صحيفة البعثمحليات

غياب بحثي غير مبرر؟!

غابت خلال سنوات الحرب الدائرة في البلاد استطلاعات الرأي والبحوث العلمية لمعرفة ماذا يريد المواطن وماذا يحتاج، وهذه نقطة سلبية في التعامل مع قضايا المواطن وخاصة خلال الأزمات التي تقتضي تعاملاً خاصاً وحلولاً استثنائية لتطويق المشكلات، أهمها ضرورة الاهتمام بالبحوث التي تتناول قضايا المجتمع بكل تفاصيلها وتضمن لنا بالنتيجة تقدماً وتميزاً لمواكبة تطورات العصر ومتطلباته.

حالة ليست بغريبة في سورية كغيرها من الدول العربية، حيث ما زالت البحوث العلمية لدينا، تعتمد على الطريقة النظرية، والأكاديمية البحتة، دون الاهتمام بما يحدث بالمجتمع.!

صحيح هناك بعض الدراسات واستطلاعات الرأي التي تصدت لها جهات غير رسمية لكنها كانت خجولة بمعطياتها وتعتمد على جهود فردية لذلك لم تستطيع مقاربة المشكلات أو القضايا التي تطرحها بشكل يوحي بالثقة والمصداقية لاعتماد النتائج.

الكل يعلم أن الحرب منذ أكثر من سبع سنوات خلفت الكثير من الكوارث بمختلف المجالات، كل واحدة منها كفيلة بأن تهزنا بالعمق كمواطنين وكمؤسسات على اختلاف مستوياتها تعمل تحت مظلة الدولة، ولكن للأسف لم تُقابل بحراك حكومي فاعل للوقوف على أسبابها ومحاولة إيجاد الحلول لها، فقط اكتفينا بحلول إسعافية كانت بمثابة أبر تخدير!

لا شك الأمثلة كثيرة، لكن هناك قضيتان تشغلان بال المواطن والوطن، التعاطي معهما لم يكن جدياً بحجم خطورتهما؛ الأولى هي مشكلة الهجرة وخاصة هجرة الكفاءات، حيث لم تجد الاهتمام المطلوب رغم آثارها الخطيرة حاضراً ومستقبلاً، هنا نسأل: ماذا فعلت اللجنة الوطنية التي شُكلت للبحث في الأسباب للحد من نزيف الهجرة؟ أين البحوث والدراسات عن عدد الكفاءات التي هاجرت، وكيف سيتم تعويضها في المرحلة القريبة التي نحتاج فيها للكوادر الوطنية!.

القضية الثانية هي مشكلة البطالة التي تفاقمت خلال سنوات الحرب ووصلت إلى أرقام مخيفة، فحسب المسح الأخير الخاص بالعمل تجاوزت نسبة البطالة خلال السنوات السبع الأخيرة الـ 60%، ورغم المؤشرات الخطيرة لهذا الرقم لكن بقينا نتعامل مع المشكلة ببرود وكأن الأمر بألف خير!

بالمختصر، نحتاج اليوم للبحوث العلمية في تشخيص وحل مشاكلنا على مختلف الصعد، ونعتقد أن جامعاتنا فيها من الكوادر ما يكفي للتصدي لذلك، وحبذا لو يتم توجيه المراكز البحثية للعمل باتجاه ما خلفته الحرب من كوارث والاهتمام بنتائجها أولاً بأول، فمن هنا تكون البداية الصحيحة لتطويق المشكلات وحلها، لا أن نعتمد مبدأ الخطط العشوائية “يا بتصيب يا بتخيب”!!

غسان فطوم

ghassanfattoum@gmail.com