ثقافةصحيفة البعث

في ذكرى رحيله..فوزي عليوي رسول الأغنية السورية

 

استحضر المركز الثقافي العربي في كفر سوسة ذكرى رحيل المطرب والملحن فوزي عليوي بمشاركة واسعة من أهله وأصدقائه ومحبيه، وأكدت مديرة المركز نعيمة سليمان أن تكريم الفنان الراحل فوزي عليوي يأتي ضمن البرنامج الشهري للمركز والتي يسعى من خلالها لتكريم فنانينا ومبدعينا، والراحل عليوي كموسيقار غنّى ولحّن وألّف وأتقن العزف على العود ورحل بصمت، مشيرة إلى دور الإعلام في تسليط الضوء على قاماتنا الفنية والثقافية.

غنى مع فريد الأطرش

وقسم الإعلامي ملهم الصالح الذي أدار الندوة حياةَ الراحل إلى عدة مراحل: مرحلة ما قبل السبعينيات وهي مرحلة الإعداد والتأهيل حين أتى إلى دمشق ودرس الموسيقا فيها، ومرحلة الثمانينيات وهي مرحلة تأصيل ما أسسه، ومرحلة التسعينيات وهي مرحلة مفصلية في حياته، حيث كانت مرحلة الاستقرار الفني.

في حين بيَّنت همسة عليوي ابنة الراحل أن والدها كان فناناً معطاءً محباً لفنّه ملتزماً به، قدم الكثير من الأعمال التي أسهمت في إغناء المكتبة الفنية العربية وشكّلت إرثاً فنياً كبيراً في مجال التراث والطرب الأصيل، محافظاً من خلالها على أصالة الفن الشرقي البعيد عن الابتذال، ساعياً إلى أن تبقى الجمل اللحنية في إطار راقٍ وصحيح، مبيّنة أنه كان عاشقاً لآلة العود، فكان متأثراً بفريد الأطرش الذي التقاه لأول مرة في بيروت عام 1972 وغنّى أمامه “خاتم حبيبي” فأعجب الأطرش بمقوِّمات صوته وطلب منه تسجيل كاسيت بصوته قام الراحل بتقديمه للأطرش حين التقاه مرة ثانية، وفي خريف 1972 التقى عليوي بفريد الأطرش في دمشق فطلب منه الأطرش أن ينضم لكورس حفلته التي أقامها آنذاك في ملعب العباسيين، مشجعاً إياه على المتابعة والاستمرار، مؤكدة همسة عليوي أن والدها لم يقلد فريد الأطرش وإنما كان متأثراً به، ولذلك اتخذ طريقاً مختلفاً له في الفن، مشيرة إلى أن التكريم يعني لها ولعائلتها الكثير، وهي اليوم تستحضر روح والدها وتشعر بأنه موجود روحاً وفكراً ووجداناً وهو الذي كان أباً عطوفاً يمتلك إنسانية صادقة، وكانت ومازالت وأخوتها يهتدون دائماً بجميل نصحه وهو القدوة لهم في العطاء والإخلاص في عمله وفنه الذي أحبه ليس في سبيل تحقيق الشهرة والمال وإنما لإيمانه بأن الفن رسالة، موجِّهة الشكر في نهاية مداخلتها لمديرية ثقافة دمشق ومركز ثقافي كفر سوسة اللذين استذكرا فناناً رحل جسداً لكن ذكراه باقية في القلب والوجدان.

فنان عصاميّ

أما الموسيقية والملحنة إلهام أبو السعود فقد أكدت أننا فقدنا برحيل فوزي عليوي فناناً متميزاً، آسفة لأنها تتكلم عنه وهو غير موجود وهو الذي تعرفت عليه من خلال عملها في منظمة اتحاد شبيبة الثورة حيت تعاونا في العديد من النشاطات، فكان مثال الفنان المتعاون والمخلص في عمله، مبيّنة أنه أحب الموسيقا وكان متواضعاً لا يسعى لشهرة، فكان صديقاً وفياً وفناناً عصامياً، صنع نفسه بنفسه، ولذلك يستحق كل التقدير والاحترام.

