اقتصادصحيفة البعث

احتياطي.. وضرورة التحوط؟!

 

 

يمثّل احتياط النقد الأجنبي -في مطلق دولة واقتصاد- الفرق بين ما تقبضه أيّة دولة وما تدفعه من عملات أجنبية. ويظهر بشكل تفصيلي في ميزان المدفوعات ومصادر العملات الأجنبية، وفي طليعتها قيمة صادرات الدولة من السلع والخدمات المختلفة.
وعادة ما يتمّ قبض قيمتها بالعملات الأجنبية، وكذلك بالنسبة لدخل السياحة وتحويلات العاملين في الخارج والمساعدات والقروض، وتدفق الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة أو السندات الصادرة من الحكومة والتي يتمّ تغطيتها من مستثمرين في الخارج بالعملات الأجنبية.
أما مدفوعات الدولة فهي عكس مقبوضاتها أي قيمة وارداتها، ونفقات السياحة الخارجية، والاستثمار خارج حدود الدولة، وتسديد أقساط القروض وفوائدها والمساعدات التي تدفع للخارج. وعندما تتفوق عائدات أي بلد على مدفوعاته، يضاف الفائض إلى الاحتياطات. أما إذا حصل العكس فيتمّ تمويله من رصيد الاحتياط، ما يؤدي إلى تراجع قيمته.
لذلك فقوة الاحتياط الأجنبي لأي دولة واقتصاد وأهميته، تأتي من حيث إيجاد قاعدة قوية من العملات الأجنبية، تحدّ من نسبة انكشاف الاقتصاد الوطني على الأخطار الخارجية، إضافة إلى أهميتها في تعزيز السياسة النقدية ودعم سعر صرف العملة الوطنية، وزيادة ثقة الأسواق بقدرات الاقتصاد.
والدولة التي تمتلك احتياطات عالية يمكنها الوفاء بالتزاماتها ومديونياتها الخارجية، ما يساهم في تعزيز تصنيفها الائتماني، إضافة إلى أن الاحتياطات الأجنبية، تعدّ مقياساً للملاءة المالية التي يتمتّع بها أي اقتصاد، وتساعد الدول على القيام بعمليات التبادل المختلفة.
ومن المسلّم به أن الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، يساهم في زيادة الاحتياطات الأجنبية، نتيجة تدفق الاستثمار الأجنبي، سواء المباشر أو غير المباشر، وأموال المغتربين واستمرار تدفق السياح، الأمر الذي يعزّز سعر صرف العملة الوطنية، والعكس صحيح.
مما تقدّم من معلومات لا يختلف حولها اثنان، نعتقد أنه قد آن الأوان، ليس للإعلان عن حجم احتياطاتنا الأجنبية، بل للإجابة عن عدم القدرة على تحسين المستوى المعيشي للمواطن السوري وخاصة للعاملين في القطاع العام، ولاسيما بعد أن أثبتت الدولة قدرة ملفتة على الإنفاق في مختلف المجالات، وتقديمها للعديد من التسهيلات الاستثمارية، وإعفائها للكثير من الفوائد على القروض وغيرها، وكذلك دعمها للعديد من القضايا التنموية، رغم ما كان سائداً من أوضاع؟!.
كما نودّ الإجابة حول إمكانية تحديد المرحلة التي وصلنا إليها من استقرار، لأن مثل هذا التحديد يشكّل رسالة طمأنة لقطاع المال والأعمال للإقبال على الاستثمار، بعدما أظهرت الدولة قوتها الإنفاقية.
ولعلّ طلبنا هذا فيه من المنطقية الواقعية، ما يفنّد أي مبرر لعدم التجاوب مع ما طرحنا، والتي تشي ظواهر الأمور عكس بواطنها، والبواطن تؤكد أننا دولة قوية، والمحيّر ألا يُقوَّى المواطن دخلاً ومعيشة، خاصة بعد أن وصل الأخيران حداً لم يعد يُحتمل، فالحكمة تشدّد وأكثر من أي وقت سبق، على ضرورة التحوط القصوى؟!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com