ثقافةصحيفة البعث

 المتنبي وعرش اليوم العالمي للغة العربية

 

دمشق -البعث:

اتخذت الدورة التاسعة والعشرين للمؤتمر القومي العربي قرارا بمخاطبة المنظمتين العربية والإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، لكي يجسد اليوم العالمي للغة العربية رمزا من رموز الثقافة العربية. وقد قدم الاقتراح الذي أصبح قرارا د. جورج جبور  عضو المؤتمر، ومعه كان هذا الحوار.

في البداية، ما هو المؤتمر القومي العربي؟

هو تجمع مثقفين وعاملين في الحقل القومي أنشئ عام 1990. يعقد دورته كل عام في إحدى العواصم العربية، وكانت دورته الأخيرة في بيروت، ويغطي كل عضو فيه نفقات سفره وإقامته. يتخذ قرارات وتوصيات في الشأن العربي هي أشبه ما تكون بأفكار داعمة للعمل العربي المشترك. وللمؤتمر وجوده في الفكر السياسي العربي، وينتخب أمينا عاما من بين أعضائه، والأمين العام الجديد هو المحامي  مجدي معصراوي من مصر، أما الأمين العام السابق فهو د. زياد حافظ من لبنان.

وما قصة اليوم العالمي للغة العربية في المؤتمر؟

منذ اتخاذ اليونسكو قرارا بجعل يوم الثامن عشر من الشهر الثاني عشر من كل عام  يوما عالميا للغة العربية، وكان ذلك قبل بضع سنوات، وأنا انتقد هذا القرار الذي وافقت عليه الدول العربية كافة، لأن اليوم العربي لا يرقى إلى مقام أيام اللغات الرسمية الأخرى في تجسيده لانجاز ثقافي أو حضاري عربي. هو يوم مشهود حقا ذلك اليوم الذي اعتبرت فيه العربية لغة رسمية عام 1973 بعد شهرين من حرب تشرين، إلا انه يبدو وكأنه تذكير مستمر بان العربية لغة دخيلة على الجسد الأساس للغات الأخرى المعتمدة. ثم إن أيام اللغات الأخرى تجسد انجازات أبناء تلك اللغات ثقافيا وحضاريا. اعتمدت الفرنسية موعد إنشاء منظمة الفرانكوفونية يوما عالميا  لها. أما اليوم العالمي للانجليزية فيشير إلى شكسبير. وعلى بوشكين يعتمد يوم اللغة الروسية. وثمة شخص مغرق في القدم أبدع اللغة أو الكلمات الصينية غاب عني اسمه الآن واليه يشير يوم اللغة الصينية. أما يوم اللغة الاسبانية فيذكر بيوم الاكتشاف الاسباني للعالم الجديد. ثمة حالة عدم تناسب بين يوم لغتنا وبين أيام اللغات الأخرى.

نعود إلى المؤتمر القومي العربي الذي تبنى ما اقترحته من ضرورة العمل تغيير موعد 18-12. عقد المؤتمر أواخر تموز . كانت قد انقضت سنوات على اعتماد ذلك اليوم. لماذا لم يتم التيقظ إلى هذا الأمر من قبل؟

لا ادري إذا كان ثمة في دوائرنا المعنية بالعربية من يتابع موضوعا خطيرا هو التنافس اللغوي العالمي ومكان العربية فيه. حاضرت في هذا الموضوع بدعوة من معهد اللغات في جامعة حلب يوم 15 آذار 2006 . اقترحت من خلال المحاضرة على القمة العربية في الخرطوم أن تعلن يوما للغة العربية. ولم تفعل. إلا أن مخاطبتي للامين العام  للجامعة بهذا الشأن أنتجت تصريحا منه بأن القمة المقبلة في الرياض سوف تبحث في موضوع اللغة. وقد حصل. ثم كانت القمة العربية في دمشق عام 2008. بحثت في موضوع اللغة ولم تتطرق إلى يوم للغة العربية. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هي التي تطرقت للأمر فجعلت للغة العربية يوما في أول آذار من كل عام. أما التيقظ لأمر “تخفيض القدر” الذي تعرضت له اللغة العربية في تحديد يومها فقد نبهت إليه شفهيا وكتابة منذ مدة. وفي كتابي :”يوم اللغة العربية”  الذي صدر ضمن سلسلة  كتب البعث الشهرية عام 2014 مقال مخصص لهذا التيقظ. لكنه لم يلفت نظر احد. كنت خاطبت المديرة العامة لليونسكو طالبا تغيير الموعد. كذلك خاطبت الكسو. أرجح  أن مخاطباتي وإطلالاتي الإعلامية هي التي  جعلت اليونسكو توجه إلي الدعوة إلى احتفال يوم اللغة العربية عام 2016 . ربما أنني السوري الوحيد الذي شارك في احتفالات اليونسكو السنوية بيوم اللغة العربية  العالمي.

هل خاطبت الجهات المعنية في سورية؟

بالتأكيد. مباشرة وعبر محاضرات عامة. ووجه لي وزير التربية رسالة شكر اعتز بها تمتدح جهودي بشان اللغة العربية ويومها. ثم في آذار 2018 كانت لي محاضرة حاشدة في مركز كفرسوسة الثقافي تعاهد فيها الحاضرون على بذل الجهود لتغيير يوم 18 –12. وكان في عدادهم الشيخ د. حسام الدين الفرفور ود.أيسر اسطواني ود. احمد المفتي.في أجواء تلك المحاضرة زاد تبلور الدعوة إلى اختيار المتنبي ليجلس على عرش اليوم العالمي للغة العربية والى يمينه شكسبير والى يساره بوشكين. أليس المتنبي هو العالمي الأول الذي جرى وصفه على الألسن منذ قرون” مالىء الدنيا وشاغل الناس؟ انهمله ونحن نزعم أننا نعتني بلغتنا وبتراثنا؟

والآن أتى دور المؤتمر القومي العربي ليحمل الدعوة. أليس كذلك؟

نعم وبالتأكيد. يبقى أن اذكر أن ارتباط المتنبي بحلب أمر لا يغيب عن الذهن.

صادف تبشيري بالمتنبي في باريس مع تحرر حلب من الإرهاب فكانت مناسبة لأقول أن حلب هي التي ولدت يوم اللغة العربية في آذار 2006، فهي بذلك سبب اجتماعنا اليوم في باريس، وحلب هي التي يليق بها أن تكون مركز احتفال بيوم اللغة العربية العالمي ورمزه المتنبي.

وأذكر بهذه المناسبة أنني على صلة وثيقة في موضوع اليوم العالمي للغة العربية مع كل من جمعية العاديات ومركزها حلب ورئيسها د. محمد قجة ومع قسم اللغة العربية في كلية آداب جامعة حلب د. ناديا حسكور.