الصفحة الاولىصحيفة البعث

بحثا الجهود المشتركة  لإعادة المهجرين السوريين المعلم: قرارنا مكافحة تنظيم “النصرة” مهما كانت التضحيات لافروف: حذّرنا الغرب بصرامة من “اللعب بالنار” في إدلب

حذّر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين، وليد المعلم، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد مباحثاتهما في موسكو أمس، من حماقة ارتكاب عدوان غربي ثلاثي جديد على سورية، لأن تداعياته ستصيب العملية السياسية حتماً، وسيتطاير شرارها في كل مكان، مؤكداً أن سورية ستمارس حقها المشروع في الدفاع عن نفسها، وقرارها هو مكافحة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في إدلب مهما كانت التضحيات، ولكن الأولوية للمصالحات المحلية، فيما قال لافروف: إن موسكو قد حذّرت دول الغرب “بوضوح وصرامة” من خطورة “اللعب بالنار” من خلال دعم استفزازات كيميائية مفبركة في إدلب وعرقلة محاربة الإرهاب هناك.

وقال المعلم: “إن موسكو كانت في الآونة الأخيرة مركزاً للاتصالات الإقليمية بشأن سورية، وقمنا بتبادل الآراء حول حصيلة هذه الاتصالات، وكانت وجهات نظرنا متطابقة، ولذلك أستطيع أن أقول أن هذه المحادثات بناءة وإيجابية، وأضاف: “نحن وروسيا الاتحادية كنّا شركاء في مكافحة الإرهاب وتمكّنا من تحقيق إنجازات ميدانية كبرى، وأصبحنا الآن على مسافة قريبة من إنهاء هذا الإرهاب، ومن الطبيعي أن نفكر في سورية ببرنامج إعادة الإعمار وأن يكون لأصدقائنا في روسيا الاتحادية الأولوية في الإسهام بهذا البرنامج”.

وتابع المعلم: “نحن في طريق سعينا لإحلال الأمن والاستقرار لشعبنا في سورية، ولا يمكن أن ننسى ممارسات الدول، التي تآمرت علينا منذ سبع سنوات وحتى الآن، في عرقلة انتهائنا من مكافحة الإرهاب”، لافتاً إلى أنه عندما حرّر الجيش العربي السوري مدينة دوما والغوطة الشرقية من الإرهاب تذرّعت الولايات المتحدة وحلفاؤها باستخدام المواد الكيميائية وشنوا عدواناً على سورية في نيسان الماضي، والآن يعيدون السيناريو ذاته للتحضير لعدوان جديد بهدف إنقاذ تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وإطالة أمد الأزمة، وهم يتحمّلون النتائج الخطيرة لهذا العدوان، وأضاف: “نحن نقول: إن الأولوية للمصالحات المحلية، التي قمنا بها فى مناطق عدة من سورية.. نحن جاهزون لبذل كل جهد ممكن لتفادي الإصابات بين المدنيين، وفتحنا ممر أبو الضهور لمدة أسبوع، وتفاعلنا مع لجان المصالحة المحلية، لكن للأسف جبهة النصرة اعتقلت معظم أعضاء هذه اللجان ومنعت خروج المدنيين من ذلك الممر”.

وأضاف المعلم: “بحثنا موضوع جهودنا المشتركة لإعادة المهجرين السوريين إلى بلدهم، ونحن نقول للغرب الذي يتباكى على حقوق الإنسان في سورية: “إذا أردتم فعلاً المساعدة في عودة المهجرين فعليكم أن تبذلوا جهوداً لتأمين إعادة إعمار مساكنهم والبنية التحتية ورفع العقوبات الاحادية عن سورية”.

بدوره قال وزير الخارجية الروسي: “أجرينا مباحثات مفيدة حول المسائل المشتركة بيننا والوضع فى سورية وما حولها وعبّرنا عن ارتياحنا بأن الجزء الأكبر من الأراضي السورية تمّ تحريره من الإرهابيين، بينما بقيت جيوب صغيرة من المفروض أن يتمّ تحريرها”، وشدد على أنه من غير المقبول أن يحاول الإرهابيون استخدام منطقة تخفيف التوتر في إدلب منصة لإطلاق هجمات ضد الجيش السوري وإطلاق الطائرات المسيرة للهجوم على القاعدة الجوية الروسية في حميميم بريف اللاذقية.

