اقتصادصحيفة البعث

النزعــة التجاريــة نحــو “الاســتيراد” تقـــوض “الصـــادرات”.. جدليــة “تحمّــل المســؤولية” تلقــي بظلالهــا علــى أهــم ركــن اقتصــادي..!

 

بتنا كثيراً ما نسمع لدى عقد أي اجتماع أو لقاء مع الشركاء الجدد عبارات من قبيل “عدم ارتقاء العلاقات الاقتصادية إلى مستوى نظيرتها السياسية” أو “تدني مستوى العلاقات الاقتصادية مقارنة مع السياسية منها” وغيرها من العبارات التي يزداد وردها هذه الأيام ضمن تصريحات عدد من المسؤولين –ولاسيما وزراء الجهات المعنية- عند الحديث عن قيم التبادل التجاري مع الدول الشريكة، أو مدى دخول شركاتها في المجال الاستثماري في بلادنا..!

تحفظ..!
كما أن قطاع الأعمال أيضاً لا يخفي هذا الأمر، ويتحفظ في كثير من الأحيان على الخوض بتفاصيل ما يعوق تنفيذ ما اتفق عليه بالخط العريض مع نظرائه في هذه الدول ولاسيما في مجال إحداث الشركات المشتركة، مع الإشارة هنا إلى وضوح التوجه الحكومي لجهة إعطاء الأولوية للأصدقاء..!

تقصير..!
أمام هذا المشهد يبرز لدينا رأيان؛ الأول يحمّل الجهات الحكومية مسؤولية عدم اضطلاعها بتسويق الفرص الاستثمارية كما يجب، نتيجة عدم وضوح الرؤية الاستثمارية والتأخر بإصدار قانون الاستثمار، ويحمّلها أيضاً مسؤولية عدم تصريف المنتجات السورية في أسواق الشركاء بالمستوى المطلوب، نظراً لتقصيرها بتطبيق قاعدة “إنتاج من أجل التصدير”، والاستكانة لمبدأ “تصدير الفائض” المنحرف عن الجودة والمواصفات المطلوبة في البلد المستهدف..!

غير قادر..!
أما الرأي الآخر فيحمّل قطاع الأعمال المسؤولية، خاصة مجالس الأعمال غير القادرة بعد على تعزيز العلاقات مع النظير ولاسيما لجهة عدم إعطاء مزيد من الزخم لصادراتنا، لصالح التركيز على الاستيراد، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لدى سؤالنا أحد رجال الأعمال عن سبب تدني قيمة التبادل التجاري مع الصين، سرعان ما ردّ هذا السبب إلى سياسة ترشيد الاستيراد التي منعت انسياب العديد من المنتجات الصينية إلى الأسواق السورية، دون أن ينبس ببنت شفة عن مساعيه وزملائه لتوسيع دائرة التصدير، وكأن للتبادل التجاري قواماً واحداً هو “الاستيراد” فقط، وهو العامل الوحيد لرفع قيمته وانخفاضه..!
اتساع الفجوة..!
لاشك أن النفس العام لقطاع الأعمال ذو النزعة التجارية القائمة على الاستيراد، ساهم باتساع الفجوة الحاصلة بين وارداتنا وصادراتنا من وإلى بعض الدول، فهاهي غرفة تجارة دمشق تفصح عن قيمة التبادل التجاري مع إيران في 2017، وتبين أن 104 ملايين دولار حجم الواردات الإيرانية إلى سورية، و13 مليون دولار حجم الصادرات السورية إلى إيران، وكذلك يكشف مجلس الأعمال السوري – الصيني عن انخفاض التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 16 مليون دولار،، صادراتنا منه لا تتجاوز الـ1.5 مليون دولار، مع توقعات بارتفاع قيمة هذا التبادل إلى نحو 30 مليوناً نهاية العام الحالي…!

حالة وطنية
وفي الوقت الذي لا ننكر فيه مساهمة الأزمة وتداعياتها بشكل كبير بتدهور هذه الأرقام، نعتقد أن التصدير في هذه المرحلة وما تشهده من انفراجات على المستويات كافة، بات أقرب ما يكون إلى حالة وطنية يستوجب تعزيزها بأي شكل كان، مع عدم تشكيكنا بكل تأكيد بوطنية أي من رجال أعمالنا فهم بلا شك شركاء استراتيجيون في عملية التنمية، لكن تركيزنا التصدير مرده الأساسي تعزيز الإنتاج الكفيل بتقوية أواصر اقتصادنا الوطني.
hasanla@yahoo.com