اقتصادصحيفة البعث

التجار غاضبون..!

بدلاً من أن يخجلوا من فعلتهم ببيع المواد الغذائية المهربة ومواد التجميل بماركات مزورة.. التجار غاضبون من دوريات الرقابة لأنها تدهم محلاتهم وتغلقها أحياناً..!

وفي اجتماعهم الأخير مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك خاطبوا الوزير بجرأة: حسناً تريدون مصادرة مهرباتنا.. صادروها.. لكن لا تغلقوا متاجرنا..!

ما ترجمة هذه الجرأة الممزوجة بالغضب..؟!

إنها تعني مطالبة وزارة التجارة الداخلية بشرعنة بيع المهربات من جهة، وقبول التجار بإجراء الحد الأدنى ضدهم من جهة أخرى، أي بمصادرة المهربات فقط دون أي عقاب بحق المتاجرين بها وفق الأنظمة النافذة..!

وليحقق التجار الغاضبون مطلبهم ببيع المهربات حولوا الاجتماعين الأخيرين  بالوزير في غرفتي تجارتي دمشق وريفها إلى جلستين للضغط عليه كي تتوقف دوريات الرقابة عن المداهمة وإغلاق المتاجر المخالفة..!

الجيد في الاجتماع أن وزير التجارة رفض إيقاف الحملات على المواد الغذائية لأنها تشكل خطراً على الصحة العامة.

والأمر غير الجيد سماح الوزير للتجار الغاضبين ببيع مواد التجميل والمواد الأخرى كالشامبو بشرط ألا تكون مزورة..!

والسؤال: كيف يمكن التثبت من عدم تزوير مواد التجميل إن لم تصادر دوريات الرقابة عينات منها لتحليلها في المخابر..؟

والسؤال الأهم: من زعم أن مواد التجميل المهربة أو المصنعة محلياً في ورشات بدائية دون ترخيص لا تشكل خطراً كبيراً على صحة مستخدميها..؟

إن القسم الأكبر من مواد التجميل وغيرها من المواد المستخدمة على نطاق واسع كالشامبو والبلسم والصابون.. يستخدم منتجوها مواد اصطناعية غير طبيعية في تركيبها، وأكثرها ضار جداً بالبشرة.. فلماذا التساهل معها استجابة لاسترحام مصطنع من التجار الغاضبين من تطبيق الأنظمة النافذة..؟

أليس لافتاً أن يعلو صوت التجار الغاضبين من قرار وزارة التجارة بمصادرة المواد المهربة وإغلاق متاجرهم ووصفهم للقرار بأنه “مجحف”..؟

إذا كان التجار يتذرعون بأن إغلاق متاجرهم يؤدي إلى فساد بضاعتهم..فلماذا يخالفون ويبيعون المهربات أصلاً..؟

كان الأحرى بالمتاجرين بالمهربات أن يلتزموا الصمت الرهيب لأن الوزارة لم تحلهم للقضاء لينالوا القصاص على فعلتهم التي تضر بصحة المواطن وتغريه بشراء منتجات مهربة..!

وبدلاً من أن يقطعوا وعداً للوزير بأنهم سيتوقفون عن بيع المهربات والمواد المحلية المجهولة المصدر صبّ التجار جام غضبهم على عناصر الرقابة واتهموهم بالتحامل والتجني عليهم، محرضين الوزير على إيقاف المراقبين عند حدهم..!

ترى لو حضر صناعيون الاجتماع هل كانوا سيؤيدون مطالب المتاجرين بالمهربات..؟

على الأقل كان سيوجه الصناعيون سؤالاً واحداً للتجار الغاضبين: لماذا لا تبيعون منتجاتنا في متاجركم بدلاً من المهربات والمواد المحلية مجهولة المصدر..؟

وإذا كان بعض التجار صادقين بأن ثلاثة أرباع المحلات الموجودة في سورية سيتم إغلاقها بشكل  كامل في حال تم تطبيق القرار المتعلق بالمواد المهربة.. فهذا يعني أننا أمام مشكلة حلها عند وزارة المالية، وتحديداً الجمارك..!

بالمختصر المفيد.. قالها وزير التجارة بكلمات جازمة وحاسمة: لن نسمح أبداً بوجود أية سلعة مجهولة المصدر أو مهربة في الأسواق، وفي حال وجودها في أية منشأة أو محل تجاري ستقوم عناصر حماية المستهلك بمصادرتها وإتلافها وحرقها وإغلاق المتجر؛ فسلامة وصحة أبناء الوطن وأمنهم الغذائي خط أحمر..!

علي عبود