دراساتصحيفة البعث

أفريقيا مفتاح الدبلوماسية الصينية الجديدة

 

ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 4/9/2018

تمثّل مبادرة الحزام والطريق تخطيطاً رفيع المستوى للدبلوماسية الصينية في العصر الجديد، إذ تهدف تلك الدبلوماسية، إلى تحقيق الحلم الصيني. من خلال التركيز على الكفاءة والحيوية، حيث تعلّق البلاد أهمية أكبر على الدول المجاورة وترحب بالدول الأخرى لتشارك الصين في التنمية الاقتصادية.
إذاً ما هو دور أفريقيا في دبلوماسية الصين هذه؟. فيما يتعلّق بمبادرة الحزام والطريق، فإن أهمية أفريقيا تكمن في وقوعها بجوار الدول المجاورة للصين، وبالتالي سيصبح عدد من البلدان الإفريقية شركاء رئيسيين في المبادرة، ليس لأن إفريقيا هي المنطقة التي يوجد فيها أكثر البلدان النامية فحسب، ولكن أيضاً لأن الصين والعديد من الدول الإفريقية دعموا بعضهم البعض خلال حركة التحرر في جميع أنحاء إفريقيا في أواخر الخمسينات. ومع عدم وجود تناقضات كبيرة وتضارب المصالح، حافظت الصين والدول الأفريقية على روابط سياسية واقتصادية مهمّة.
كذلك فإن غرب آسيا هي أيضاً منطقة تضم عدداً كبيراً من البلدان النامية، فالدول العربية الـ 22 تقع في غرب آسيا وشمال إفريقيا، وهي مناطق تحفز إستراتيجية الصين قدماً لتقوية العلاقات مع الدول النامية، لكن هناك من يرى أن لإفريقيا أهمية أكبر من غرب آسيا والعالم العربي. أما بالنسبة لأمريكا اللاتينية وأوقيانوسيا، من خلال بعدها الجغرافي، فإن علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية مع الصين ضعيفة نسبياً، ولا يمكن مقارنة أهميتها بالمناطق المذكورة آنفاً في دبلوماسية الصين في المرحلة الجديدة.
لقد تبنّت الصين منذ الإصلاح والانفتاح تدريجياً سياسة خارجية تعتبر علاقات الدول الكبرى أساسية، واعتبرت أن العلاقات مع الدول المجاورة لها أولوية قصوى، والعلاقات مع الدول النامية كأساس، والدبلوماسية متعددة الأطراف باعتبارها ساحة مهمّة، والدبلوماسية العامة كمكمل.
إن المفهوم القائل إن العلاقات مع الدول المجاورة هي الأولوية الأولى للصين نشأ بعد الإصلاح والانفتاح، وأصبحت مكوناً رئيسياً في البنية الدبلوماسية الصينية. قبل الإصلاح والانفتاح وبسبب النزاعات الإقليمية والصراعات الأيديولوجية والروابط السياسية بين الصين واليساريين في جنوب شرق آسيا ودول جنوب آسيا، لم تكن الصين على علاقة وثيقة مع الدول المجاورة، ولم تقم بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع جميع دول الآسيان العشر حتى عام 1990. لكن بعد عام 1989 عزّزت الصين التعاون مع الدول النامية، لكسر الحصار الغربي، ومنذ عام 1991 اختار وزراء الخارجية الصينيون الدول الأفريقية كمحطة خارجية أولى لهم كل عام، الأمر الذي يظهر أن أفريقيا هي مركز الدبلوماسية الصينية مع البلدان النامية. ومنذ عام 1992 توجّهت  الصين لاقتصاد السوق الاشتراكي مع اقتصاد سريع النمو، وطلب متزايد على الطاقة والمواد الخام. لقد تعزّز التعاون الاقتصادي بين الصين وأفريقيا مثل استكشاف الموارد، وتعزيز البنية التحتية الأساسية، واتسع التكامل بين الجانبين، وقد شهد هذا التعاون زيادة ملحوظة، فأصبحت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة تسع سنوات متتالية.
وكانت الشركات هي الرائدة في مبادرة الحزام والطريق، وأفريقيا هي المنطقة الرئيسية، حيث تقوم العديد من الشركات الصينية بتوسيع أعمالها في الخارج، ومن بين مناطق التجارة الخارجية الـ 20 التي اعتمدتها وزارة التجارة الصينية، هناك سبع مناطق في إفريقيا، بوجود أكثر من 3200 شركة صينية تعمل في أفريقيا. في الواقع قدمت تجربة التنمية والإدارة ومكافحة الفساد في الصين حوافز لبعض البلدان الأفريقية، فعلى سبيل المثال، تأمل مصر أن تستفيد من تجربة “شنتشن” في منطقتها الاقتصادية الموجودة في مدينة سفاجة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وكذلك الحال بالنسبة لتنزانيا في منطقتها الاقتصادية في ميناء دار السلام، وكذلك تتطلع إثيوبيا للتعلم من تجربة الصين في مكافحة الكسب غير المشروع.
إن وضع أفريقيا باعتبارها أساساً في الدبلوماسية الصينية لن يتغيّر، وفي مواجهة الضغوط القادمة من الاقتصاديات المتقدمة مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة واليابان، ستكون العلاقات مع أفريقيا قوة دافعة للصين لتعزيز دبلوماسيتها مع الدول النامية، لكن ثمة مشكلات في التعاون الصيني الأفريقي تستحق الاهتمام، ووفقاً لدراسة استقصائية حول الانطباع عن الصين، أجرتها إدارة نشر اللغة الصينية في الخارج، حصلت الصين في عام 2017 على درجة 7.2 من سكان أربع دول أفريقية، هي مصر ونيجيريا وكينيا وجنوب إفريقيا بينما كانت أقل من  8.0  عام 2013، وهذا يثبت أن هناك مجالاً للتحسين في التعاون بين الصين وأفريقيا.