رحل سريعاً

كما رأى المايسترو هادي بقدونس أن تكريم الراحل عليوي في ذكرى رحيله السابعة لفتة كريمة ووفاء لذكرى فنان حقيقي لم يأخذ حقه حين رحل سريعاً عن دنيانا وقبل أن يحقق كلَّ ما يتمناه، فكان فناناً وملحناً وعازفاً ومطرباً فاستحق لقبَ رسول الأغنية السورية عن جدارة، لكنه وإن رحل إلا أن ذكراه وموسيقاه ما زالتا في داخلنا، مشيراً إلى أنهما ترافقا على مدار 20 عاماً في الحفلات والتسجيلات، فكان صديق العمر الذي سعى وتعب كثيراً ليصل إلى ما وصل إليه.

جسَّد شخصية فريد الأطرش

وبين الفنان والناقد التشكيليّ أديب مخزوم أن معرفته بعليوي تعود للمرحلة الإعدادية حينما كان يستمع لكبار الفنانين من خلال المذياع وكان منهم فوزي عليوي، موضحاً أنه كان من المتابعين لما يقدمه فريد الأطرش لذلك تابع وبكل شغف المسلسل الإذاعي الذي كان يذاع حينها عن حياته وقد جسَّد شخصيته الفنان الراحل عليوي، ولذلك حينما قدِمَ مخزوم إلى دمشق في الثمانينيات كان مصرّاً على التعرف بعليوي الذي التقاه في الإذاعة، وشيئا فشيئاً أجرى معه عدة حوارات حينما كان يعمل كمحرر في جريدة “الثورة” كان آخرها عام 2007 ومن خلال هذه اللقاءات اكتشف مدى تأثر الراحل بالفنان فريد الأطرش.. من هنا فإن الاحتفاء بذكراه أمر مهم في ظلِّ الانحطاط الموسيقي الذي نعاني منه، وقد كان عليوي من القلائل الذين يحافظون على الأصالة في غنائه وعزفه.

 

عازف ماهر

وأشار الفنان عصمت رشيد إلى أن صداقة وطيدة تربطه بالراحل وقد كان الاثنان يتنافسان على ما يعرفه عن الموسيقار فريد الأطرش، مؤكداً أن الراحل كان يغني للأطرش بطريقة مختلفة وبإحساس كبير وهو الذي كان عازفاً ماهراً على آلة العود، وملحناً ومؤلفاً موسيقياً وأستاذاً للموسيقا في معهد شبيبة الأسد، وهذا ما جعله قامة كبيرة من القامات الموسيقية في سورية.

وتضمنت الندوة عرض فيلم تناول مسيرتَه حيث التحق بالمعهد الموسيقي الشرقي، فدرس الغناء والعزف على آلة العود على يد ميشيل عوض، وتخرَّج من المعهد عام 1968 وانحاز منذ صغره لمدرسة فريد الأطرش في الغناء والعزف، وتقدم للإذاعة السورية التي أجازته مطرباً فيها لجنةٌ مؤلفة من كبار الموسيقيين السوريين أمثال رفيق شكري، تحسين جبري، تيسير عقيل ورئيس قسم الموسيقا يحيى السعودي.. انتسب لنقابة الفنانين عام 1974 وصُنف في العام نفسه مطرباً من الدرجة الأولى وسجل أولى أغنياته “خاتم حبيبي” كما اعتُمِدَ ملحناً في الإذاعة والتلفزيون عام 1979 كما شكَّل فرقاً موسيقية عدة، منها الفرقة العربية وفرقة الأعواد واتجه لتدريس الموسيقا عام 1976 وألّف منهاجاً لتعليم العزف على آلة العود، وساهم في تأسيس معهد شبيبة الأسد للموسيقا وشغل منصب معاون مدير دائرة الموسيقا، كما أعدّ مجموعة من البرامج الموسيقية: “أنغام شعبية-التراث الشعبي” ولحّن وغنى قوالب فنية متنوعة كالقصيدة والطقطوقة، كما غنّى الأغاني الوطنية وغنّى من ألحان سعيد قطب وراشد الشيخ، وتعاون مع شعراء كثر كصالح هواري وأيمن أبو شعر وعصام جنيد، وترنّمت بألحانه الـ 200  حناجر عدة، منها: معين الحامد-سمر عرفة-كنانة القصير-وضاح إسماعيل-محمد الجبّان-سمارة السمارة، وشارك في لجان عدة وغنى في مهرجانات عربية ودولية ورفض المشاركة في مهرجان سانت كلوز في تركيا لمشاركة الكيان الصهيوني فيه مما دفع نقابة الفنانين لمنحه شهادة شكر وتقدير. رحل عام 2011 بعد مسيرة زاخرة بالعطاء.

أمينة عباس