وأضاف لافروف: “تمّ تبادل الآراء حول موضوع الفصل بين المعارضة المسلحة والإرهابيين في محافظة إدلب ومحاولات إجراء المصالحات المحلية فيها وضمان الأمن للسكان المدنيين كما أكدنا على الالتزام بتطبيق القرار الأممي 2254 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي”، وأشار إلى أنه اطلع من المعلم على الخطوات التي قامت بها الحكومة السورية من أجل ضمان العودة الآمنة للمهجرين إلى وطنهم، مع الأخذ بعين الاعتبار توفير الظروف الملائمة لهم، داعياً المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكل وكالاتها إلى المشاركة في تحقيق عودة هؤلاء المهجرين، مع التركيز على ضرورة تأمين المساعدات الانسانية وإعادة بناء البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة لهؤلاء المهجرين.

وأوضح لافروف أن التقدم فى مكافحة الارهابيين وعودة المهجرين وإعادة الاستقرار إلى سورية ليست من مصلحة بعض الجهات، بمن فيها الإرهابيون الذين يستفزون الجيش السوري ويحاولون عرقلة عملية الوصول إلى حل سياسي للأزمة، وأضاف: “إن عناصر منظمة الخوذ البيضاء يحاولون إعداد مسرحيات مفبركة لاستخدام الأسلحة الكيميائية بهدف ايجاد ذريعة للدول الغربية، ولدينا في وزارتي الخارجية والدفاع حقائق عن ذلك، وكنا قد حذرنا شركاءنا الغربيين بشكل واضح بعدم استخدام هذا الاستفزاز لشن عدوان لأن ذلك سيعيق تقدم تسوية الأزمة في سورية”، داعياً المجتمع الدولي إلى توحيد الصف بهدف إعادة الاستقرار إلى سورية الأمر الذي سيعيد الاستقرار والأمن إلى المنطقة برمتها.

المعلم: الخوذ البيضاء والمخابرات البريطانية تفبركان مسرحية الكيميائي في إدلب

ورداً على سؤال حول التصريحات الأمريكية العدائية تجاه سورية والوجود الأمريكي على الأراضي السورية، أكد المعلم أن هذا الوجود عدواني وغير شرعي، ولم يتمّ بطلب من الحكومة السورية، لافتاً إلى أن مشكلة الولايات المتحدة أنها تخدع العالم، والدليل على ذلك تهريب عناصر منظمة “الخوذ البيضاء” الإرهابية من جنوب سورية عبر خط الفصل في الجولان السوري المحتل ثمّ إلى “إسرائيل” ومنها إلى الأردن ثم لا ندري إلى أين لكن معظمهم عاد إلى إدلب”؟!، وأوضح أن المخابرات البريطانية هي التي أنشأت منظمة “الخوذ البيضاء” الإرهابية وهي ترعاها، وتفبرك الآن بالتعاون معها مسرحية استخدام الكيميائي في أرياف إدلب، حيث اختطفوا مؤخراً 44 طفلاً من محافظة إدلب لتمثيل هذه المسرحية، مشيراً إلى أن الغرب يريد شن عدوان ثلاثي على سورية لإنقاذ تنظيم جبهة النصرة المصنف إرهابياً، بموجب قرارات مجلس الأمن، ومؤكداً أنه إذا كان هناك عدوان ثلاثي أو لم يكن فإن ذلك لن يؤثر في عزمنا على تحرير كامل تراب سورية.

وفيما يتعلق بالعلاقات بين سورية وإيران أشار المعلم إلى أنها بدأت منذ انطلاق الثورة الإسلامية في إيران في نهاية السبعينيات من القرن الماضي.. وسورية عازمة على الاستمرار بهذه العلاقات، وخاصة أن الجمهورية الإسلامية تقوم بدور في مكافحة الإرهاب في سورية عبر عدد واسع من المستشارين الذين ينتشرون مع الجيش العربي السوري، ومن الطبيعي أن يتوصل البلدان إلى اتفاق عسكري بين جيشيهما ليحدد آفاق التعاون في المستقبل.

