الصفحة الاولىصحيفة البعث

انتفاضة إعلامية في وجه أردوغان..  واستقالات جماعية

 

في أحدث تطوّر في سياق الاحتجاجات على الإجراءات التعسّفية التي يشنها نظام الطاغية رجب طيب أردوغان، ومصادرة صحف المعارضة وفرض الوصاية عليها، قدّم نحو 20 صحافياً استقالاتهم خلال الأيام القليلة الماضية من صحيفة جمهورييت التركية المعارضة، احتجاجاً على تغيير الإدارة، وفرض الوصاية على الصحيفة المعارضة.

وكانت محكمة تابعة للنظام التركي حكمت على 14 من العاملين في الصحيفة اليومية في نيسان الماضي بالسجن مدداً تتراوح بين عامين ونصف العام وأكثر من ثمانية أعوام بتهمة مساعدة منظمات إرهابية، على أن يبقوا خارج السجن حتى صدور نتيجة الاستئناف، في قضية أثارت موجة استنكار دولية واسعة.

واستقال كتّاب الرأي تشيدام توكر ويدن إنغين وأصلي ايدنتاشباش ورسام الكاريكاتور موسى كارت مع 17 صحافياً آخرين، بعد تغيير رئيس تحرير الصحيفة مراد صابونجو الجمعة.

وأطيح بصابونجو بعد أن تمّ تغيير إدارة الصحيفة، بما في ذلك تعيين آلييف كوسكان رئيساً للمؤسسة، التي تدير هذه الصحيفة اليومية.

ويقول مراقبون: إن تعيين كوسكان يعد تغييراً في اتجاه الصحيفة، إذ يعتبر ناقداً لاذعاً للإدارة السابقة.

وإضافة لإقالة صابونجو، تمّت إقالة أحد أهم مراسلي الصحيفة إردم غول، مدير مكتب الصحيفة في أنقرة، وذلك في رسالة تلقاها عبر الفاكس، والذي سجن في العام 2016 بتهم إفشاء “أسرار عسكرية”.

يشار إلى أن جمهورييت نشرت في حزيران عام 2015 شريط فيديو يظهر أن الشاحنات التابعة لجهاز المخابرات التركي كانت تنقل أسلحة وذخائر إلى التنظيمات الإرهابية في سورية مخبأة تحت علب الأدوية، وهدّد أردوغان حينها من نَشر شريط الفيديو بأنه “سيدفع الثمن غالياً”، واصفاً تعامل وسائل الإعلام المعارضة مع القضية بأنها “أنشطة جاسوسية وعمالة”.

وحكم نظام أردوغان بالسجن 25 عاماً على النائب في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري أنيس بربر أوغلو بحجة تزويد صحيفة جمهورييت بفيديو شاحنات الأسلحة، كما حكم على رئيس تحرير الصحيفة آنذاك جان دوندار، المقيم في ألمانيا، بالسجن 5 أعوام و10 أشهر على خلفية القضية.

ودخلت صحيفة جمهورييت في مواجهات عديدة مع النظام التركي، الذي اتهم عدداً من صحافييها بالانتماء للحركة التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، والذي يتهمه بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل على أردوغان في صيف 2016.

وثمّة عدد كبير من الصحافيين، بين أكثر من 77 ألف شخص، اعتقلوا منذ محاولة الانقلاب، فيما أغلقت نحو 157 وسيلة إعلامية، ما يثير قلق الشركاء الغربيين لتركيا، التي تحتل المرتبة الـ 155 من أصل 180 في ترتيب حرية الصحافة، حسب منظمة “مراسلون بلا حدود”.

وسعى الطاغية أردوغان لفرض سطوته على وسائل الإعلام، وتضييق الخناق على حرية الصحافة والتعبير بإجراءات قاسية، شملت مصادرة صحف ووسائل إعلام واعتقالات ومحاكمات تعسفية، إذ أعلنت جمعية الصحفيين المعاصرين التركية أن نظام أردوغان يحتجز في معتقلاته 158 صحفياً، وألغى خلال عام واحد بطاقات 780 صحفياً، ورفع دعاوى قضائية ضد 839 صحفياً، بينما تعرّض 189 صحفيا لـ “هجمات لفظية وجسدية”، وفقد أكثر من 10 آلاف صحفي عمله، وبيّنت أن سلطات النظام التركي قرّرت إبعاد 7 صحفيين أجانب خارج تركيا، وداهمت 3 مراكز إعلامية، وحجبت 20 موقعاً إلكترونياً.

ويؤكد مراقبون أن حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم تعتمد على “التعسفية والبلطجة الجوفاء” في إدارة تركيا، بعد إلغائها المعايير الديمقراطية وتجميدها للمبادئ القانونية، ويضيفون: “إن تركيا تدار وفق رغبات السادة واللوردات وأبنائهم ونوبات غضبهم وأطماعهم وما إلى ذلك من شهواتهم”.