الصفحة الاولىصحيفة البعث

العلاقات التركية الأمريكية من سيئ إلى أسوأ

 

تمر العلاقات الأمريكية التركية بأخطر أزمة دبلوماسية، بعد قرار واشنطن فرض عقوبات على وزيرين تركيين على خلفية احتجاز قس أميركي، وتوعّد أنقرة بالرد، إذ وافق الكونغرس الأمريكي، أمس، على قرار تأخير تسليم مقاتلات “إف 35” إلى تركيا، رداً على عزم الأخيرة شراء منظومة “إس 400” الصاروخية من روسيا.
وذكرت صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية، أن القرار أدرج على ميزانية الدفاع الأمريكية في 2019، ووافق عليه الكونغرس.
ودعا وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، في وقت سابق، الكونغرس إلى التخلي عن قرار تأخير التسليم، مبيناً أن “تركيا شريك في برنامج تصنيع مقاتلات (إف 35)”.
وحذّرت مساعدة وزيرة الخارجية بالوكالة للشؤون السياسية العسكرية تينا كيدانوو تركيا الأسبوع الماضي، من “الجانب الخطير” من الصفقة المقترحة لشراء أسلحة روسية مضادة للصواريخ، قائلة: إن “العقوبات التي يفرضها الكونغرس على الاتفاقية لن تكون إلا البداية إذا أصرت أنقرة على ذلك”، وأضافت: “نريد أن نتأكد من أن الأنظمة التي حصل عليها حلفاؤنا، تبقى داعمة لحلفائنا”.
وتسلّم سلاح الجو التركي أول طائرة من مقاتلات “إف 35″، لكنها ستظل في الولايات المتحدة حتى انتهاء تدريب الطيارين الأتراك عليها.
ويأتي قرار الكونغرس، بالتزامن مع فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، على خلفية قضية القس الأمريكي أندرو برونسون، الذي يحاكم في أنقرة بتهم التجسس والإرهاب، وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز: “نعتقد أنه كان ضحية معاملة ظالمة وغير مبررة من جانب الحكومة التركية”، معلنة العقوبات بحق المسؤولين التركيَين، فيما أوضحت وزارة الخزانة الأميركية أنه تمت مصادرة ممتلكات الوزيرَين التركيَين وأصولهما، ومنعت إدارة دونالد ترامب أيضاً أي مواطن أميركي من القيام بأعمال معهما.
وردّت أنقرة على هذا القرار، والصادر بعد تسارع تصعيد التوتر في الأيام الأخيرة، بغضب متوعّدة بفرض عقوبات “مماثلة” بشكل “فوري”، وعلّقت وزارة خارجية النظام التركي في بيان: “لا شك في أن هذا سيضر بشكل كبير بالجهود البنّاءة التي تُبذل لحل المشاكل بين البلدين”، وأضافت: “سيكون هناك رد فوري على هذا الموقف العدائي الذي لا يفيد بشيء”، حسب قولها.
وهذه المواجهة هي إحدى أسوأ الأزمات الدبلوماسية بين البلدين منذ الأزمة التي أثارها احتلال تركيا للقسم الشمالي من جزيرة قبرص في عام 1974.
وأثّر إعلان العقوبات الأميركية على العملة التركية، التي تراجعت إلى أدنى مستوى تاريخي لها عند خمس ليرات للدولار.
وشهد النمو الاقتصادي في تركيا تراجعاً ملحوظاً، وانخفض سعر صرف الليرة التركية بسبب فضائح الفساد والرشاوى التي تورّط فيها رئيس النظام رجب طيب أردوغان ووزراء ومقربون منه والتي أدت إلى انخفاض ثقة المستثمرين بتركيا وتراجع الاستثمارات.
وكان تهديد الرئيس الأميركي ونائبه مايك بنس الأسبوع الماضي بفرض عقوبات صعّد التوتر وأثار القلق في الأسواق المالية.
وتلقي قضية برونسون بظلالها على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة منذ عامين تقريباً، فقد أوقف القس، المتحدّر من كارولاينا الشمالية، في تشرين الأول 2016 في إطار عمليات التطهير التي أطلقتها السلطات التركية بعد محاولة الانقلاب في تموز من العام نفسه.
وينفي برنسون، المقيم منذ نحو عشرين عاماً في تركيا، حيث يشرف على كنيسة صغيرة، كل الاتهامات الموجهة إليه، وهو يواجه إمكان الحكم عليه بالسجن حتى 35 عاماً في إطار القضية التي بدأت في نيسان الماضي.
وتضفي هذه القضية مزيداً من التوتر على العلاقات الصعبة أصلاً بين واشنطن وأنقرة بسبب وجود الداعية فتح الله غولن في الولايات المتحدة، والذي يتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب عليه في صيف 2016.