اقتصادصحيفة البعث

ميزتها السياحية لا تعني إغفال مقوماتها الزراعية.. الضبابية تحيط بهوية طرطوس الاقتصادية

 

طرطوس – رشا سليمان
ثمة ضبابية تحيط بالهوية الاقتصادية لمحافظة طرطوس، ففي الوقت الذي تعد فيه سياحية بامتياز، لا يمكن إغفال خصوصيتها الزراعية رغم صغر الحيازات وتداخل السهل والجبل والبحر معاً، لا بل إن البعض يذهب إلى أكثر من ذلك لجهة إمكانية إنشاء استثمارات تعنى بالتصنيع الزراعي الغذائي.
ويبرز لنا الرأي الأكاديمي الذي قدمه الدكتور أديب برهوم عميد كلية السياحة، ليبين أن الحديث عن طرطوس كمحافظة سياحية لا يعني على الإطلاق إهمال أنها زراعية، فهي تحتاج إلى تأمين مستلزمات النهوض بهذا القطاع سواء لناحية تأمين مستلزماته الأساسية كمدخلات، أم تأمين تصريف مخرجاته التي تعيش منها عشرات آلاف الأسر في هذه المحافظة وخاصة محصولي الزيتون والحمضيات، كما يمكن للمحافظة أن تكون صناعية داعمة لقطاعي الزراعة والسياحة ولاسيما أنها تتمتع بموارد بشرية ذات بعد معرفي.
وساق برهوم خلال حديثه لـ”البعث” ما يدعم به رأيه ليوضح أن محافظة طرطوس تمتاز بتنوع المحددات الجاذبة لمناخ استثماري، ويمكن تصنيف الاستثمارات فيها بالزراعية والسياحية والصناعية والتجارية، كما تتميز بأهم وأغلى مورد وهو المورد البشري الذي يشكل أساس رأس المال الفكري ويكسب المحافظة ميزة تنافسية كبيرة خاصة إذا ما تم استغلال هذا المورد بالشكل المطلوب بكوادرها البشرية كركيزة رئيسية للاستثمار في اقتصاد المعرفة، وتزداد أهمية هذه الموارد بقرب المحافظة من الحدود اللبنانية من جهة، وباعتبار ميناء طرطوس هو المدخل الأساسي لإعادة الإعمار من جهة ثانية.
وأشار برهوم إلى أن عوامل جذب الاستثمار في الفترة القادمة تعد من الأولويات الرئيسية، وأي بند لا يحقق العوامل الجاذبة للاستثمار يعد من المعوقات له خاصة تلك المتعلقة بعدم المرونة في تعديل تشريعات الاستثمار، وتداخل وتشابك بعض المخططات التنظيمية، وتأخر صدور التنظيم لبعض المناطق الهامة، والبطء في تحديث وتطوير الخارطة الاستثمارية للمحافظة، فكل ذلك يقف عائقاً في جذب الاستثمارات، بالإضافة إلى عدم جاهزية البنية التحتية اللازمة للمشاريع وزيادة الروتين والتعقيد، وطول الإجراءات في ترخيص وتشميل المشاريع الاستثمارية، وعدم وجود معايير واضحة للمعاملات الإدارية المرتبطة بإنشاء المشاريع الاستثمارية مما يشكل مرتعاً للفاسدين والمفسدين، كما أن التناقض الكبير الذي يحصل في تفسير القوانين والتعليمات التنفيذية والاستفسارات المتعلقة بها يفقد في كثير من الأحيان جوهر هذه القوانين ويسهل على ضعاف النفوس الإساءة وتعقيد الإجراءات.
ويرى برهوم أن محافظة طرطوس تحتاج إلى مجموعة من المشاريع المتنوعة تحقق في تجمعها التنمية العنقودية والتكاملية على مستوى المنطقة الساحلية، ومن أهم هذه المشاريع: مطامر نفايات، ومصنع فرز وإعادة تدوير النفايات، ومصنع لإنتاج الأسمدة العضوية، ومشروع لإنتاج الستريك أسيد (ملح الليمون)، ومشروع لإنتاج المكننة الزراعية للحيازات الصغيرة، وإنتاج الخشب المضغوط من تمز الزيتون، ومشروع إنشاء المكثفات، ولفت إلى أنه ريثما تتمكن الدولة من زيادة قدرتها على رفع الكفاية الاستثمارية للعاملين لديها، فإن المنفذ الرئيس والوحيد للتخفيف من آثار الحرب الاقتصادية على الأفراد يكمن في المشاريع الصغيرة والاعتماد على اقتصاد المعرفة وتشجيع الابتكار، لأنه بإمكان المشاريع الصغيرة والاستثمارات المتناهية في الصغر أن تبني اقتصاداً حقيقياً، فهي على مستوى العالم استطاعت أن تشغل أكثر من 80% من القوة العاملة وتسهم في بناء كبرى الاقتصاديات العالمية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى الحاجة إلى حاضنة للمشاريع ومؤسسات دعم لوجستي منفصلة عن حاضنة الأعمال أو متصلة بها، تقدم لها الخدمات المالية والاستشارية والإدارية والتسويقية والفنية، لتساعد في حل المعوقات المختلفة التي تواجه هذا النوع من المشروعات، كالمعوقات /التمويلية، الضريبية، الإدارية، التنظيمية، القانونية، البيئية/ إضافة إلى المعوقات التشغيلية والتسويقية.