دراساتصحيفة البعث

تحرير وول ستريت من القيود.. فساد واضح وصريح

ترجمة: علاء العطار
عن موقع “كمن دريمز” 20/9/2018

بعد عشر سنوات على انهيار وول ستريت وتبعاته على الاقتصاد الأمريكي، والذي تسبّب بخسارة ملايين الأمريكيين لمنازلهم وأعمالهم ومدخراتهم، تعمل وول ستريت بجد على تفكيك الرقابة المشددة التي فرضها الكونغرس لمنع حدوث كارثة أخرى.
اجتاحت هذه الحرب قيود ونُظم الكونغرس والهيئات التنظيمية المصرفية، وهو أمرٌ وثَّقه تقرير أصدره ائتلاف الوقاية الرشيدة.
تنبع هذه الهجمات من العلاقة الفاسدة بين الإنفاق السياسي في وول ستريت والمشرعين المُذْعنين، ومن منظمي سياسة “الباب الدوار” الذين جاؤوا من وول ستريت وقد يعودون إليه.
كل ضمانة تُلغى أو تُسحب، وكل بندٍ لا يتمّ تنفيذه، وكل أمر تنفيذي يحكم القواعد، وكل موظف حكومي متفانٍ يتمّ استبداله بمنظور إيديولوجي فاسد هو ربحٌ آخر لصناعةِ منظمةٍ ما، التي عادة ما تكون قد أنفقت ملايين لا تُحصى، أو مليارات في حالة وول ستريت، للتأثير على المشرعين.
ويتبيَّن فيما يلي كيف استفادت بنوك وول ستريت من إنفاقها السياسي والاستمالة بالدولارات خلال العامين الماضيين:
– زودوا الوكالات التنظيمية المالية بموظفين من شركة غولدمان ساكس وغيرها من البنوك الكبرى، الذين استخدموا بعد ذلك مناصبهم لدعم التحرير المالي الشامل.
– نصّبوا ميك مولفاني، الراديكالي المناهض للحكومة والمعادي للمستهلك، كرئيس مؤقت لمكتب الحماية المالية للمستهلك، ورتبوا لأن يكون أحد أتباعه المخلصين، وهو سياسي غير كفء أبداً، المدير الدائم التالي.
– ضمنوا انسحاباً شاملاً في الإنفاذ التنظيمي لحكومتنا، وخاصةً الإنفاذ الذي يستهدف الصناعة المالية، وهو أمر ضروري لمعاقبة جرائم الشركات وردعها.
– أقنعوا الكونغرس باستخدام قانون المراجعة الخاص به لإلغاء سيطرة التحكيم القسري لمكتب الحماية المالية للمستهلك، ومنع وصول المستهلكين إلى المحاكم، والسماح للبنوك وشركات بطاقات الائتمان بسرقة المستهلكين دون عقاب.
– دفعوا ست وكالات إلى الالتزام بإضعاف “قاعدة فولكر”، الأمر الذي يمنع البنوك من المقامرة بالودائع بتهور.
– كسبوا مساعدات ضريبية ضخمة استفادت منها الشركات الكبرى ذات الثراء الفاحش، حيث ذهبت عشرات المليارات منها مباشرة إلى خزائن أكبر بنوك وول ستريت.
وما يزيد الطين بلّة أنهم جعلوا الكونغرس يُمرّر مجموعة كبيرة من إجراءات إلغاء القيود على البنوك والتراجع عن الإصلاحات المهمّة التي تحمي المستهلكين، وتحدّ من التمييز في الإقراض وزيادة الرقابة على النظام المالي.
هذه الهجمات التي تجتاح الحماية المالية وحماية المستهلك لن تجعل أمريكا أعظم، بل ستجعلها فوهة بركان، وتمهد الطريق لأزمة وول ستريت التالية، ومن المحتمل جداً أن تؤدي إلى سلسلة أخرى من عمليات الإنقاذ المصرفي التي يموّلها دافعو الضرائب.
تشير استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين من جميع الأطياف السياسية لا يريدون إزالة الرقابة على وول ستريت، ويريدون دعم الحماية العامة القوية والإنفاذ الصارم، ويرغبون بقوانين أكثر صرامة. وعلى الكونغرس أن يضع ضوابط حقيقية على سلطة الشركات في واشنطن وكل البلاد، كما أننا بحاجة إلى إصلاحات لإغلاق “الباب الدوار” وكبح جماح الاستحواذ على الجهات التنظيمية كقانون السيناتور الأمريكي إليزابيت وارن (D – Mass) للنزاهة العامة ومكافحة الفساد.
والإصلاحات الرئيسية المتعلقة بالأخلاقيات ضرورية لإنهاء دورة الفساد المنظم، وضمان أن يضع المشرعون مصالح الأمريكيين في مرتبة أعلى من بنوك وول ستريت.