وبشأن موقف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة التي تعمل على عرقلة عودة المهجرين السوريين إلى وطنهم، أوضح المعلم أن المفوضية جزء من منظمات الأمم المتحدة، والجميع يعلم الدور الأمريكي في أداء هذه المنظمة الدولية، لافتاً إلى أن الغرب خسر في الميدان عسكرياً رغم تمويله وتدريبه وتسليحه لأدواته، الذين جاؤوا من 80 بلداً، وهم الآن يريدون تحقيق أهدافهم عبر العملية السياسية ومنع المهجرين السوريين من العودة إلى وطنهم، وأضاف: نحن نرحب وندعو المهجرين السوريين إلى العودة لبلدهم حتى يسهموا في برامج إعادة الإعمار ويكونوا جزءاً من إخوانهم السوريين في بناء المستقبل، وسنحاول توفير كامل الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وأؤكد أن عودتهم ستكون آمنة.

ورداً على سؤال حول مشاركة السوريين الأكراد في العملية السياسية وشكل الدولة مستقبلاً، قال المعلم: “هناك لجنة لمناقشة الدستور الحالي من السوريين والحوار فيها على أساس سوري-سوري، والإخوة الأكراد مواطنون سوريون، لذلك لا نستطيع منذ الآن أن نقول ما هي حقوقهم ولا شكل الدولة في الدستور القادم.. هذا الأمر يتم التوافق عليه بين المتحاورين ثم يعرض على استفتاء شعبي والقرار سيكون للشعب السوري”.

لافروف: الأمريكيون لا يفون بوعودهم ويختلقون ذرائع مختلفة للبقاء في سورية

من جهته قال لافروف، رداً على سؤال حول تقييم التصريحات الأمريكية العدائية ضد سورية: “إن الولايات المتحدة والدول الغربية لديها تجربة متكاملة لناحية تغطية استفزازات الإرهابيين في موضوع الأسلحة الكيميائية واستخدامها ذريعة لمهاجمة الجيش السوري، وخاصة ما جرى في مدينتي خان شيخون ودوما، رغم أن التحقيق فيهما من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم ينته”، وأضاف: “تمّ في تلك الحادثتين انتهاك بنود القرارات الأممية القاضية بالتحقيق فيهما ولذلك ركّزنا اليوم اهتمام شركائنا الغربيين على أنه من غير المنطقي استخدام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أداة لتحقيق مصالحهم”.

وحول وجود القوات الأمريكية في سورية، أكد لافروف أن الوجود الأمريكي والغربي فيها غير شرعي، لافتاً إلى أن الأمريكيين وعدوا مراراً وتكراراً، بما في ذلك على لسان الرئيس دونالد ترامب، بأنهم سيغادرون سورية، ولكن دائماً يختلقون ذرائع مختلفة من أجل البقاء، وقال لافروف: “في البداية أعلن الأمريكيون أنهم سينسحبون من سورية بعد القضاء على تنظيم (داعش) وغيّروا رأيهم، ثم قالوا: إن معيار الانسحاب هو تحسّن الوضع العام في سورية، والآن وضعوا شرطاً جديداً هو انتهاء عملية التسوية السياسية للأزمة”!، وتابع لافروف: “إن الأمريكيين وعدوا مرات عدة بالانسحاب من منطقة التنف والسماح بدخول ممثلي الأمم المتحدة إلى مخيم الركبان، الذي تحوّل إلى مقر واستراحة لإرهابيي تنظيم (داعش)، ولكنهم لم ينفذوا وعدهم، كما أنهم يفعلون الآن كل ما بوسعهم لمنع المجتمع الدولي من مساعدة سورية في إعادة بناء اقتصادها، وبالتوازي يقومون بإنشاء بنى تحتية ومؤسسات دولة زائفة شمال شرق سورية، وبالتحديد على الضفة الشرقية لنهر الفرات”.

