أخبارصحيفة البعث

أي تحليل سياسي هذا؟؟..

 

د. مهدي دخل الله

نصر نحن- محللي الحدث السياسي- على الخلط بين الرغبة والواقع. يقودنا ذلك إلى الكثير من الوهم أو التفاؤل المفرط. وهو لا شك يجعل منا مادة للسخرية من المواطن السوري الذي يرى الوقائع ماثلة أمام عينيه، وفي جواره يُدحض ذاك التلوين الوردي الجميل للواقع، الذي نراه من المحللين السياسيين على شاشاتنا الوطنية..

عندما تسمعهم تشعر أنه لا توجد مشكلة أبداً، وأننا في أفضل الأحوال. أما أعداؤنا فهم يتلقون الفشل بعد الفشل، والانهيار بعد الانهيار. هناك من يؤكد أن إسرائيل خسرت كل حروبها مع العرب بما في ذلك حرب 48 و67؟؟..

أما أمريكا، وهي المهزومة دائماً، فقد خسرت حتى حربها في العراق. حسناً… لنستعن بالمنطق، ولا شيء غير المنطق!.. إذا كان هدف أمريكا في حربها على العراق بناء الديمقراطية فيه وازدهاره ووحدته واستقراره، فإن أمريكا فعلاً خسرت وانهزمت هناك. أما إذا كان هدفها تمزيق العراق وتطييفه (تقسيمه إلى طوائف) وتأثينه (تقسيمه إلى اثنيات) ومنع استقراره وتجويع شعبه.. فهل تكون أمريكا خسرت حربها، ألا نرى تحقيقاً لهذه الأهداف في العراق؟؟..

إن الاستهتار بقوة العدو يعني – منطقياً – الاستهتار بصمود شعبنا وقدرته المدهشة على التصدي، فالعدو الضعيف المنهار يمكن أن يواجهه أي كان، أما العدو القوي المتغطرس فلا يواجهه إلا شعب قوي عزيز كالشعب العربي السوري والفلسطيني والعراقي وكل شرفاء العرب..

أعلم تماماً أن الرأي العام عندنا لا يرى أية مصداقية في تحليل غالبية محللينا السياسيين.

وصل الحد بأحدهم أن يؤكد زوال إسرائيل في أقل من سنة، والحقيقة أنه في سنة أو سنتين سيكون الكيان مركزاً لمحور أمريكي من الأعراب، من قطر وحتى أمير المؤمنين في المغرب، مروراً بالسعودية والأردن وغيرها..

قال الرئيس الأسد: إننا نحارب في سورية «جيش إسرائيل»، هذا الجيش وصل إلى جوبر وداريا. كانت إسرائيل مضطرة لخسارة بعض جنودها وآلياتها عندما كانت تحاربنا، أما اليوم فقد حاربتنا دون أن تخسر جندياً واحداً أو دولاراً واحداً. هناك من قاتل عنها ومن دفع الأموال عنها.. فهل هذا عدو منهار؟؟..

إن القراءة التحليلية للأحداث تتطلب الاستناد إلى نهج «الواقعية المبدئية»، أي القدرة على التركيب بين الواقع من جهة ومبادئنا ورغباتنا من جهة أخرى، لا أن نستسلم لأحلام وردية لا ترى الواقع كما هو..

تغيير الواقع يتطلب الاعتراف به أولاً. الأعداء أقوياء.. أقوياء جداً، لكن الشعب في هذا الوطن العربي السوري أكثر قوة وإباء. لقد استطعنا منع تحقيق الأهداف القصوى للعدو، أي تقسيم سورية وإلغاؤها تماماً.. لكن لا ننسى أننا نواجه عدواً شرساً يحقق أهدافاً جزئية إن لم يستطع تحقيق الأهداف القصوى..

mahdidakhlala@gmail.com