صحيفة البعثمحليات

تجاوب الجهات دون المستوى والتعويل على توفير 30% من الطاقة المهدورة 15 خبيراً “ثروة” بحوث الطاقة والمشاريع تتطلب 50 كفاءة يسد عجزها الجامعات

دمشق – ريم ربيع
لم تقتصر حملات ترشيد الاستهلاك التي أطلقها المركز الوطني لبحوث الطاقة ووزارة الكهرباء على المواطن بمفرده، بل تعدته إلى التعاون مع كافة المؤسسات دفعاً للالتزام بسياسة الترشيد وتجنب الاستهلاك غير العقلاني، فمن يلج أروقة وممرات المركز يكتشف سياسة البدء بالنفس “كنموذج” يتجسد بالأنوار الخافتة ومصابيح الكاريدورات المطفأة عمداً، مع الالتزام باستهلاك معتدل ضمن المكاتب، حيث يشير مدير مركز بحوث الطاقة د.يونس علي إلى أن نسبة الطاقة المهدورة التي يمكن توفيرها في حال التجاوب تعادل 30%، علماً أن الهدف من هذه الحملات توجيه رسائل للمواطنين لإدراك أهمية الترشيد في استقرار المنظومة الكهربائية، مضيفاً أن استراتيجية نشر الوعي الطاقي 2016 تتضمن برامج توعوية مع وزارات (الثقافة، التربية، الإعلام، الأوقاف، الشؤون اجتماعية) إلا أن التجاوب ليس في المستوى المطلوب، ويتم العمل للوصول إلى التعاون الأمثل.
وفي الوقت ذاته يواصل المركز إجراءاته لرفع كفاءة الطاقة عبر التوعية لاختيار التجهيزات الكهربائية الأقل استهلاكاً، والمحدَّدة من خلال اللصاقة الطاقية التي تصنف استهلاك كل جهاز تطبيقاً للقانون /18/ لعام 2008 الذي حدد معايير استهلاك الطاقة، واشترط أن تكون التجهيزات كافة ضمن التصنيفات الثلاثة الأولى في الاستهلاك (A-B-C)، ويشير علي إلى المسؤولية الجماعية في ضبط سوق الأجهزة الكهربائية انطلاقاً من التنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لمنع منح إجازات استيراد قبل التأكد من مطابقة المواصفات السورية، والقيام بورشات عمل مع المديرية العامة للجمارك للتأكد من التجهيزات قبل وصولها إلى السوق، وختاماً التنسيق مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لإجراء جولات تفتيشية واختبار عينات عشوائية.
ولعل استغلال فرصة إعادة الإعمار تتيح للمركز إمكانية البناء الصحيح وفق الأسس العلمية لتوفير الطاقة، حيث يلفت مدير المركز إلى تشكيل لجنة مع وزارة الإدارة المحلية مهمتها اقتراح الآليات اللازمة لتطبيق العزل الحراري في الأبنية الجديدة، والاشتراط على ضابطة البناء للالتزام بالعزل الذي يحقق 40-50% وفراً في الاستهلاك، إضافة للإلزام باستخدام السخان الشمسي، والاعتماد على تقنية “اللّدات” في الإنارة، وتطبيقات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في الأبنية الجديدة عبر اللواقط الكهرضوئية بهدف تخفيف الضغط على الشبكة.
وبالنظر إلى ما يقدمه المركز من بحوث ودراسات على مختلف المستويات، كان من المفاجئ معرفة أن كل ما تبقى من خبراء في المركز لا يتجاوز 15 خبيراً!! في الوقت الذي تتطلب فيه المشاريع والدراسات الجديدة 50 خبيراً كحد أدنى، إلا أن التعويض عن العجز في الكوادر يعود وبحسب علي لمذكرات التفاهم مع الجامعات والمراكز البحثية السورية، والاستفادة من خبرة أساتذة الجامعات، وإيفاد بعض العاملين للدراسات العليا في الجامعات المحلية، والاستفادة من المنح الخارجية في الدورات التدريبية، كما تم توقيع اتفاقيات تعاون في مجال البحث العلمي مع معاهد وهيئات محلية بكوادر ممتازة. ويضيف علي أن المركز بحاجة لمخابر ذات تجهيزات محددة تتطلب وجود بناء خاص لها، إلا أن ظروف الحرب حالت دون إنشاء هذا البناء الذي خُطِّط لإقامته في منطقة القدم، ورغم ذلك تقدم الوزارة الدعم المطلوب وفق الإمكانات المتاحة لإنجاز كافة المشاريع المطلوبة.
ويوضح د. علي أن المركز يقدم الدراسات والأبحاث للقطاعين العام والخاص، إضافة إلى الاستشارات الفنية والتوجيه نحو الخيار الأمثل في مشاريع الطاقات المتجددة، مشيراً إلى أن القطاع الخاص يتوجه لاستخدام اللواقط الكهرضوئية لإنتاج الكهرباء، ولاسيما أن مشاريع الطاقات المتجددة أصبحت مجدية اقتصادياً بعد انخفاض أسعار التقنيات وقلة التكاليف الاستثمارية، كما أن المعدات متوفرة بالكامل، ويتم استيراد المتطلبات من روسيا والصين وإيران، إضافة إلى إنتاج اللواقط الكهرضوئية محلياً في شركة “سولاريك” وهي ذاتها المستخدمة في المشروع الاستثماري الكهرضوئي في مدينة حسياء الصناعية، والذي تبتاع وزارة الكهرباء الطاقة المنتجة منه بما يعادل 65 ليرة لكل كيلو واط، كسعر تشجيعي ويحقق ريعيّة اقتصادية للمستثمرين، كما يؤكد مدير المركز وجود توجه حقيقي لهذه المشاريع بعد تعميم مجلس الوزراء لإصدار بند خاص بالموازنة الاستثمارية لكافة الجهات العامة “بند مشاريع الطاقات المتجددة” حيث بدأت الجهات تدرجها ضمن الخطط الاستثمارية، ولوحظ بعده مراجعة عدة جهات لإدراج مشاريع باعتمادات مالية محددة، وتم دراسة حوالي 10 مشاريع من قبل المركز لتطبيقها.
في السياق ذاته يتواصل التعاون مع شركات خاصة لتصميم وتنفيذ هواضم حيوية لإنتاج الغاز الحيوي بواسطة المخلفات الحيوانية، فبعد نجاح المشروع في طرطوس وريف دمشق والسويداء تجري الآن الدراسة لتنفيذ هاضم حيوي في الحسكة. ولفت علي إلى أن مشروع المحطة الكهرضوئية في اللاذقية قيد التعاقد، ومن الممكن الانتهاء من تنفيذه خلال الربع الأول من 2019، إلى جانب مشروع محطة أخرى في قطينة (ريف حمص) استطاعتها 1ميغا، وتقدر تكلفة المشروعين ب750 مليون ليرة، أما مشروع المزرعة الريحية في السنديانة، فلا يزال بانتظار التمويل للبدء بتنفيذه.