تحقيقاتصحيفة البعث

البناء السليم يعطيها قوة ومشروعية قوائم الوحدة الوطنية.. خيارات تواكب تطلعات الناس.. وكفاءات تبني الثقة مع المجتمع المحلي

مظاهر انتخابية لافتة، وحراك شعبي يعكس حالة التفاعل مع انتخابات الإدارة المحلية التي يتفق الجميع على خصوصيتها لجهة المرحلة التي تجري بها، أو لجهة المسؤولية التي يشعر بها أبناء المجتمع تجاه المرحلة المقبلة، كافة التجهيزات والتحضيرات أنجزت، والحالة اللوجستية على أتم الاستعداد، بدءاً من تأمين المراكز الانتخابية والمشرفين عليها، وانتهاء بأداء اللجان اليمين الدستورية لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، وتبقى الكرة في ملعب الناخبين، هذا الحراك الشعبي والرسمي رافقه حراك حزبي داخلي عبر دخول الحزب مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بقوائم حملت اسم قوائم الوحدة الوطنية كونها تمثّل كافة شرائح المجتمع وأطيافه، ومع صدور قائمة الوحدة الوطنية التي تشرف الجبهة الوطنية برئاسة حزب البعث على وضعها، بدأت التساؤلات في الشارع، وإطلاق الأحكام المسبقة حول مدى شفافية هذه الانتخابات في ظل وجود مثل هذه القوائم؟ وهل هي حالة صحية ستساهم في تعزيز جماهيرية الحزب، أم ستنعكس عليه سلباً؟ وهل عند الناخب الثقافة الكافية لإدراك أحقية الأحزاب في اختيار قوائمها؟ ومن يتحمّل مسؤولية قصور الثقافة الانتخابية؟.
روائز موضوعية
يقول الرفيق يحيى الصحناوي، عضو قيادة فرع الحزب، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام: عند وضع قوائم الوحدة الوطنية تمت مراعاة عدة شروط، أهمها أن يكون المرشّح اجتماعياً، وذا حضور شعبي، وشخصية قيادية، ويتمتع بالصدق والنزاهة، مبيّناً أن الموقف خلال الحرب، والانتماء الوطني، إضافة إلى التحصيل العلمي، روائز تم أخذها بعين الاعتبار، وهذه الروائز لا شك أنها ستحقق رضى شعبياً على القوائم، وتعزيز ثقة المواطن بها، علماً أن القوائم لم تكن مغلقة، بل تم ترك هوامش للمستقلين في كل قوائم المجالس، حسب عدد المستقلين المتقدمين لانتخابات المجلس، وبنسب موضوعية تحقق عدالة التمثيل، كما تم الأخذ بعين الاعتبار تمثيل أحزاب الجبهة، والعنصر النسائي، والشبابي أيضاً بنسب موضوعية حسب عدد المرشّحين.
ومن الملاحظ في القوائم استثناء كافة أعضاء المجالس السابقة، هنا يقول الرفيق الصحناوي: إن الهدف هو ضخ دماء جديدة، خاصة أن المجالس السابقة عملت لفترة سبع سنوات، مؤكداً على الدور الهام الذي قامت به خلال فترة الحرب، وبالتالي ستكون لهذه الكوادر مهام أخرى، وأدوار جديدة.
ويبقى السؤال الأهم: هل توقف الدور على وضع القوائم، أم أن هناك خطوات أخرى؟.. يقول عضو قيادة الفرع: كان هناك اهتمام بالمظاهر الانتخابية كالصور والدعاية، والتأكيد على البعد الشعبي للانتخابات، حيث تم وضع خطة لإقامة لقاءات شعبية للتعريف بقوائم الوحدة الوطنية، وأسباب وأسس اختيار هذه القوائم، مؤكداً بأنه رغم وجود بعض المفارقات في بعض الوحدات الإدارية، إلا أنه بشكل عام كان الاختيار مؤسساتياً عبر الاستئناس بقنوات مختلفة، وكان الهدف الأساس عند وضع القائمة التنوع في الاختصاصات، وتمثيل شريحة العمال والفلاحين، معبّراً عن ثقته بنجاح قوائم الوحدة الوطنية لأنها مبنية على أسس صحيحة.
