دراساتصحيفة البعث

العلماء يحذرون العالم من مجاعة كبرى

 

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع زيرو هيدج 18/10/2018
نشر باحثون من جامعة ولاية واشنطن تقريراً جديداً عن الجفاف الكبير، الجفاف المعروف بأنه الأكثر تدميراً على امتداد السنوات الـ 800 الماضية، وكيف أنه تسبّب بالمجاعة العالمية التي أودت بحياة 50 مليون إنسان. ويحذّر العلماء من أن مناخ الاحترار الحالي للأرض قد يتسبّب بموجة جفاف مشابهة وربما أسوأ.
استخدمت “ديبتي سينغ” وهي الباحثة الرئيسية، أستاذ في كلية البيئة بجامعة ولاية واشنطن سجلات هطول الأمطار ونماذج إعادة تمثيل المناخ لتوصيف الظروف البيئية التي أدّت إلى الجفاف الكبير، وهي فترة في منتصف السبعينيات من القرن العشرين عُرفت بانتشار تدهور المحاصيل في آسيا والبرازيل وأفريقيا، كان الجفاف مرتبطاً بأقسى تجليات الدورة الكبرى لظاهرة النينيو.
كتبت “سينغ” وزملاؤها في مجلة المناخ: “إن الظروف المناخية التي تسبّبت بالجفاف الكبير والمجاعة العالمية نتجت عن التقلبات الطبيعية، وأن تكرارها مع تكثيف التأثيرات الهيدرولوجية بسبب الاحترار العالمي يمكن أن يقوّض سلامة الأغذية العالمية مرة أخرى”.
وجاء إصدار الدراسة قبل أيام من تحذير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ التابعة للأمم المتحدة من أن الاحترار العالمي يمكن أن يتسبّب بموجات جفاف شديدة وفيضانات وارتفاع كبير بدرجات الحرارة وفقر لمئات الملايين من البشر. وذكرت جامعة ولاية واشنطن أن المجاعة العالمية كانت من بين أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ويمكن مقارنتها بوباء الأنفلونزا لعام 1918-1919 والحربين العالميتين وككارثة بيئية كانت الأسوأ.
تقول سينغ، التي تأثرت بمحارق أواخر العصر الفيكتوري: “ساهمت ظاهرة النينو والظواهر المناخية 1876-1878 في خلق انعدام المساواة على الصعيد العالمي والذي تمّ وصفه فيما بعد بأنه “العالم الأول”، و”العالم الثالث”، وتضيف: “إن مجاعات النينو وخلق العالم الثالث، توضح بالتفصيل التأثير الاجتماعي للجفاف الكبير والجفاف الإضافي في 1896-1897 و1899-1902”.
ويعتبر التقرير الذي أعدّته سينغ أول تحليل على المستوى العالمي للظروف المناخية لسبعينيات القرن التاسع عشر، ولا توجد دراسات معمّقة أخرى تميّز ديناميكيات ما أدى إلى الجفاف الكبير.
“هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها شخص ما مصادر متعدّدة للمعطيات، مثل أجهزة قياس كمية المطر التي تسمح لنا بالعودة إلى 500 و800 عام على التوالي، إضافة إلى مجموعات بيانات متعددة عن الظروف المناخية في الماضي لتقييم مدى خطورة هذا الحدث وشدة الظروف التي أدت إليه”.
وذكرت جامعة ولاية واشنطن أن “طول وشدة موجات الجفاف أدت إلى تعزيز المجاعة العالمية والتي ساعدت في جزء ليس بقليل بواحدة من أقوى ظواهر النينو المعروفة، وهي فترات غير منتظمة لكنها متكررة لازدياد حرارة المياه في المنطقة المدارية في المحيط الهادئ. وقد أدى ذلك إلى إطلاق أشد درجات الحرارة المعروفة في شمال المحيط الأطلسي وأقوى ثنائيات عُرفت في المحيط الهندي، وهي فرق الحرارة القصوى بين المياه الدافئة في الغرب والمياه الباردة في الشرق، مما أدى بدوره إلى حدوث أسوأ موجات الجفاف في البرازيل وأستراليا.
وقالت سينغ: إن التغيرات الطبيعية في درجة حرارة سطح البحر ناجمة عن الجفاف، ويمكن أن تحدث ظاهرة مناخية مماثلة اليوم، ولكن أسوأ بكثير. ومع ارتفاع معدل انبعاث الغازات الدفيئة والاحترار العالمي، قالت الباحثة إن ظواهر النينو يمكن أن تزداد حدة في المستقبل، وفي هذه الحالة، يمكن لمثل هذا الجفاف الواسع الانتشار أن يصبح أشد قسوة.
وتحذّر سينغ من أن مثل هذه الظواهر المناخية المتطرفة يمكن أن تؤدي إلى أزمات شديدة لنظام الغذاء العالمي، مع انعدام للأمن الغذائي المحلي في البلدان الضعيفة التي يمكن أن تتضخم بسبب شبكة الغذاء العالمية المترابطة ارتباطاً وثيقاً اليوم.
في حين يحذّر علماء جامعة ولاية واشنطن، الأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ من الخطر المحدق بسبب تغيّر المناخ. قال الرئيس ترامب في مقابلة له على قناة CBS إنه لدى علماء تغيّر المناخ “أجندة سياسية”، وبذلك يقلّل من مسؤولية البشر عن تزايد ارتفاع درجة حرارة الأرض. ويرى ترامب أن تغيّر المناخ قد لا يكون سببه البشر، وأضاف أنه لا يريد اتخاذ إجراء يمكن أن يعرقل الاقتصاد الأمريكي!.
وقال ترامب: “أعتقد أن شيئاً ما يحدث، شيئاً يتغيّر وسيتغيّر مرة أخرى”. “لا أعتقد أنها خدعة، أعتقد أن هناك اختلافاً، لكنني لا أعرف أنه من صنع الإنسان. سأقول هذا: لا أريد أن أقدم تريليونات الدولارات، ولا أريد أن أخسر ملايين من الوظائف”.
في حين أن علماء جامعة ولاية واشنطن، الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ والآن ترامب قد ذكروا أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية أصبح أمراً واقعاً، يبدو أن جميع الأطراف على خلاف حول ما يسبّب الخلل، لكن هناك أمراً واحداً محتملاً: يمكن أن يؤدي الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، لأي سبب من الأسباب، إلى دورة النينو الكبرى التالية التي من شأنها أن تدمّر سلاسل الإمدادات بالغذاء العالمية وتؤدي إلى مجاعة أخرى، وهي خطة طوارئ لم يستعد العالم لها.