الصفحة الاولىصحيفة البعث

الفلسطينيون يسطّرون ملحمة صمود جديدة في الخان الأحمر الأمم المتحدة: “إسرائيل” ترتكب جريمة حرب في غزة

بعد يومين من انتهاء المهلة الزمنية التي حدّدتها سلطات الاحتلال لأهالي القرية لإخلاء منازلهم وهدمها بأيديهم، أكد فلسطينيون معتصمون في قرية الخان الأحمر شرق القدس المحتلة صمودهم وثباتهم في مواجهة مخططات الاحتلال، وقال رئيس المجلس القروي للخان الأحمر عيد أبو داهوك: “إنّ الفترة الزمنية التي حدّدها الاحتلال لهدم منازلنا بأيدينا انتهت، ونؤكّد على أننا مزروعون في أرضنا ومنازلنا ولن نرحل، وسندافع عن مستقبل أطفالنا، والشيء الوحيد الذي من الممكن هدمه هو الاحتلال وقوانينه العنصرية”، وطالب المجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤولياته بحماية الخان الأحمر وسكانه من سياسة التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال.

من جهته، شدّد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف على أن معركة الدفاع عن الخان الأحمر هي معركة الفلسطينيين ضد تهويد القدس وتقسيم الضفة الغربية والتطهير العرقي، محذّراً من أن تجرّؤ الاحتلال على تنفيذ جريمته بحق الخان الأحمر ستكون له امتداداته على كل أرجاء فلسطين، فيما حذّر محافظ القدس عدنان غيث من تبعات إقدام سلطات الاحتلال على هدم القرية، مشدّداً على أن همّة الفلسطينيين لن تفتر، وأنهم ماضون في حماية الأرض والمقدسات والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته وعاصمتها القدس، داعياً المجتمع الدولي إلى وقفة مسؤولة تجاه قضية الشعب الفلسطيني الذي يتجرّع في كل دقيقة مرارة الاحتلال.

ويخوض أبناء قرية الخان الأحمر منذ عام 2009 نضالاً ضد أوامر الهدم الإسرائيلية لمنازلهم بهدف تهجيرهم وتوسيع مستوطنتين مقامتين على أراضي الفلسطينيين في المنطقة، الأمر الذي سيمكّن سلطات الاحتلال من فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية.

وينفذ الفلسطينيون اعتصاماً مفتوحاً في قرية الخان الأحمر منذ الخامس من الشهر الجاري في محاولة لمنع سلطات الاحتلال من هدمها.

وفي قطاع غزّة، عمّ إضراب شامل مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في القطاع احتجاجاً على تقليص خدماتها في القطاع وفصل ألف موظف بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الوكالة، بعد وقف الولايات المتحدة الأمريكية مساهمتها في تمويلها.

ويستمر الإضراب العام يومين، ويشمل كل المرافق التعليمية والصحية والخدمية التابعة لـ”لأونروا”، فيما تتواصل الجهود لاحتواء الأزمة المالية التي انعكست سلباً على كل مرافق حياة اللاجئين الفلسطينيين.

وكانت الإدارة الأمريكية جدّدت في نهاية آب الماضي انحيازها الفاضح لكيان الاحتلال الإسرائيلي وضغوطها على الفلسطينيين لمنع إقرار حقوقهم المشروعة، وأعلنت رسمياً وقف تمويل وكالة “الأونروا”.

وفي السياق نفسه، وصف مقرّر الأمم المتحدة الخاص بالأراضي الفلسطينية المحتلة مايكل لينك استمرار مواصلة قوات الاحتلال قتل المزيد من المتظاهرين الفلسطينيين على السياج الذي يفصل قطاع غزة عن باقي الأراضي المحتلة، بـ”الإهانة المستمرة لحقوق الإنسان وكرامة الإنسان”، وقال في بيان له تعليقاً على استشهاد 7 متظاهرين فلسطينيين وإصابة أكثر من 200 آخرين يوم الجمعة الماضي: إن “القوات الإسرائيلية لا تلتفت للانتقادات الدولية بسبب استخدامها إطلاق النار المميت ضد متظاهرين لا يشكلون تهديداً حقيقياً لهم”.

