ثقافةصحيفة البعث

سيد درويش.. سفير الموسيقا العربية

 

 

الذي يقرأ الشعر العربي المعاصر، يعجب أشد العجب، عندما يرى أن معظم دواوين هذا الشعر، لا يكاد الواحد منها يخلو من قصيدة أو أكثر في (سيد درويش) وفي موسيقاه، وذلك فضلاً عن رواد الفكر في الوطن العربي، فلقد ملؤوا كتبهم بالحديث عن دور هذا العبقري الخالد، فالعقاد يقرر عنه أنه (رأس مدرسة)، و(البشري) يقول: إنه أول من اعتمد على الموسيقا من دون التفات إلى رخامة الصوت، (والمازني) يقول: إنه كان دعامة من دعائم اليقظة الفنية في مصر والبلاد العربية، وتوفيق الحكيم: يحكى عنه أنه كان يلحن الصحف اليومية، هذا عدا عن ما قاله (شوقي وحافظ ومطران وبيرم) وغيرهم من طليعة الكتاب العرب.
والموسيقيون العرب، من أبناء هذا العصر على وجه الإجماع يقررون أنه لولا (سيد درويش) لما كان عندنا شيء اسمه (الموسيقا) العربية، فهو البنّاء الحاذق الذي خلّص بناء موسيقانا من كل نبرة غير عربية، وحتى يبعد بينها وبين التسطيح ويعطيها الطابع العربي العميق.
والناس في مصر والبلاد العربية يتساءلون علناً عن السر في جحود العرب لعبقرية ابنهم الفذّ، وعن المشي قصداً في موكب أفكار هذا الفنان العربي العظيم، ويتساءلون همساً عن حجب هذه الذخيرة الخصبة بالفن وبالقومية عن الناس، لأن فن (سيد درويش) ليس عقاراً، و(سيد درويش) الفنان أمة، وهو سيد الألحان العبقرية التي اشتركت في خلق الشخصية العربية المستقلة.
لماذا لا يصدّر مجلس الإذاعات العربية قانوناً على غرار قانون الاستيلاء..؟ بالاستيلاء على ألحان (سيد درويش) لأن هذه الألحان هي ملك للأمة العربية من المحيط إلى الخليج العربي، ماضيها، وحاضرها، ومستقبلها.
ولماذا لا يُطالب مجلس نقابة الفنانين العرب بإقامة نصب تذكاري له يقام في كل بلد عربي، لكون هذا الفنان واحد من سادة الموسيقا والغناء العربي..؟ وليحفظ الغناء والموسيقا العربية على هيبتهما وديمومة حياتهما في وقت نحن بحاجة إلى ألحان (سيد درويش) في هذه المرحلة من تاريخ أمتنا العربية.
وأنتم أيها الفنانون العرب، صفقوا لـ(محمد البحر) ابن العبقري (سيد درويش) لأنه احتفل بذكرى وفاة أبيه الخامسة والتسعين في بيته فقط.
د. رحيم هادي الشمخي