صحيفة البعثمحليات

يعرفون من يختارون

 

لم يكن الاختلاف والتغيير يوماً إلا نذير عافية على أعمدته تُشيّد البنى وتُعمّر البلدان، فالتعارض في الرأي والأفكار يدفع إلى التوحد فيزيائياً ومنطقياً، ولا ضير في التنوع مادام التوحد على الوطن قائماً تُرمى على أساسه كل الجزئيات والتفاصيل الصغيرة أمام الاستحقاقات الوطنية الكبرى والمتوسطة وحتى الصغيرة.
يوماً بعد يوم نقترب من الحدث الاستثناء في تاريخ البلد المتجسّد بانتخابات الإدارة المحلية، والأمل يحدو الجميع بأن القادمات ستكون أفضل في ظل استعداد غير مسبوق للخلاص من طاحونة الحرب التي تركت “دملة” لا يتقن إزالتها غير “الطب المحلي بأدواته الشعبية”، لتغدو صناديق الاقتراع الحلّ الأسلم للتعبير عن إرادة المواطن الذي يريد سلطات محلية مباشرة تحترم فضيلة الانتصار، وتساهم في معيشة طبيعية تتقاطع على الأقل مع المستوى الذي كان متوفراً قبل الأزمة والذي يشعر بالحنين لها بكل واقعية وليس بنرجسية “الوقوف على الأطلال”.
ألف باء استذكار ماضي ما قبل الأزمة يتداولها ويشعر بها المواطن بكل انتماءاته وتوجهاته السياسية والاقتصادية والثقافية ولا تحتاج للكثير من التسويق، فهي حاضرة بقوة مع مطلع كل يوم وفي كل منحى ونشاط لتطفو المقارنة وأوجه الاختلاف الواضح والشبه البعيد بين اليوم والأمس والصراحة أن كل شيء يدفعك للقول “رزق الله” على تلك الأيام!.
لا نحتاج لكثير من التقصي لاستشفاف ما يطلبه الجمهور من مرشح الإدارة المحلية القادم بهمّته وحملته وبرنامجه لحين الموعد المحدّد للانتخاب المأمول، فالذي يُجمع عليه السوريون بلا استثناء يتجسّد أولاً بنعمة الأمن والأمان التي تحضر هذه الأيام على أيدي “النفوس الأباة”، ما يذكّرنا بأيام العز عندما كانت تخرج المرأة للتجول منتصف الليل في أقصى حارة بأبعد حيّ كحال الجميع في المحافظات الأربع عشرة كلها.
والمطلب الثاني تأمين وسائل ومنافذ الإجراءات والمصالح التي تدعم العيش بيسر يخلو نوعاً من الغلاء الفاحش والارتكابات غير المقدور على تجاوزها في ظل ضيق الحال وفقر ذات اليد، ولاسيما أن الصورة المعروفة أن على هذه الأرض فقط تستطيع أن تعيش ولو فقيراً، ففي سورية لا مكان للجوع والفقر المدقع “لولا لعنة الحرب”، إن شئت كنت تأكل سندويشة بعشر ليرات فقط وفي أحوال أحسن تناول وجبة بـ 100 ليرة لا غير، لتنقلب الآية في غضون سنوات الأحداث لتصبح السندويشة بـ 200 ليرة والعشرة لا تقبل التداول حتى بين الأطفال؟!.
في ميزان المقارنة بين المرشحين والشخوص لا بون شاسعاً من حيث حق المشاركة وتقديم الذات، ولاسيما أن جعبة الإنجاز تختزن قيماً مضافة كبيرة لمؤسسات الدولة وأذرعها القوية، في وقت تكتنز البلد بأناس يستحقون أن يترشحوا وينتخبوا، كما أن في كل الميادين ثمّة شواهد على أن العودة إلى صورة البلد كما كانت عليه مع قدر من الاستفادة من درس الحرب ومسبّباته أضعف إيمان ما يطلبه المواطن من مرشح الانتخابات المحلية القادمة.
وبعيداً عن الإملاء والإقناع والتسويق وحملات الدعاية يعرف السوريون تماماً من يختارون لمستقبلهم لأن الشمس لا يحجبها غربال.
علي بلال قاسم