من شأنه أن يعمل على تقارب تركيا مع روسيا في وقت قريب. والسؤال المطروح الآن: هل بوتين معنيّ بتحول العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا؟ ما من إجابة سهلة على هذا التساؤل. ومن الآن فصاعداً، لا يرى أردوغان أي ضرر في اللعب بلعبة ترامب ضد بوتين، فبعد كل شيء بوسع بوتين التمسّك بشن الهجوم على إدلب. ومع ذلك، ربما يكون لدى ترامب هذه المرة النيّة لتنفيذ تهديده وفرض عقوبات على تركيا، إذ يبدو أن صبر الولايات المتحدة على تركيا قد نفد، ولم تعد تركيا دولة “محورية” في استراتيجيات الولايات المتحدة الخاصة بالشرق الأوسط نظراً لفتور العلاقات التركية-“الإسرائيلية”، وتوجه أردوغان نحو روسيا وفقدان الثقة في العلاقات التركية-الأمريكية. فقد رفض أردوغان التهديدات الأمريكية بالعقوبات وأكد عزمه شراء نظام الدفاع المضاد للصواريخ “S-400” من روسيا. الأسبوع الماضي، رفض أردوغان دون مواربة سعي واشنطن الرامي إلى حث تركيا على تقليص وارداتها من النفط القادم من إيران.