صحيفة البعثمحليات

“تواصل”

مصطلحات كثيرة وربما جديدة يتداولها المسؤولون في تصريحاتهم اليومية ومن مختلف مواقعهم، منها بل أبرزها تأكيدهم ضرورة (التواصل مع المواطنين) وملامسة همومهم وتلبية رغباتهم وطلباتهم، ولا شك أنه شعار يثلج الصدر لما له من انعكاسات وآثار إيجابية لناحية تعزيز وتعميق الثقة بين المسؤول والسلطة التنفيذية والمواطن، إلى جانب أنه يعبر عن أبوية المسؤول وحنانه والذي يكاد يكون مفرطاً في الإحساس والعاطفة والرغبة الجامحة لتلبية احتياجات المواطن اليومية والمعيشية.
ولعل تسويق مثل هذه الشعارات لا يعكس حقيقة واقع الحال بمجمل مفرداته وتفاصيله في غالبية الدوائر والمؤسسات الحكومية وما يدور في دهاليزها، فالسياسة السائدة والتي تحكم العلاقة مع المواطن هي (ادفع بالتي أحسن) على مبدأ المثل المحكي الدارج (حكلي لحكلك)، وهذه حقيقة وظاهرة مستفلحة ومتفشية ونظن أنها لا تغيب عن رأس هرم المؤسسة ولا عن المديرين المسؤولين والذين يغضون النظر عن هذه الممارسات لأسباب يصفها البعض بأنها جزء من سياسة وثقافة العمل الوظيفي المبنية على المحاصصة والمنفعة المتبادلة، وهنا لا نستثني أحداً حتى يثبت العكس.
وبطبيعة الحال وما دمنا في حضرة الحديث عن مكافحة ومحاربة الفساد والمفسدين الذي ما زال مفتوحاً على مصراعيه هذه الأيام بقرار وإصرار حكومي، نجد أنه من الأهمية والأولوية أن تكون البداية والخطوة الأولى بوضع ضوابط ونواظم جديدة وصارمة تعيد لمؤسساتنا بكل مكوناتها هيبتها ووقارها، والأهم من ذلك إعادة النظر كلياً بالهيكليات الإدارية والتنفيذية وإجراء عمليات تقييم وفرز وفلترة للكثير من الملفات القديمة والجديدة المطوية في الأدراج والتي تفوح منها روائح الفساد، وتفعيل وتكبير عدسة المجهر الرقابي لرصد الأخطاء والمخالفات والتجاوزات وظاهرة الإكرامية وهي من المصطلحات الجديدة المخففة والبديلة لظاهرة ومصطلح الرشوة المتفشية في مؤسساتنا من بابها لمحرابها.
وما يجوز قوله وتأكيده في هذا المقام أن المسؤولية تقع في الدرجة الأولى على رأس الهرم المعني قبل غيره في ضبط عمل مؤسسته أو مديريته ومكافحة كل مظاهر الفساد، وبالتالي يجب تغيير نمطية عمل المدير العام والمسؤول المباشر، بحيث تضاف إليهما مهام المتابعة والعمل الرقابي والميداني والتواصل الآني واللحظي مع احتياجات ومستلزمات إنجاز العمل الوظيفي وبما يخدم أوسع شريحة من المواطنين من دون دفع الإكراميات. واعتماد سياسة الأبواب المفتوحة بعيداً عن فخامة وهالة المكاتب ومزاياها وإغراءاتها.

معن الغادري