تحقيقاتصحيفة البعث

يعاني منه الأهل والأطفال ضعف التركيز.. أسباب متعددة تبدأ من الأسرة.. والعلاج في التحفيز والتعامل الصحيح مع السلوك

يعاني الكثير من الأهالي من مشكلة ضعف التركيز، وتشتت الانتباه عند أطفالهم، ما يسبب انزعاجهم وقلقهم حول مستقبل أبنائهم الاجتماعي والتعليمي، خصوصاً إذا كانوا يعانون من قلة التحصيل الدراسي، وتتجلى أفضل طرق العلاج وأقصرها في معرفة أسباب المشكلة، ثم تفاديها، أو إيجاد حل مناسب لها، بالإضافة إلى منح الطفل المزيد من الرعاية والاهتمام، كما تعتبر الضغوط المنزلية كالمشاكل بين الأم والأب، وغيرها، سبباً هاماً لعدم تركيز الطفل وتشتت ذهنه، لذلك فإن الحل الأمثل هو إخفاء الخلافات المتكررة، وعدم إشعار الطفل بوجودها، وبعض الضغوطات تكون مدرسية كالتعرّض للإهانة، أو لبعض المواقف المحرجة، والخلافات بين الطلبة، تختلف درجة قلة الانتباه بين طالب وآخر، لذلك لابد من الاهتمام بهم، ومحاولة معرفة أسباب كل حالة وعلاجها لإزالة جميع العقبات التي يمكن أن تعترض حياة الطفل العلمية.

 

ظروف اجتماعية

الطفل يتمتع بالبراءة، ويعد صفحة بيضاء لا تحمل أية تجارب أو خبرات تساعده على معرفة هواجسه وقلقه، لذلك فإن مهمة البحث عن الأسباب التي تقلل من مستواه العلمي تقع على الأهل، وهنا تحدثنا الدكتورة في علم الاجتماع ديانا عيسى عن أسباب ضعف التركيز لدى الأطفال، واختلافها بين طفل وآخر، فالبعض منهم يتأثر باللعب، ويزداد هذا التشتت وضعف التركيز كلما زادت عدد الساعات التي يقضيها الطفل في اللعب، بالإضافة لقضاء الطفل أغلب أوقاته في مشاهدة الأفلام والمسلسلات الكرتونية غير الهادفة، وخصوصاً التي تحتوي على لقطات غير مألوفة له، ما يدفعه إلى كثرة التفكير فيها، وكثرة “السرحان”، وبالتالي ضعف تركيزه على الأمور الأخرى، وخصوصاً الدراسة، وتتابع عيسى: إن المشاكل الأسرية، وخصوصاً الخلافات بين الوالدين التي تتم أمام أعين الأطفال تسبب شروداً وضعفاً في قدرته على التركيز، وهناك بعض الحالات التي تصيب الطفل بالإرهاق الشديد والأرق تنتج عن ضعف شخصية الطفل، وخوفه الشديد من المواجهة، وخوفه من المعلمين وزملائه في المدرسة، وخوفه من الامتحانات التي تؤدي إلى تشتيت انتباهه، وضعف تركيزه في الدراسة، والتأثير على تحصيله الأكاديمي.

 

جانب نفسي

يعتبر اهتمام الأهل بالطفل، وإظهار حبهم له، وتلافي المشكلات المنزلية، من أهم طرق علاج ضعف التركيز عنده، دكتور الصحة النفسية أحمد مهايني يرى أنه من الممكن زيادة انتباه الطفل وتركيزه عبر اختيار برامج الكرتون الهادفة وذات الأفكار المميزة التي تجعله يفكر بشكل إيجابي فيها كبرامج المسابقات للأطفال، وبرامج المعلومات العامة، وتحديد أوقات معينة من النهار للعب، كما يمكن الاستفادة من الألعاب التي تعمل على تشغيل عقل الطفل، والتي تحتاج إلى تركيز كألعاب الفك والتركيب، ويضيف مهايني بعض الحلول التي تعتمد على أسلوب التعامل مع الطفل، والعمل على زيادة ثقته بنفسه من خلال مدحه كثيراً عند قيامه بعمل جيد ومميز، بالإضافة إلى مساعدته في إتمام دروسه، وزيادة حبه فيها، ما يؤدي إلى زيادة قدراته الدراسية، وتركيزه فيها للحصول على أعلى العلامات.

جانب عضوي

تشير جميع الدراسات إلى ضرورة انسجام الطفل مع أقرانه، واللعب معهم، وهذا يرتبط  بالمدرسة، ومهمة المعلم في كشف هذه الحالات غير المنسجمة مع الطلبة، وإيجاد الحل المناسب لها كالتشاور مع الكادر التعليمي والإدارة لتعزيز لفت انتباه الطفل بزيادة وسائل التسلية والترفيه كإنشاء أنشطة تحتوي على ألوان منوعة ملفتة لتثبيت المعلومة، وتبيّن دكتورة علم نفس الأطفال ومهارات التعلّم سلينا حسين ضرورة الكشف عن سلامة الحواس لدى الطفل، والتأكد من أنها سليمة، ولا توجد فيها مشكلة تعيق انتباهه وتركيزه أثناء الدرس، لذلك يجب اختبار حاسة السمع والنظر واللفظ لدى الأطفال وعلاجها، كما يجب استخدام الاتصال البصري بين الطفل وأهله، والنظر في عيني الطفل أثناء الحديث معه، وتضيف حسين: يساعد اختيار المكان المناسب لمذاكرة الطفل على زيادة انتباهه، بحيث يكون خلفه حائط أو “شباك” بدلاً من الأماكن المفتوحة المشتتة للانتباه، وتحديد الكلام مع الطفل، فبدلاً من قول: “لا تضع قدمك على الكرسي”، يجب القول: “أنزل قدمك إلى الأرض”، فالأمر الأول قد يجعله يزيل قدمه عن الكرسي، ثم يضعها على المكتب أو الطاولة.

جانب غذائي

يمكننا تنمية القدرات على تعزيز تركيز الطفل كإعطائه نصاً صغيراً بمقدار نصف صفحة لقراءته، ثم الطلب منه أن يوضح ماذا فهم منه، وتقديم المكافآت له عند تركيزه، وإيضاح المطلوب منه كنوع من التعزيز، وتذكر حسين بجدولة مواعيد الطفل ضمن قائمة محددة، بحيث يكون هناك وقت معين للمذاكرة، ومشاهدة التلفاز، واللعب، وتناول الطعام، وتنظيم الوقت، لأن ذلك يساهم في تعزيز التركيز والانتباه مع مرور الوقت، ويغيب عن ذهن معظم الأهالي تأثير المأكولات من السكريات والمواد الحافظة، فهي تسبب عدم التركيز، وزيادة البروتينات كالبيض، والجبن، والكبد،  والحليب، والأهم من كل ذلك الصبر الطويل مع الطفل وتحفيزه المستمر على محاولة إتمام الأنشطة أو العمل الموكل إليه مهما فشل، وعدم لفت انتباهه بأنه لا يجيد التركيز، فهذا يثبت الفكرة في رأسه، ويصعب تغييرها مع الوقت، لذلك من الأفضل تجاهل السلوكيات غير المرغوبة من الطفل، ولفت انتباهه إلى السلوك الأفضل فقط، بالإضافة لمنح الطفل فرصة للتنفيس كإعطائه كرة اسفنجية من الخيوط الملونة أو المطاط.

ميادة حسن