اقتصادصحيفة البعث

في حضرة “تحديث بنية الوظيفة العامة في سورية”.. وزارة التنمية الإدارية تبدد هواجس الاستغناء عن موظفي الدولة.. و”اتحاد العمال” يتطلع إلى تشريعات تضمن حقوق العامل

 

 

دمشق – سنان حسن
طمأنت وزير التنمية الإدارية سلام سفاف موظفي الدولة أن الحكومة لن تستغني عن أي منهم خلال تطبيق مشروع الإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد في جلسة مجلس الوزراء 20/ 6/ 2017، مشيرة في تصريح خاص بـ”البعث” إلى أن المشروع شدد على وضع خارطة للموارد البشرية مع أخرى للشواغر الوظيفية والمطابقة بينهما بالتوصيف الوظيفي، موضحة على هامش ملتقى “تحديث بنية الوظيفة العامة في سورية” الذي عقد أمس، أن هذا يعني سبر كل الموارد البشرية كماً ونوعاً وتخصصاً، ودراسة مدى تطابقها مع حاجات الوزارات، ومن ثم النظر بإعادة تدريبه وتأهيله ليكون متوائماً مع حاجات العمل، مبينة أنه لا يوجد هناك فائض بالعمالة وإنما سوء توزيع.
وفي ذات السياق يتطلع الاتحاد العام لنقابات العمال إلى اعتماد قوانين جديدة تضمن حقوق الجهات العامة التي يمثلها العامل، وتؤمن للعامل كامل حقوقه ومستحقاته، إذ أشار رئيس الاتحاد جمال القادري في تصريح لـ”البعث” إلى أن اتحاد العمال شريك أساسي واستراتيجي في إطار تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، وهو يشارك في صياغة القوانين المكملة للمشروع من المراحل الأولى وحتى إنجازها بصكوك تشريعية جاهزة للإقرار من الجهات التشريعية، لافتاً إلى أن اتحاد العمال هو من أشد المطالبين بتعديل قانون العمل الحالي /50/ لعام 2004 كونه لم يعد ملبياً لمستلزمات المعيشة اليومية، كما أنه أصبح كابحاً لجهود التطوير، معولاً على هذا الملتقى لجهة تحقيق الانطلاقة الفعلية لمرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار على كل المستويات، والاطلاع على كافة الرؤى والأفكار.
وبالعودة إلى الملتقى الذي نظمته وزارة التنمية الإدارية بالتعاون مع الأمانة العامة في مجلس الوزراء، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة المالية، وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، فقد تم التعريف بالمفاهيم الرئيسية للوظيفة العامة والتطور التشريعي لنظام الوظيفة العامة في سورية، ومناقشة القوانين التي نظمت سابقاً وتنظم حالياً عملية التوظيف وطرح رؤية لتطوير القوانين وتحديث الوظيفة العامة في ظل المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد في 20/ 6/ 2017، كما ناقش قانون العمل الحالي والثغرات التي توجد فيه والآليات الجديدة لتعديله، والأهم مناقشة نظام المراتب الوظيفية وشرح مضامينه وإلقاء الضوء على مدونات السلوك الوظيفي وأهمية صدورها وجعلها ملزمة للعاملين في الجهات العامة. حيث قدمت وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف رؤية الوزارة لتطوير الوظيفة العامة وتحديث القوانين الناطمة لها، بدءاً من إعداد الإطار العام لمشروع إصلاح بنية الوظيفة العامة، وجعلها قادرة على الاستجابة الأمثل لمتطلبات الإصلاح الإداري واستحقاقات العمل في مرحلة إعادة الإعمار حيث سيتم الاستعاضة عن قانون العاملين الأساسي بأربعة قانونين، يتعلق الأول بالخدمة العامة ويتضمن نوع نظام الوظيفة العامة في سورية “هويتها- مغلق أم مفتوح”، ويتضمن القانون أيضاً نظام الرتب الوظيفية، والقواعد الأساسية الناظمة للخدمة العامة في القطاع الإداري، ومبادئ وأسس أنظمة العمل والعاملين بالتحديد في القطاع الاقتصادي” إنتاجي – صناعي- خدمي –زراعي” إضافة إلى تحديث سلالم الأجور وأنظمة الحوافز والتعويضات. والثاني هو قانون إدارة الموارد البشرية ويشمل قواعد إدارة الموارد البشرية من التعين إلى التقاعد، وحقوق وواجبات العاملين بالوظيفة ومعايير تقييم الأداء الوظيفي. فيما يتضمن الثالث التنظيم المؤسساتي، وإحداث الجهات العامة وقواعد التنظيم المؤسساتي وأسس تنظيم الوظائف في مسالك ومجموعات وظيفية. أما الرابع فهو قانون مبادئ وقيم الوظيفة العامة “مدونة السلوك الوظيفي”، ويتضمن واجبات الموظف السلوكية ومسؤولياته العامة والتعامل مع الآخرين “المواطن- الرؤساء- الزملاء المرؤوسين” والتعامل مع تكنولوجيا المعلومات والحفاظ على السرية وعدم الإفصاح عن المعلومات.
وقدم الدكتور إبراهيم الهندي من كلية الحقوق في جامعة دمشق عرضاً تاريخياً عن تطور الوظيفة العمومية، وكيفية ارتباطها ضيقاً واتساعاً بتغير طبيعة دور الدولة، حيث شرح المفاهيم الأساسية للوظيفة العامة والمتمثلة بنظام الوظيفة العامة ذات البنية المفتوحة والتي تقوم على النظرة الموضوعية من خلال تركيز على العمل الذي يقوم به الموظف، والذي يؤكد أيضاً على التخصص في العمل وعدم اعتبار الوظيفة العامة مجرد مهنة يقوم بها الموظف. إضافة إلى نظام الوظيفة ذات البنية المغلقة والذي يعتبر أن الوظيفة العامة كيان قائم بذاته مستقل عن باقي الهيئات ومزود بموظفين يكرسون حياتهم المهنية لمصلحته. كما عرض الهندي تطور الوظيفة العامة في سورية منذ سقوط الدولة العثمانية حتى وقتنا الراهن، مقدماً مقاربة لعملية التوظيف وشروطها في القانون الحالي ومقارنته مع القانونين السابقة.
وتناول مدين البورداني أهمية نظام المراتب الوظيفية ومضامينه، حيث شرح مضمون النظام الذي يقوم على فكرة تقسيم الوظائف العامة إلى فئات وكل فئة تتألف من مرتبات، والمرتبة بدورها تتألف من درجات تتم الترقية فيه وفق آلية تعدد أقنية التقييم بموجب شروط ومعايير موضوعية. مؤكداً أن العاملين المرشحين للترقية إلى المراتب الأعلى يجب أن يخضعوا لدورات تأهيل بهدف الارتقاء بمهاراتهم وقدراتهم بما يرفع أداءهم الوظيفي.
تطرق نائب عميد المعهد العالي للقضاء للشؤون العلمية الدكتور عمار مرشحة لقواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العاملة والتي تتضمن إرساء قيم وثقافة مهنية عالية لدى موظفي الدولة وتعزيز الالتزام بهذه المعايير والقيم، وترسيخ أسس الممارسات الجيدة، وذلك من خلال توعية العالمين في الدولية وتوجيههم نحو الأخلاقيات الوظيفية السليمة، وأطر الانضباط الذاتي التي تحكم سير العمل في الوظيفة العامة والمنسجمة مع القوانين والأنظمة النافذة.