الصفحة الاولىصحيفة البعث

الحصار يهدد بكارثة إنسانية في غزة.. و”المجتمع الدولي” صامت

 

للعام الثاني عشر على التوالي، تواصل سلطات الاحتلال فرض حصارها الجائر على مختلف المواد الغذائية والطبية ومواد البناء والوقود في قطاع غزة، ما سبّب معاناة شاقة لأهالي القطاع، وأحبطت في الوقت ذاته العديد من المبادرات الإنسانية لكسر الحصار خلال السنوات الماضية، واعتقلت المشاركين فيها.
وأثّر هذا الحصار الجائر على جميع جوانب الحياة الصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في القطاع، ما تسبب بفقدان أكثر من 90 بالمئة من أبنائه -البالغ عددهم أكثر من مليونين- المواد الغذائية اللازمة، إضافة إلى توقّف شامل لعجلة الاقتصاد نتيجة توقّف المصانع والمنشآت والقطاعات الإنتاجية المختلفة.
وذكر الخبير الاقتصادي عضو حزب الشعب الفلسطيني وليد العوض أن استمرار الاحتلال في فرض حصاره على القطاع يأتي ضمن خطة مبرمجة لتدمير الاقتصاد الفلسطيني، ما تسبب بإغلاق 90 بالمئة من المنشآت الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة إلى 75 بالمئة ليتجاوز عدد العاطلين عن العمل 280 ألفاً، وأكد أن الحصار دمّر القطاع الزراعي والتجاري والخدمي، وبات 88 بالمئة من سكان قطاع غزة يعتمدون على المؤسسات الدولية في الحصول على مساعدات، حيث يتلقى وفق تقارير الأمم المتحدة 1.2 مليون فلسطيني في القطاع مساعدات غذائية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وأشار العوض إلى أن حصار الاحتلال جعل أكثر من 70 بالمئة من الأسر في قطاع غزة لا تستطيع تلبية احتياجاتها اليومية من الغذاء، موضحاً أن نسب فقر الدم لدى الأطفال تجاوزت 40 بالمئة، وذلك بسبب الأمراض وسوء التغذية، فيما يوجد 250 ألف طفل في غزة، حسب تقارير اليونيسيف، بحاجة إلى التغذية الجيدة التي فقدوها نتيجة عدم قدرة العائلات على توفير غذاء صحي آمن للأطفال بسبب الفقر والبطالة.
وعلى صعيد القطاع الصحي، الذي يعد أكثر القطاعات الإنسانية تضرراً في القطاع بسبب الحصار، يمنع الاحتلال المئات من أصناف الأدوية من الدخول إليه، وكذلك يمنع أصحاب الأمراض المزمنة من مغادرة القطاع، ما تسبب بوفاة عشرات المرضى.
وفي هذا الصدد يقول الباحث الحقوقي حسين حمادي: “إن المستشفيات في القطاع طيلة سنوات الحصار وحتى الآن كانت عرضة وهدفاً للاحتلال، وذلك من خلال تعمد منع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية، وبات رصيد الكثير من الأدوية وخاصة التي يحتاجها مرضى السرطان والكلى والأمراض المزمنة صفراً، ما أدى إلى انعكاسات صحية خطيرة على المرضى الذين هم بأمس الحاجة للعلاج”، وأكد أن المستشفيات باتت غير قادرة على توفير الوقود المشغل للمولدات الكهربائية البديلة عن الكهرباء التي تتجاوز ساعات القطع فيها في اليوم الواحد 20 ساعة.
بينما أوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة أنه إضافة للمشكلات المتعلقة بالكهرباء، فإن هناك نسبة تلوث في المياه وصلت إلى 97 بالمئة حسب تقارير المنظمات الدولية، وهذا معناه كارثة في كل الاتجاهات، وتشكل خطورة بالغة على صحة الفلسطينيين في غزة.
وأكد أبو ظريفة أنه أمام الحالة الكارثية في قطاع غزة نتيجة الحصار هبّ الشعب الفلسطيني من أجل كسر الحصار من خلال مسيرات العودة لأنه لا يمكن الصمت إلى الأبد على هذا الحصار الظالم، داعياً كل أحرار العالم إلى التحرّك لكسره وإنقاذ قطاع غزة من الكارثة التي يعيشها أبناؤه، فلا يعقل أن يستمر العالم صامتاً على سياسة القتل والتجويع التي يتبعها الاحتلال في غزة.
ووصل عدد الشهداء الذين قضوا جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المتعمد للمشاركين في مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة منذ الثلاثين من آذار الماضي إلى 198 شهيداً، إضافة إلى إصابة أكثر من 21 ألفاً آخرين بجروح مختلفة وحالات اختناق بالغاز.
إلى ذلك، أصيب عشرات الفلسطينيين بجروح وحالات اختناق جراء اعتداء بحرية الاحتلال على المسير البحري الحادي عشر لكسر الحصار عن قطاع غزة، وأفاد مراسل سانا بأن بحرية الاحتلال أطلقت الرصاص وقنابل الغاز السام على المشاركين بالمسير البحري الذي نظمه الحراك الوطني لكسر الحصار شمال قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة العشرات بجروح وحالات اختناق.
في الأثناء، اقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى المبارك تحت حماية قوات الاحتلال، حيث انتهك أكثر من خمسين مستوطناً حرمة الأقصى من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية في المسجد وباحاته.
في سياق متصل، اقتحم مستوطنون قرية شوشحلة القديمة في بلدة الخضر جنوب بيت لحم بالضفة الغربية، وصوروا عدداً من منازل الفلسطينيين وأحد المساجد.
وقال منسق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بلدة الخضر أحمد صلاح: “إنّ مجموعة من المستوطنين اقتحموا القرية بطريقة همجية، وقاموا بتصوير المنازل والمسجد القديم تمهيداً لمصادرة أراضي الفلسطينيين وشق طريق التفافية تصل الشارع الرئيس القدس-الخليل وصولاً إلى قمة الجبل مكان تواجد القرية التي تتعرض لاعتداءات متكررة من المستوطنين بهدف تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها”.
كما اعتقلت قوات الاحتلال 13 فلسطينياً خلال حملة مداهمات شنتها في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
وتركزت الاعتقالات في طولكرم ورام الله، مشيرةً إلى إصابة عشرات الفلسطينيين بالاختناق جراء إطلاق قوات الاحتلال الغازات السامة خلال اقتحامها مدينة نابلس. كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة كفل حارس قرب سلفيت، وأغلقت مداخلها، ومنعت الفلسطينيين من الدخول والخروج منها من أجل تأمين الحماية لعشرات المستوطنين الذين اعتادوا على تدنيس مقامات إسلامية فيها، فيما اقتحمت منزل منفذ “عملية بركان” في قرية شويكة في قضاء طولكرم، واعتقلت شقيقته، كما أخذت قياسات منزل العائلة تمهيداً لهدمه.