اقتصادصحيفة البعث

“جاء ليكحلها”..!

 

قرارات هامة بهذه النتيجة اللافتة، التي مرت مرور الكرام ولم يتَّنبه إليها حتى الإعلام، وصفت من قبل غرفة تجارة ريف دمشق، رئيساً وأعضاء، خلاصة اجتماعها مؤخراً مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

بداية نحن لسنا ضد أي وفاق واتفاق بين “حماة مستهلكنا” وبين “التجار”، لكن شرط ألا يكون ذلك على حساب المستهلك وحقوقه…

لكن نتيجة الاجتماع وبأبرز ما انتهى إليه، كان كافياً كي يدفعنا دفعاً باتجاه التوجس من حدوث مهادنة في قضايا رئيسة تهم المواطن والمجتمع وبالتالي الاقتصاد الوطني.

وهنا من الضروري عرض أهم ما اتفق الطرفان عليه،  وأوله: معالجة وضع كل من أغلق محله خلال ٢٤ أو ٤٨ ساعة من تاريخ تقديمه للطلب لدى غرفة تجارة ريف دمشق؛ وثانيه: وقف إغلاق المحلات التي تحوي مهربات واستبداله بغرامة والاستمرار بملاحقة البضائع المقلدة والمزورة؛ وثالثه: وقف تقديم بيان الكلفة لمعامل الألبسة لحين الطلب وتعديل نسب الأرباح، وليس آخراً: دراسة السماح باستيراد بعض المواد التي تدخل تهريباً..!

بقراءة لما اتفق عليه، نعتقد أن التجار الشطار، حصلوا على ما لم يكن يحلمون به، ولعلنا لا نلومهم، فمبدأهم “التجارة شطارة”، ليس في السعر والتسعير فقط، لا بل حتى في التفاوض والتجاوز لما كان فيه الأكثر من المخالف..!؟

إن قليلاً من التمعن في كل أمر اتفقوا عليه، يقودنا – معذورين – للقول: إن عقوبة الإغلاق ستسقط بالتفاهم رغم وجودها بالقانون، فهل أصبح قرار الاتفاق أعلى “كعباً” من القانون، ما يُمكِّن الأول من إفراغ القانون الضابط والملزم من مفاعيله وقوته، وبالتالي إجهاضه شيئاً فشيئاً..!؟

ولو سلمنا جدلاً بالاتفاق على معالجة الإغلاق، أي عدم اللجوء للإغلاق، للمحال التي ترتكب مخالفة تستحقه، شرط ألا تشتغل بالمهربات، فكيف يعقل أن نسلم ونقرُّ بالتهريب، بشكل صريح من خلال وقف إغلاق المحال التي تحوي مهربات..!؟

أما “تخريجة” استبدال الإغلاق بالغرامة، فكلنا يعلم أن التاجر والبائع قادران على استرجاع الغرامة من المستهلك بطرق عدة وغير مشروعة لا مجال لذكرها، والسؤال عندها سيكون: ماذا فعلنا..!؟ لقد ولدَّنا واستنبطنا مخالفة من مخالفة مع فارق جوهري وهو: أن ضبط المهربات في المحال متاح وممكن في أي وقت، لكن ضبط عملية استرجاع الغرامة لا يمكن ضبطها..!! عندها مَنْ سيلاحق مَنْ في “المقلد والمزور”..؟!

أما بالنسبة للدراسة العتيدة التي سيسمح من خلالها باستيراد بعض المواد التي تدخل تهريباً، فنعتقد أن هذا لو تم فلن ينهي حالة التهريب للمواد المثيلة نفسها، بحكم التجربة، وهنا قد لا يصح مبدأ “الضرورات تبيح المحظورات”، بل تزيد حالة الخلل في الأسواق.

أما بالنسبة للاتفاق على وقف تقديم بيان الكلفة لمعامل الألبسة لحين الطلب وتعديل نسب الأرباح، فنسأل: ولذلك الحين ما الذي سيضبط العملية من المنتج إلى المستهلك..!؟

وأخيراً.. نأمل ألاَّ يكون أي اتفاق على حساب اقتصاديات المواطن والوطن، وإلاَّ كنا كمن “جاء ليكحلها قام عماها”.!

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com