ثقافةصحيفة البعث

“وشاية عطر” هناء داوودي وحالات تعيشها الأنثى

 

العلاقة بين الحرب والحبّ قائمة منذ الأزل في التاريخ والأدب والشعر، وقد لامست الشاعرة هناء داوودي هذا العالم بشفافية في ديوانها “وشاية عطر” ومن العنوان نستشف ذاك الممر الخفي الموحي بالحبّ وبالمعاني التي تحملها نسمات العطر التي تشي بالاشتياق، فمن خلال قصيدة النثر نثرت أوراق ورودها المتنوعة بين موضوعات وطنية جسدت الصبر والإيمان بالانتصار رغم الموت والحصار والخوف، والوقوف على عتبة الانتظار للخلاص من كابوس الحرب، لتنتقل في ممرات هواجسها وتصل إلى موطن الأسرار فتجنح في أحايين كثيرة نحو وجدانيات أنثوية تبوح بها لذاتها ضمن طقوس عشق الأنثى في ظل الترقب والأمل والكثير من الخيبة، ومن الملفت الجرأة بالإفصاح عن أحاسيسها كأنثى، والولوج في عالمها العاطفي لتستسلم لذاك الإحساس الآسر وتبقى حبيسة أسواره تعيش الحبّ من أجل الحبّ دون أي هدف آخر، لكن الأكثر إيلاماً حينما تعيش الحب من طرفها فقط وهي راضية بمصيرها، فمن خلال قصائدها حللت داوودي حالات حبّ تعيشها الأنثى ويفصح عنها العطر، وتعترف بذلك بالإهداء”لكل امرأة تحمل عبء أنوثتها وتمضي صاغرة إلى قدرها”.
تميزت قصائدها بجمالية المفردة والجرس الموسيقي وبتداخل بعض التراكيب الموزونة لاسيما بالتقطيع، مما أوجد إيقاعات للقصيدة المتحررة من تقليدية الشعر، وعلى غرار الرومانسيين تشرك الطبيعة بمفرداتها وصورها”تبرق –ترعد- شح الغيم..”
بدأت بقصيدة بمباشرة العنوان والكشف عن القصيدة والإفصاح عنها ب”تبقى دمشق”
في شظف التمني/لاتلق بالاً بالوجع/لاتحص انكسارات الروح/تمهل قليلاً
صلّ كثيراً/كي يورق الحلم
وتابعت عن وصفها لمعالمها لبردى ولقاسيون والتشبث بدمشق وخوضها تجربة الرحيل والهجرة والبعد عنها لتؤكد بأن البقاء هو الأقوى بقولها:
لو اغتالتها رصاصة مارقة/هل ننغمس في فوضى الرحيل/نتجاهل ضوضاء الخراب/ندس على عجالة/ذاكرتنا الهرمة في عجالة
لتقفل القصيدة بمقاربة من قصيدة فيروز وتضمين”وحدن بيبقوا” ب
“وحدها دمشق تبقى
وفي قصيدة”عبور” تناولت العلاقة بين الحرب والزمن بمخاطبتها الآخر وتجسيد صوت الصراخ والصمت والضجيج الداخلي والخوف لتشبه الإنسان بالرقطاء التي تتلوى دون صوت، وبصورة الموت الذي شبهته بعربة الرحيل والرصاصة التي تعبر الظل أو الصدر، لتصل إلى عام الموت بتضاد الأبيض والأسود.
وبدت تساؤلات الحرب الموزونة في قصيدة” بعض وهم
“أهو الضلال؟/أم الهذيان؟/أم الجحود الذي نما في دواخلنا
لتنهي قصائدها بتساؤلات أيضاً: كيف السبيل لإنجاب الفرح.
واعتمدت في أغلب قصائدها العاطفية على العناوين التي تشي بشيء من مضمون القصيدة كما في قصيدة حنين التي كررت فيها أسلوب النفي”لم أختر البقاء”، “لم ينصفني الانتظار”. وتتابع تساؤلاتها في قصيدة”رياض عشق”
أما تعبت وأنت تمر بذاكرتي جيئة وذهاباً/تنزلق بتؤدة عبر مسارب الروح/تبرق وترعد”
وتنهي ديوانها بقصيدة من وحي جدتي التي جاءت على شكل إخباري بالتطرق إلى أسوار الجدة التي خطف الموت أحلامها في ربيع العشق إلا أن الحفيدة لم تستسلم كما فعلت الجدة إيماناً منها أن الحب رسول خير.
ملده شويكاني