اقتصادصحيفة البعث

أولى خطوات الألف ميل..!

 

يمكن اعتبار “موافقة الحكومة على إصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي نقداً في المصارف العاملة بعوائد تنافسية بهدف استقطاب أموال السوريين في الخارج وإعادة ضخها في الاقتصاد الوطني في المرحلة القادمة”، أولى الخطوات باتجاه عودة هذه الأموال، لكنها ستبقى منقوصة وربما بلا جدوى، إن لم يكن هناك تواصل جاد ومستمر مع أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، من قبل مؤسساتها المعنية وقطاع الأعمال، وذلك لإضفاء جو من الثقة تشجع على عودة الأموال إلى موطنها الأصلي.

لن ندخل في دوامة الأرقام وتقديراتها حول حجم الأموال القابعة في خزائن مصارف دول الجوار، وحجم الاستثمارات السورية في العديد من دول العالم نظراً لعدم وجود رقم رسمي معتمد حكومياً، وإنما سنتحدث عن وجوب وضع استراتيجية وطنية للتعاطي مع ملف أموالنا الذاهبة لغيرنا..!

نعتقد أن ثمة موجبات تستدعي وضع استراتيجية وطنية تستهدف فتح قنوات لمرور آمن لأموال السوريين إلى بلدهم الأم، يكون قوامها الأساسي التواصل المستمر كما أسلفنا، مدعوماً بتشريعات منسجمة خاصة تلك الصادرة عن مصرف سورية المركزي، ووزارة المالية. ففي حال فتح الأول المجال لمن يرغب بإدخال أمواله إلى سورية بشرط التصريح عنها – على سبيل المثال- فعلى الثانية اتخاذ قرار يقضي بإعفاء الأموال السورية الداخلة والمودعة بأي حساب لأي سوري مقيم خارج سورية من الضريبة لمدة أربع سنوات، لأنه بكلتا الحالتين ستخسر المالية ضريبة هذه الأموال، وبالتالي فإن الحالة الثانية هي المجدية كون هذه الأموال ستدخل البلد وستضخ في مفاصل الاقتصاد الوطني..!

وتتمثل الموجبات المومأ إليها آنفاً بأن اقتصادنا الوطني هو الأحق بهذه الأموال واستثماراتها بالدرجة الأولى، يضاف إلى ذلك ما أثبته السوري من كفاءة عالية مشهود لها في بلاد الاغتراب خاصة الدول التي تعرف من أين تؤكل الكتف، إذ لم تتوانَ هذه الدول عن استقبال اللاجئين السوريين كافة وليس المستثمرين فحسب.

ما سبق يستدعي بالطبع على إعادة هيكلية بيئتنا الاستثمارية بالمجمل من ألفها إلى يائها، وتحولها إلى أخرى جاذبة، وهذا يستوجب –حسب اعتقادنا- تضافر جهود جميع الوزارات قاطبة كل حسب اختصاصه بالتعاون مع قيادات قطاع الأعمال، والتنسيق فيما بينها عبر مسارات عدة، تصب بالنهاية في بوتقة تحسين البنيتين التشريعية والتحتية، والأهم إضفاء الثقة..!

إنه ملف يستحق عناية فائقة من نوع خاص، لما سيفضي عن نتائج غير عادية إذا ما تم العمل عليه بعقلية غير تقليدية..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com