وشدد لافروف على عدم جدوى الخطوات الأمريكية أحادية الجانب في سورية بدليل تجربة العراق والأزمة التي حصلت فيه بعد التدخل الأمريكي، لافتاً إلى أن حل الأزمة في سورية يمكن فقط عبر خطوات سياسية بعيدة عن أي معايير مزدوجة.

وبشأن الاتصالات الروسية الأخيرة مع النظامين السعودي والتركي أشار لافروف إلى أنها تطرقّت إلى الوضع في منطقة تخفيف التوتر في إدلب.

الغرب يسعى لمساعدة “جبهة النصرة” الإرهابية

وكان المعلم أكد في مستهل لقائه مع لافروف أن سورية في المرحلة الاخيرة لإنهاء الازمة وتحرير كامل أراضيها من الارهاب، ولهذا تريد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الاعتداء عليها بهدف عرقلة عملية التسوية السياسية ومساعدة تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي.

وقال المعلم: “إن هذه الزيارة جاءت في توقيت مناسب لبحث آخر التطوّرات السياسية حول سورية والتعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين بلدينا، وكما كنا شركاء في مكافحة الإرهاب نريد أن نكون شركاء في عملية إعادة الإعمار”، وأضاف: “إن شعبنا يقدر عاليا دور روسيا الاتحادية والرئيس فلاديمير بوتين في مكافحة الإرهاب في سورية، وهو يريد أن تكون الأولوية في عملية إعادة الإعمار لشركائنا الروس، الذين هم شركاء أيضاً في العملية السياسية”، وتابع: “نقدر عاليا دور روسيا الاتحادية سواء في اجتماعات أستانا أو سوتشي ونحن ملتزمون بتقدم العملية السياسية، وخاصة في ضوء الوضع الميداني في سورية، فنحن في الخطوة الأخيرة لإنهاء الأزمة في بلادنا وتحرير كامل أراضينا من الإرهاب”.

وقال المعلم: “إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ليست سعيدة بأن ترى مخططاتها قد فشلت في سورية ولهذا تريد أن تعتدي على سورية من خارج إطار مجلس الأمن لعرقلة العملية السياسية ومساعدة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي وإطالة أمد الأزمة، وبالتالي من حقنا المشروع أن ندافع عن أنفسنا وعلى الدول المعتدية أن تتحمّل النتائج الكارثية لعدوانها”، وأضاف: “أؤكد أننا لا نمتلك أسلحة كيميائية، ولا يمكن أن نستخدمها فنحن منتصرون في المعارك على الإرهاب ولا نحتاج إلى استخدامها، وبالتالي فإن كل ذرائع هؤلاء المعتدين مكشوفة”.

بدوره أكد وزير الخارجية الروسي أن المهام المتعلقة باجتثاث الإرهاب من الأراضي السورية تشارف على نهايتها، وبالتالي حان الوقت للقيام بالعمل على إعادة بناء الاقتصاد السوري، وإعادة الاستقرار إلى جميع الأراضي السورية، مشيراً إلى أن المشاريع التي تتمّ مناقشتها فى اطار عمل اللجنة الحكومية السورية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي ستساعد دون شك لتحقيق هذا الهدف، وأضاف: “سنناقش أيضاً الجوانب الخارجية المتعلقة بالوضع في سورية مع التركيز على ضرورة جذب المساعدات الدولية وبالتوازي مع ذلك من الضروري تكثيف العمل فيما يخص تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي بهدف المضي قدماً في عملية التسوية السياسية للأزمة في سورية”.

وأضاف لافروف: “إن الموقفين الروسي والسوري واضحان تماماً ويستندان إلى القوانين الدولية والقرار الأممي 2254 الذي ينصّ على أن السوريين يقررون بأنفسهم مستقبل بلدهم”.

يشار إلى أن المعلم، الذى يرأس الجانب السوري في اللجنة الحكومية السورية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني، وصل إلى موسكو في زيارة رسمية تلبية لدعوة من لافروف، ومن المقرّر أن يلتقي اليوم نظيره يوري بوريسوف نائب رئيس الوزراء في روسيا الاتحادية ورئيس الجانب الروسي في اللجنة الحكومية المشتركة، وستركز المحادثات على بحث علاقات التعاون الثنائي في المجالات كافة.