حالة صحية
تشكيل القوائم ليس حالة منفردة أو خاصة عند حزب البعث، فمعظم أحزاب العالم لها تجربتها في ذلك، وهذا أمر مشروع وصحي، كما يقول كرم الجباعي، مدير مركز بيسان للبحوث، فجميع الدول متعددة الأحزاب أثناء الانتخابات، يجري تعاون بالقوائم، وإذا كانت للحزب قاعدة عريضة وواسعة، وتاريخ سياسي، وعدد ممتاز من المنتسبين، أي يمتلك قواعد حقيقية، وأهدافاً، واستراتيجية واضحة، فإنه يستطيع العمل الجماعي، أي ضمن قائمة يمكن أن تكون ذات لون واحد، ويمكن أن تكون ذات ألوان، ففي معظم دول العالم الأحزاب الرئيسية تصنع قوائم، والأحزاب الصغيرة تتعاون ضمن قوائم، وهذا مؤشر حقيقي، هنا لدينا بعض الأحزاب مؤلفة فقط من أمين فرع، ومعه خمسة أشخاص، ولا دستور له، كيف سيخوض أية انتخابات؟.
يقول المدرّس فراس أبو زيد: إن القوائم الحزبية هي الأفضل لعدة أسباب، أولها إلغاء العائلية، وإلغاء ظاهرة إبقاء الأشخاص أنفسهم بالمكان نفسه لأكثر من دورة، وللحزب الحق في اختيار ممثليه ضمن قائمة، وعلى القواعد الحزبية الالتزام بها، مؤكداً أن يوم الانتخابات سيكون عرساً وطنياً في ظل الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري.
عمل مؤسساتي
تقول ماجدة صالحة، وهي عضو مكتب تنفيذي في الاتحاد النسائي سابقاً: بغض النظر عن الأسماء الموجودة في القوائم فإن الأشخاص الذين قاموا بوضعها هم شخصيات قيادية، ولهم تجربة، ويتم تشكيل القوائم وفق أسس وروائز، وبناء على عمل مؤسساتي متكامل، ولكن كان من المفترض أن يتم ذكر بجانب كل اسم الاختصاص، والمهام السابقة أو الحالية الموكلة إليه إن وجدت، ومن حقنا كمواطنين وناخبين لمجالس الإدارة المحلية بشقيها المحافظة والبلديات، أن نطلع من خلال صفحة إعلامية على البرامج الانتخابية التي سيعملون عليها، وما سيحققونه مستقبلاً من مشاريع إنمائية واقتصادية هدفها الارتقاء بالمحافظة والمواطنين.
دور رقابي
ولكن من السلبيات التي يجدها البعض في هذه الحالة تأثير بعض الأفراد في المجالس المحلية، والمنتسبين أصلاً للحزب على دور الحزب الرقابي، حيث يتحولون إلى شركاء في بعض حالات الفساد التي تنتشر في هذا المجلس أو ذاك، وهذا ينعكس على جماهيرية الحزب وقاعدته الجماهيرية، وأساس ذلك تلك القوائم، فلو كانت الانتخابات بلا قوائم يتحمّل المواطن مسؤولية خياره لا الحزب.
يقول الصحفي عبد الله القطيني: أنا شخصياً ضد فكرة القوائم المعدة مسبقاً لأنها تساهم بشكل أو بآخر بتعميم حالة الفساد بالمجتمع، خاصة عندما يقترن شرط دخول بعض الأسماء بتدخل بعض المتنفذين في القيادات المحلية والعليا، وبالنتيجة هي تخريب للأحزاب، وللحالة الحزبية، وتوسيع الثغرة الموجودة أصلاً بين الأحزاب وجماهيرها، خاصة أن العمل بالمجالس المحلية يتضمن كماً كبيراً من العبث والخلل بمشاريع التنمية على حساب المواطن، وتدهور البنى التحتية، وبالتالي يجب أن يكون دور الأحزاب رقابياً ومانعاً للفساد، وليس شريكاً فيه.
أما وجيه صبح فرأى أن الانتخابات السابقة كانت مفتوحة ودون قوائم، وأعطت نتيجة القوائم نفسها، وكانت مساحة الاختيار أوسع، والتنافس أدق بين المرشّحين، وكان ذلك اختباراً حقيقياً لموقع الحزب بين الجماهير.
