دراساتصحيفة البعث

العلاقة بين الحليفين السابقين تتخذ منحىً خطراً

ترجمة: علاء العطار
عن موقع “DW” 15/8/2018

تمرّ تركيا بأزمة، وانخفاض قيمة الليرة التركية دليل على ذلك، وعلى أردوغان معالجة الأمر، لكن الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة قد يجبره على أن يتصرف بما يناقض طبيعته. كل يوم يزداد الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد تعثّر بسبب التأزم الاقتصادي، وقضية القس أندرو برونسون، وقرار دونالد ترامب بعرقلة تسليم الطائرات المقاتلة إلى تركيا. وبدل إيجاد حل، اختارت تركيا الردّ من خلال زيادة التعريفات الجمركية على بعض المنتجات الأمريكية المستوردة، لكن لتهدئة التوتر، كان بإمكان أردوغان أن يفعل شيئاً ليس معتاداً عليه، وهو أن يتراجع عن موقفه ويحرّر القس برونسون. تطالب إدارة ترامب بالإفراج الفوري عن برونسون، الذي تمّ احتجازه منذ عام 2016 بتهمتي الإرهاب والتجسّس، ولا يرغب أردوغان في إعادة القس، لأنه يأمل في استبداله بالشيخ فتح الله غولن، الذي يعيش حالياً في المنفى في بنسلفانيا، لأن أردوغان يعدّه العقل المدبر للانقلاب الفاشل عام 2016.
في الأثناء، يفكر أردوغان بالبحث عن بدائل للشراكة الأمريكية التركية في حال لم يتمكّن البلدان من حلّ مشكلاتهما. من المؤكد أن تركيا بحاجة إلى علاقات ودودة مع روسيا الغنية بالنفط والعملاق الاقتصادي الصيني، وليس خفياً على أحد أن أردوغان يشعر بوجوب النظر شرقاً، لكن في مثل هذه المنطقة غير المستقرة، تحتاج تركيا لشركائها في الناتو والعكس صحيح. وأردوغان يعي ذلك، فالقس برونسون ليس محور هذا الصراع، إنه مجرد رمز للصراع على النفوذ بين ترامب وأردوغان، لكن الأزمة الدبلوماسية بسبب القس تضرّ بتركيا.
تركيا والولايات المتحدة عضوان في الناتو وحليفان، وعليهما الحفاظ على ذلك، ولكن ما لم يتمّ حل قضية برونسون، فإن التوتر مع الولايات المتحدة لن يتضاءل وسيبقى المناخ السياسي التركي في الداخل متقلباً، لهذا السبب، على أردوغان أن يرسل برونسون إلى موطنه، وكلما عجّلت أنقرة في فعل ذلك، كان ذلك أفضل للجميع، خاصة بالنسبة لتركيا.

حوار.. وليس عزلة
تحتاج تركيا إلى الغرب بقدر ما يحتاج الغرب لها، والأوروبيون يعرفون ذلك أفضل من واشنطن بكثير، فعندما تعاني المنطقة من انعدام الاستقرار، فإن أوروبا هي أول من يواجه العواقب، وليس الولايات المتحدة التي تقع على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
في الأثناء كانت برلين تراقب عن كثب الجدال بأكمله، وبينما يدفع ترامب تركيا إلى حدودها القصوى، تحاول برلين مواصلة الحوار كممثل للقيم الغربية. وعندما يزور أردوغان ألمانيا في نهاية كانون الأول، سيتمّ تكريمه تكريماً عسكرياً، وسيُدعى إلى مأدبة على شرفه، لكن في الوقت الذي يتمّ فيه مدّ البساط الأحمر، ستواصل ألمانيا النظر إلى أردوغان بعين الناقد، بالنظر إلى أوجه القصور في الديمقراطية داخل تركيا.
من المهم الحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة، ويجب حلّ النزاع مع الولايات المتحدة بحلول ذلك الوقت، والأمر يعتمد على مدى سرور برلين بزيارة أردوغان لها. لن تنتهي مشكلات أردوغان بانتهاء قضية القس، لا يزال يتعيّن عليه أن يجعل بلاده جذابة للمستثمرين مرة أخرى، وللقيام بذلك، فهو بحاجة إلى الاستقرار السياسي وخطة ملموسة لإصلاح الاقتصاد، وعلى الأرجح أن يقود ذلك تركيا للاستعانة بصندوق النقد الدولي مرة أخرى.