اقتصادصحيفة البعث

فكرة لتحسين المستوى المعيشي للعاملين في الدولة “رزق العبد على العبد” خيار يستحق شرف المحاولة.. لكن المطلوب من يتبنى ويقدر.. على ترجمته؟!

كيف نوجه مدخرات ممن لديهم مدخرات (صغيرة أو متوسطة) للاستثمار في سوق دمشق للأوراق المالية؟ وما السبل الناجعة التي نستطيع من خلالها توظيف تلك المدخرات في السوق؟ بدلاً من بقائها مجمدة في أشكال عدة ومنها الذهب.

ولماذا لا يحظى هذا الموضوع الاقتصادي الاستثماري بامتياز باهتمام الحكومة ووزاراتها وجهاتها المعنية والمسؤولة عن هذا الموضوع؟! في الوقت الذي يوجب عليها إيجاد قنوات تشغيلية لتلك المدخرات لتحسين دخل ولو الشريحة التي تمتلك مثل تلك المدخرات، لأن هذا يعني بالنتيجة تأمين عائد مالي ثابت لتلك الشريحة وبالتالي تحريك للأسواق وتنشيط لها ولمن يعمل بها.

نطرح هذه الفكرة أي دفع شرائح اجتماعية معينة لتشغيل أخرى وفق مبدأ “رزق العبد على العبد”، ولاسيما في ظل إحجام حكومي غير مفهوم عن تحسين الرواتب والأجور، وخاصة للعاملين في القطاع العام، بعد أن وصلت الرواتب لحدود لم يعد بالمستطاع بها تأمين متطلبات المعيشة الأساسية لأكثر من عشرة أيام من الشهر؟!

ولماذا لا تبتدع الحكومة وأذرعها التشريعية والنقدية والاقتصادية شيئاً مختلفاً في موضوع الحوالات الخارجية، تتمكن من خلاله استقطاب أصحاب الحولات في الداخل لاستثمارها أو جزء منها في مشاريع إعادة الإعمار المختلفة أو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومن خلال سوق الأوراق المالية أيضاً؟!

أليس هذا أفضل من الاتهام غير المعلن للحكومة، بأنها تتراخى في زيادة الرواتب والأجور، لأن هناك حوالات تكاد تصل لأغلب السورين من الخارج، على أساس أنه أصبح لكل سوري في الداخل أب أو أخ أو قريب في الخارج، يمده شهرياً أو ربعياً أو سنوياً بمبلغ من العملات الصعبة؟!

ولماذا لا نرى أي تقدم عند الحكومة باتجاه تعميم إيرادات بعينها وفي قطاعات معينة -وهي بالملايين وبالمليارات سنوياً- على كافة العاملين في القطاع العام، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إيرادات الجمارك العامة من القضايا الجمركية التي توزع مبالغها المحصلة على العاملين في الجمارك فقط (لماذا لا يُكشف عن حصة وزير المالية وغيره.. منها؟!).

ولماذا يكون في البنك المركزي نظام حوافز ومكافأة للعاملين فيه، يعلو بمبالغه عن جهات أخرى، تعمل مثلاً في الأعمال الخطرة؟!

ولماذا ستظل الحكومة ساكتة دون حراك (نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً..) على قطاعات، تسمح آليات وأنظمة العمل وعلاقاته فيها، باستفادة البعض فقط.. وتشكيلهم ثروات بطرق غير مشروعة، لماذا لا تقونن تلك المطارح وتؤطرها بنيوياً وخدمياً، كي تعود تلك الثروات على الكل من العاملين في الدولة، ولا تظل محتكرة لفئة بعينها من الفاسدين؟!

كثيرة هي المجالات التي تستطيع الحكومة الشغل عليها للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي، لكنها ولسبب ما لا تجرؤ على الخوض في غماره، إما لعدم توفر العقول القادرة على ترجمة ذلك، وإما لأن هناك ممن لا يزال يراهن على الأزمة، فيرضى بما هو قائم.. وإما لأن هناك إرادات وإدارات غير قادة على النهوض بأعباء المرحلة وتحويل الأزمة إلى فرص خالصة؟!

ملفات عاجلة برسم الحكومة، فأين الجهات الحكومية –مثلاً لا حصراً- من صناديق الاستثمار بمختلف أشكالها ومضامينها، علماً أن هذه الصناديق أوعية ادخارية وتنموية وطنية.. وهي تجميع للمكتنزات العقيمة الصغيرة.. وتتميز بكونها تمويلاً مجانياً (من دون فوائد).. وهي قنوات لمشاريع استراتيجية.. وترشيد الاستهلاك وعقلنة الاستثمار.. إلخ..؟!

على ما يبدو أن الاستثمار في الثقافة أصبح لازماً، عند من يخططون الاستراتيجيات ويرسمون المشاريع، التي ما زالت أقرب للأمنيات منها للواقعيات، إذ إن تغيير العقول هو مفتاح العبور.. لحياة واقتصاد كريمين.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com