دراساتصحيفة البعث

أمريكا ترامب .. شعار سياسة الهجرة

 

أصبح دونالد ترامب الرئيس الأكثر فظاظة بتحدي التقاليد، من بين جميع رؤساء الولايات المتحدة وحتى العالم، حطّم النظام القديم في محاولة لمراجعة القواعد التي يعتقد أنها غير معقولة، ولم يظهر أي إشارة على أنه سيتوقّف عن ذلك.
لقد سلطت الأضواء على سعي ترامب لإعادة كتابة سياسة ونظام الهجرة في الولايات المتحدة، حيث قام الرئيس الأمريكي بتشديد سياسة الهجرة في العامين الماضيين، بما في ذلك وضع قيود على الطلاب الأجانب، ما يجعل من الصعب عليهم الدراسة في الولايات المتحدة، وتبنى ترامب أيضاً سياسة سلبية بفصل العائلات المهاجرة، وتقول التقارير الأخيرة: إنه يريد إنهاء حق المولد بالجنسية، والحقيقة فإن علينا أن نعترف أن شتاء سياسة الهجرة الأمريكية قادم، فلقد تغيّرت الولايات المتحدة تماماً من كونها ملاذاً للمهاجرين إلى مكان غير مرحّب بهم، ولم يبق بالنسبة للمهاجرين لدى الولايات المتحدة شيء بالنسبة لهم.
فالولايات المتحدة هي أقوى دولة في العالم، وقد ساهمت الهجرة في تلك القوة على مدى تاريخها، وجلبت إلى الولايات المتحدة موهبة التكنولوجيا من العالم مع عشرات الملايين من المهاجرين، ومن دون المهاجرين، لما كانت الولايات المتحدة الحالية حديثة ومزدهرة وقوية.
لهذا من الإنصاف القول: إن السر وراء نجاح الولايات المتحدة هو أن لديها سوقاً مفتوحة أمام المواهب، الأمر الذي وفّر للبلاد فرصاً تجارية لا نهائية وقدرات ابتكارية، وضمن التطور المستمر للبلد في القرنين الماضيين. ومع ذلك، فقد تغيّر كل هذا بسبب سياسات ترامب التي يبدو لبعضهم من الناحية السياسية أنها ضارة، فالسوق الأمريكية لن تكون مفتوحة كما كانت من قبل، حيث فرضت الولايات المتحدة بموجب مبدأ “أمريكا أولاً”، قيوداً على الاستثمار الأجنبي، واتخذت “الأمن القومي” ذريعة لإحباط تطور المشاريع الأجنبية في البلاد، كما أن العديد من الشركات الأجنبية التي لديها التكنولوجيا ورؤوس الأموال، والمنتجات والأسواق تمنع من الاستقرار في الولايات المتحدة، بما في ذلك العديد من الشركات الصينية. إن مثل هذا السلوك يقطع الصلة بين سوق الولايات المتحدة والعالم، بل ويعيق الشركات الأمريكية من دخول السوق الدولية. إنه وضع سيخسر فيه الطرفان.
إن عدم الثقة والتمييز ضد المهاجرين واستبعادهم سيجلب الكثير من المخاطر والشكوك إلى الولايات المتحدة. على الرغم من أن عدد المهاجرين، وكما يبدو، يخضع لسيطرة صارمة، إلا أنه سيكون هناك اغتراب في أعماق المهاجرين لا يمكن إزالته، وستأخذ مثل هذه الندوب الوجدانية في المجتمع الأمريكي أجيالاً قبل أن تتعافى. وبعبارة أخرى، فإن ترامب يدمّر سياسة الهجرة التي جعلت الولايات المتحدة متفوقة.
بالنسبة لعدد قليل من السياسيين الأمريكيين بمن فيهم الرئيس ترامب، فإن المهاجرين ليسوا جديرين بالثقة ، فهم يعتبرون جواسيساً أو إرهابيين أو لصوصاً أو أشخاصاً يأتون إلى الولايات المتحدة للحصول على مزايا. لقد نسي هؤلاء أو تجاهلوا حقيقة أن الولايات المتحدة تستغل المهاجرين، وليس العكس. إذا ما تحققنا من عدد المهاجرين بين الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة، ومن عدد المنحدرين من المهاجرين بين موظفي الحكومة الأمريكية والقضاء، فسوف ندرك أن الولايات المتحدة لا تستطيع العيش دون المهاجرين، أليس الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما خير مثال على ذلك؟.

عناية ناصر