وأكد لينك أن “العديد من القتلى والجرحى لم يشكلوا تهديداً وشيكاً للقوات الإسرائيلية”، مشيراً إلى “وجود حالات قتل عمداً، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب، كما أنه انتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان وحماية حقوقه في حرية التعبير والتجمع”، وأعرب عن أمله في أن “تتمكّن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي تمّ تعيينها مؤخراً من إجراء تحقيق شامل في الوفيات والإصابات في غزة خلال الأشهر الستة الماضية”، مضيفاً: إن “المساءلة أمر بالغ الأهمية في السعي العالمي للنهوض بحقوق الإنسان وتقديم الجناة إلى العدالة وفقاً لسيادة القانون”.

في الأثناء، داهمت قوات الاحتلال بيت لحم وجنين وطولكرم والخليل بالضفة الغربية، وفتّشت منازل المواطنين، واعتقلت 20 فلسطينياً، كما اعتقلت فلسطينياً من القدس المحتلة، فيما أصيب عدد من الفلسطينيين في طولكرم وجنين بحالات اختناق جراء إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز السام.

وتوغلت عدّة آليات عسكرية للاحتلال لعشرات الأمتار شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وقامت بعمليات تجريف للأراضي.

كما اعتدى مستوطنون إسرائيليون على أراضي الفلسطينيين في خربة لفجن شرق قرية عقربا جنوب نابلس بالضفة الغربية، وقاموا بتجريف أكثر من 200 دونم، وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية: “إنّ مستوطنين قاموا بتجريف أكثر من 200 دونم من أراضي تعود ملكيتها لفلسطينيين من عائلتي صبيح والعطعوط تحت حماية قوات الاحتلال”.

كما جدّد عشرات المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى المبارك تحت حماية قوات الاحتلال، وأفادت مصادر محلية بأن نحو 130 مستوطناً اقتحموا الأقصى عبر مجموعات من جهة باب المغاربة ونفذوا جولات استفزازية في باحاته وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال.

من جهتها، حذّرت وزارة الخارجية الفلسطينية من النتائج الكارثية لإجراءات سلطات الاحتلال التهويدية في المسجد الأقصى المبارك وباحاته ومحيطه، وأوضحت في بيان أن اعتداءات واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال ازدادت في الآونة الأخيرة بالتزامن مع تكثيف سلطات الاحتلال إجراءاتها التهويدية في المسجد ومحيطه وفي البلدة القديمة بالقدس المحتلة، محذرةً من خطورة هذه الإجراءات التي تأتي ضمن مخططات الاحتلال لهدم المسجد الأقصى.

وكانت الحكومة الفلسطينية طالبت المجتمع الدولي مراراً بالتحرك الفوري لحماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية ومدينة القدس المحتلة من الإجراءات التهويدية اليومية، بينما حذّرت وزارة الأوقاف من خطورة الحفريات التي يقوم بها الاحتلال أسفل الأقصى وحوله، داعيةً منظمة اليونيسكو إلى العمل الجاد والسريع لحماية المسجد من اعتداءات الاحتلال.

من جهة ثانية، جدّدت الخارجية الفلسطينية إدانتها الانحياز الأمريكي الأعمى للاحتلال الإسرائيلي، مشدّدةً على أن فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى سياسات تكرّس الاحتلال والاستيطان والعنصرية ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، وقالت الخارجية: “إن مواقف السفير الأمريكي المتطرف ديفيد فريدمان وتصريحاته بالتأكيد على أولوية أمن “إسرائيل” على حساب قيام دولة فلسطينية تثبت أنه أخطر مسؤول على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وعلى السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، كما تعتبر مواقفه وصمة عار على جبين الولايات المتحدة.

ولفتت الخارجية إلى أن مواقف فريدمان ليست مفاجئة، فهو إسرائيلي متطرّف بامتياز، وينتمي للحركة الاستيطانية العنصرية التي تنكر وجود الفلسطينيين على أرضهم، مشددةً على أن هذا التفكير العنصري البغيض لا يصدر إلا عن أمثال فريدمان من أعداء الإنسانية الذين ينتمون إلى ثقافة الكراهية والعنصرية والحقد الأعمى ضد كل ما هو فلسطيني.