صحيفة البعثمحليات

… والزيتون؟!

 

عندما كانت تتحدث الأوساط الزراعية والتجارية عن نحو 70 مليار ليرة قيمة زيت الزيتون المنتج خلال المواسم الفائتة.. لم يك هكذا رقم بالهين لمواسم جاءت من حقول تستوعب أكثر من 82 مليون شجرة مثمرة من أصل 110 ملايين شجرة رصيد البلد من المحصول الذي صمد وقاوم ظروف الحرب ومناخات الطبيعة اللاتي لم يرحمانه ويتلطفان به..؟!.
تسجل طقوس القطاف التي يقبل عليها المزارعون توجساً سببه تراجع كميات الإنتاج وقلة المردود في بعض المناطق، في وقت يسوق آخرون عن مواسم وفيرة في مناطق الاستقرار الأولى، كل ذلك على إيقاع الترويج الخطر لمكنة التصدير التي خاف الكثيرون من امتصاصها لموجودات ومدخرات السوق المحلي، ما دفع بالأسعار للتواتر والتذبذب صعوداً في مؤشرات قضت مضاجع المستهلكين الذين توقعوا غلاء في عز الموسم، فكيف الحال ونحن نتكلم عن التصدير الذي سيحرك السهم ارتفاعاً مهما كان خطاب دعاة التصدير منمقاً ومغلفاً بالتهدئة وتبسيط الأمور مفادها “لا تأثير سلبي للتصدير” على توافر المادة، وهذا ما كان بمثابة رماد في عيون الزبون المحلي في وقت يتساءل الكثيرون عن مصلحة المزارع وأمله بأسعار مغرية ومناسبة؟!.
قد تكون مبررات حماية المنتج من التهريب الأكثر إقناعاً عند شارع يرى بأن “جحا أولى بزيته”، وهنا نتذكر بما أخذه اتحاد المصدرين منذ سنوات على عاتقه من مسؤولية التسويق الخارجي لنحو 26 دولة مستقطبة للزيت السوري أخذت نصيباً كبيراً من الكميات، في وقت يتحضر السوق لتوقعات قد تصل إلى 150 ألف طن زيتون هذا الموسم، لا يمكن التكهن بنسب استخراج الزيت التي لا تقاس بالكميات الكبيرة للإنتاج بقدر الارتباط بالنضوج ونوعية الزيتون ومسائل تتعلق بالمناخ والمعاومة وغيرها.
يكثر التداول هذه الأيام عن مستوى الأكسدة والأسيد المرتفع والمركبات العطرية لمحصول يمتلك نحو 75 صنف زيتون كلها يستخرج منها الزيت. لدرجة بات فيها التوجس من المنعكسات الغذائية وأثرها هاجساً محقاً عند المنتج والتاجر والمستهلك معاً؟.
ومع ذلك ندرك أن المزارع وإن كان مقصد أي توجه للتصدير الذي يخدمه برفع السعر أمام تحكم التجار به، إلا أن الكعكة الأكبر تروح للسماسرة والقائمين على التجميع لصالح هذا التاجر وذاك، كما أن السياسة المتوازنة التي يراهن المواطن عليها تأخذ بالحسبان ضعف المستهلك في قدرته الشرائية واضطراره لشراء صفيحة الزيت بنحو 25 ألف ليرة على خلاف السعر العالمي لها؟.
بالعموم أن تتربع سورية أعلى قائمة الدول العربية والرابعة عالمياً في التصدير ففي ذلك دلالات ومؤشرات مهمة على صعيد قوة الاقتصاد وسمعة منتجاته وحضوره في الأسواق الدولية، ولكن ثمة آمال بأن تكون القيمة الأكبر للفلاح والمزارع الذي يقع في فخ المتاجرة غير النظيفة مع إيهامه بأنه محط اهتمام.. فلا الجمعيات الفلاحية ترعاه ولا الإرشاديات تداريه وهو المتروك لقدره ينازع في رزقه ويقامر في محصوله عند تركيبة تسويقية وتجارية لا ترحم وسياسات رعناء لا تعطيه “من الجمل أذنه”؟.
نحن مع التصدير ولسنا ضده ففيه نواتج مهمة في الاقتصاد والقطع .. ولكن نسأل عن عوائد التصدير بالنسبة للمزارع المأسوف على تعبه وعرقه ومردوده؟ هل في منحه بعضاً من العائدية كاشاً أو دعماً حقلياً خطأ أم تشجيع ودعم ضد التهريب ومرابح التجار الحرام؟؟.

علي بلال قاسم