الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

كنايسي وخليفة بين الشعر الفصيح والمحكي في ثقافي المزة

 

 

الغزل والحنين والوطن والفراق واللقاء.. مشاعر وجدانية تلتقي مع ملامح الحرب الإرهابية في أمسية شعرية مشتركة بين الشاعر محمد كنايسي رئيس تحرير جريدة البعث، والشاعرة الشابة سهير خليفة لتجمع بين تيارات شعرية مختلفة لاسيما بلغة القصيدة والوصف.
وقدمت مديرة الإرشاد الثقافي في المركز الثقافي العربي في المزة وفاء شباط الأمسية بحديثها عن أهمية الشعر الفصيح الآن، وبأنه أشبه ما يكون بنوع من التحدي مع الذات والمجتمع، فما زالت اللغة العربية هي الحامل لتاريخنا ووجودنا وموروثنا الثقافي، ونوّهت إلى تفشي اللغة المحكية في وسائل التواصل الاجتماعي، وبأن العودة إلى الشعر إحدى وسائل تمكين اللغة العربية.
ثم قدمت الشاعر كنايسي القادم من القيروان إلى دمشق ليبقى أسير مدينتين، وبيّنت جنوح شعره نحو النزعة الصوفية والتشاؤمية حيناً، وأوضحت توظيف أبعاد الرومانسية في الصورة الشعرية والتشابيه، لتتوقف عند القفلة المدهشة.
وتابعت عن الشاعرة سهير خليفة التي تميزت بالأقصوصة الشعرية لاسيما في قصائدها المحكية.
بدأ الشاعر كنايسي بقراءة قصائد صوفية “متيم بحبها في بعدها وقربها” إلى “بيت الأرواح” التي اتكأت على رموز الصوفية في مناجاة الروح خالقها، ليدخل كنايسي في توصيف المدن ويقرأ قصيدة القيروان فصوّر بموسيقاه الشعرية وبريشة مفرداته التقاليد الأصيلة في المدينة الموغلة بالقدم مبتدئاً من مناخها.
“لضربة شمسك أشتاق
يا خلطة من شقاء المكان
وعطر الأبد”
لتمضي أجواء القصيدة بالإبحار في دهاليزها وأسواقها ومساجدها وأمسياتها الصيفية وبرد شتائها، ليختم القصيدة بقفلة موغلة بالحزن الشفيف.
“لكلك أشتاق يا قيروان
لتكملة العمر في جبتك”
كما قرأ عدداً من قصائده القصيرة المعبّرة عن تموجات الذات بين الخيبات بدلالات تعكس كل ما في الحياة بانزياحات رمزية، كما في “نحات”
“لم أحتج/إزميلاً/أو مطرقة/فأنا نحات أعزل/إلا من موهبة الخسران/لم أنطق أبداً
حجر الصوّان/وتماثيلي/كل تماثيلي /من ماء ودخان”
ونرى صورة مغايرة في تشابيهه كما في قصيدة “طليق” ليكون الهائم القوي المتحدي.
“طليق أنا في خيالي/كطير السماء ووعل الجبال/فإن تطلبوني أنا في الأعالي
وإن تحبسوني فلستُ أبالي”
وتابع بتساؤلاته المدهشة عوالم الأنوثة والرقة.
“من أنت
هل أنت أنثى أم قيثارة”
واتصفت مشاركة الشاعرة سهير خليفة بتنوع المضامين الشعرية بين الحبّ الرومانسي والغزل الحسّي المغرق في الجمالية الداخلية “تعال نشعل حرائقنا بقبلة واحدة” وتثير بتساؤلاتها أحاسيس الأنثى”كيف أصير امرأة بلا جناح”، لتدمج بين الحبّ وملامح الحرب بالبحر الذي ابتلع الأجساد، والانفجار الذي خطف الأحبة، كما في قصيدة”زفاف أسود”، وتفاعل الحاضرون مع روح الأقصوصة في الشعر المحكي لمجريات الحرب بقصيدة “تعب الحكي”
“شو صار حتى الناس تغيرت
عن بعضن بعدوا وقلوبن تفرقت”.

ملده شويكاني