دراساتصحيفة البعث

 البرازيل .. ترامب جديد

ترجمة: هيفاء علي

عن ريزو انترناسيونال 8/11/2018

بات جايير ميسياس بولسونارو الرئيس الجديد للبرازيل في الانتخابات الأخيرة التي لم تنج نتائجها من التعليقات الساخطة. وتفسر هذه الحملة الإعلامية حول الرئيس البرازيلي الجديد ظاهرتين؛ فمن جهة،  تشكل جزءاً من الاندفاع الحالي  للشعبويين، والمحافظين الجدد على الساحة السياسية الغربية، وهنا جاء جايير بولسونارو ليؤكد الميول الراهن للطعن الظاهر في نظام سياسي بلا جدوى منذ سنوات خلت. ومن الناحية الأخرى ، فإن تداعيات انتخاب هذا السياسي ذي التصريحات العنيفة والمثيرة للجدل، ترجع إلى ثقل هذا البلد على المستوى الدولي. فمن هو حقاً بولسونارو؟ وهل سيقلب وصوله إلى السلطة مسيرة العالم رأساً على عقب، وما الذي سيغيّره؟

للمرة الأولى خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين يكون لدى أمريكا اللاتينية منظمات وطنية هدفها تعزيز التكامل والتعاون بين بلدان أمريكا اللاتينية، وتتمتع برؤية مستقلة سمحت ببناء حلول مشتركة خارج تدخل واشنطن قبيل مجيئه. إن بناء عالم متعدد الأقطاب، وبناء دبلوماسية جنوبية-جنوبية يرمي إلى تطوير سياسات مشتركة في مجالات التمويل والتنمية والزراعة والطاقة والتجارة، وتحقيق أفق مشترك لمعظم بلدان أمريكا اللاتينية. خلال هذه الفترة لعب لولا دوراً رائداً في بناء اتحاد دول أمريكا الجنوبية (Unasur)، ومجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي (Celac)، أو المنتدى الثنائي الإقليمي لدول أمريكا الجنوبية وأفريقيا، والتي شملت 55 دولة أفريقية و12 دولة من أمريكا الجنوبية، إلا أن هذه الإنجازات الكبيرة تعرضت للتشويه قبيل انتخاب الرئيس الجديد، بولسونارو.

في ظل ضربات اليمين المضغوط، الذي ثبط مكابحه لمدة عشر سنوات، تجاوز اتحاد دول أمريكا اللاتينية والكاريبي أزمة غير مسبوقة وقد أعربت ست من أصل 12 دولة، بما في ذلك البرازيل، عن رغبتها في تعليق مشاركتها في هذه المنظمة.  وبالنسبة لمنتدى أمريكا الجنوبية وإفريقيا “ASA”، فقد  توقف ولم يعقد أي اجتماع منذ عام 2013.

فكيف وصلنا إلى هنا؟ حقيقةً، الأسباب هي في المقام الأول سياسية حيث عملت العديد من الحكومات اليمينية على تغيير اللعبة. إذ تفضل هذه الحكومات، التي يقوم خطها السياسي-الاقتصادي على إحياء الليبرالية الجديدة، إبرام معاهدات اقتصادية ثنائية أو اتفاقيات تجارية إقليمية، مثل التحالف الباسيفيكي في شيلي وبيرو وكولومبيا والمكسيك، بدلاً من الرهان على التعاون كمحرك للتنمية الإقليمية. ويندرج جايير بولسونارو في هذه الديناميكية، وقد راهن على أن انتخابه سيضع حداً لمنظمات التعاون الإقليمية ولديناميكيات علاقات الجنوب -الجنوب.

حتى لو كان هناك، في الوقت الراهن،  أكثر من مؤشر  على المقترحات البرنامجية للرئيس الجديد، يمكننا الكشف عن تماسك معين بين برنامجه الاقتصادي الليبرالي المتطرف ورؤيته الدولية. ومثلما يرفض أي تنظيم للاقتصاد من قبل قطاعات الدولة، فإنه لن يقبل أي قيود دولية قد تتعارض مع تحقيق مشروعه السياسي.

في ضوء ذلك يمكن فهم موقفه  إزاء اتفاق باريس، حيث أعاد بولسونارو التأكيد على أنه لن يخرج شريطة ألا يعوق أي قيود بيئية خارجية مشروعه في تطوير الأعمال الزراعية، والزراعة المكثفة للماشية وصناعة التعدين في منطقة الأمازون.

ما هو صادم ليس إعادة التأكيد على السيادة البرازيلية على ثلاثة أخماس مساحة غابات الأمازون الممطرة، وإنما على  مشروعها السياسي والاقتصادي، القطبي المعاكس للمخاوف البيئية الدولية وسوف يخبرنا المستقبل من سيفوز في هذه المواجهة. هل سيقاوم اتفاق باريس خروج البرازيل بعد خروج الولايات المتحدة؟ أم هل سيتم فعل كل شيء لتجنب خروج عملاق أمريكا الجنوبية؟

تذكر مواقف جايي%D