بناء ديمقراطي
يقول المهندس أنور الحسنية، وهو عضو قيادة فرع سابق: يعتبر دخول الأحزاب في الانتخابات العامة على المستوى الشعبي بأسلوب القوائم أمراً طبيعياً، وهو من حقوقها، لأنه لا يجوز لأعضاء الحزب أن ينافسوا بعضهم أمام عموم الناخبين لسببين، أولهما التنافس يكون داخلياً في حياة الحزب، والثاني أن الأسماء التي تتضمنها القوائم لا تمثّل ذاتها، وإنما تمثّل سياسة الحزب، وبرامجه، وتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فالناخبون يصوتون للحزب، وليس للأشخاص، أما في موضوع بنية القوائم وطريقة بنائها فمازال يحتاج إلى عمل كثير للوصول إلى قوائم تعبّر بشكل حقيقي وشفاف عن توجهات حزب جماهيري كبير كحزب البعث، فالقوائم تبنى اليوم من قبل قيادات، أي بعدد محدود، في حين أن بناءها بشكل ديمقراطي داخل الحزب يعطيها قوة ومشروعية أكبر، وبالتالي يصبح وجود هذا الاسم أو ذاك في قائمة الحزب نتاج تفاعل هذا العضو مع حياة الحزب، ومعبّراً عن أصوات القواعد الحزبية، وبذلك لا تعود القوائم نتاج قرارات ورؤى قد تخطئ وقد تصيب، وبنظرة إلى قوائم مجلس محافظة السويداء، ورغم ما تحويه هذه القوائم من كفاءات وطاقات علمية وحزبية، نجد أن حضور العنصر النسائي قليل، حيث لم تشمل القائمة إلا مرشّحتين من أصل أربعة وأربعين مرشّحاً، وهذا لا يعكس رؤية الحزب للمرأة، وكذلك فإن تمثيل أحزاب الجبهة ضعيف جداً، حيث مثّلت برفيق واحد، وهذا لا يعكس أيضاً التاريخ والعمل الجبهوي في المحافظة، وكذلك لوحظ أيضاً خلو القائمة من جميع أعضاء المجلس السابق، وهل هذا نتاج تقويم لأداء كل عضو، أو نتاج رؤية محددة لكل أعضاء المجلس القديم، في الوقت الذي اعتاد فيه الحزب على التجدد، مع الحفاظ على التفاعل بين القديم والجديد، وخاصة في المؤسسات التي تقوم على التمثيل العددي.. إننا في الحزب نطمح إلى الأفضل دائماً، لذلك فإن صيغ الانتخاب ليست قوالب جامدة، وإنما هي صيغ قابلة للتغيير والتجديد، استناداً إلى النقد البناء والموضوعي، وإلى إرادة الجماهير، ومعطيات التطور والعصرنة.
اختبار جماهيري
ويبقى من المسلم به أحقية أي حزب بالدخول في أية انتخابات، سواء محلية أو للبرلمان بقائمة، وهي حالة صحية بالنسبة للحزب، وقد تشكّل مجموعة أحزاب ائتلافاً موحداً، كما هي قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، قوائم الحزب ليست ملزمة، وهذا تحد أمام هذا الحزب أو ذاك باختيار شخصيات لها بعدها الاجتماعي، وبالتالي نجاح قائمته دليل على صحة خياراته، طبعاً عدم وجود أحزاب أخرى منافسة يجعل قائمة حزب البعث، وائتلاف الجبهة الوطنية التقدمية القائمة الوحيدة، فمجموع أفراد باقي الأحزاب على مستوى المحافظة مجتمعة لا يزيد عن عدد أعضاء فرقة حزبية واحدة، إذاً ليست المشكلة في الحزب وقوائمه، بل في باقي الأحزاب ونشاطها، هذه الأسباب مجتمعة أجدها كفيلة بنجاح قائمة الحزب، وإن كان هذا لا يعني إعلان نتائج مسبقة، فالمهم يبقى اختيار الأفضل والأنسب، بغض النظر عن انتمائه الحزبي، أو العائلي، ولتكن الروائز الحضور الاجتماعي والشعبي، والموقف من الحرب ضد الوطن، والثقافة، والتحصيل العلمي، ولننظر جميعاً للاسم الأول دون الكنية، أو الاسم الثاني، فالمرحلة القادمة تتطلب منا كفاءات قادرة على المبادرة، والعمل المثمر.

رفعت الديك