اقتصادصحيفة البعث

المصارف الخاصة ليست بمنأى عن إشكاليات التعاطي التعسفي مع العمالة الكوادر السورية ترفع الغطاء عن ممارساتها السلبية… والجهات المعنية تؤكد أنها بالحدود الدنيا

 

يبدو أن واقع العمل في القطاع المصرفي الخاص ليس بمنأى عن بعض الإشكاليات التي تأتي ضمن سياق شكاوى بعض العاملين في هذا القطاع وما تعكسه من تعسف بعض الإدارات لجهة اتخاذها لقرارات تنبيه وخصم وقد تصل إلى الفصل التعسفي للعاملين، إضافة إلى اتساع الفجوة بين رواتب الكوادر السورية وغير السورية، وقد ذهبت بعض الإدارات إلى أبعد من ذلك بمنع العاملين من تقديم أو نشر شكاوى تحت طائلة الفصل والطرد، مبينة هذه الشكاوى طرد نسبة تقارب الـ37% من مجمل الكوادر السورية في المصارف الخاصة خلال العامين الماضيين، خوفاً من استلامهم مهمات إدارية فيه.

مؤشرات
لجأ بعض العاملين في المصارف الخاصة إلى نشر سلسلة من الشكاوى مستندة إلى وثائق على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما فقدوا الأمل من تحرك وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل – التي تمت مراسلتها أكثر من مرة بشكاوى رسمية- لجهة اتخاذها إجراءات رادعة لتلك الإدارات، وبينت الشكاوى سوء معاملة العاملين واتخاذ قرارات تعسفية كالتنبيه والفصل، إضافة إلى عدم قيام هذه الإدارات بتدريب الكوادر وتأهيلها لتكون قادرة على إدارة هذه المصارف وفروعها وفق خطة الإحلال التي تقتضي استلام الكوادر السورية إدارة المصارف بعد مضي خمس سنوات على تأسيسها، بالإضافة إلى تدني رواتب العاملين في هذه المصارف، فيما تصل رواتب الإدارات التنفيذية العليا إلى 130 ألف دولار شهرياً، ولفتت الشكاوى إلى أن جميع المصارف تنتهج الأساليب ذاتها تجاه الكادر السوري، كما قامت إدارة أحد المصارف بتوجيه تنبيه لجميع موظفي البنك بعد نشر الشكاوى مرفقة بوثائق بعدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ملوحة بالفصل لكل من يخالف هذا القرار.

خارج النطاق
أسئلة كثيرة أثارتها الشكاوى المقدمة، أهمها ماهية القوانين الناظمة لوجود العمالة الأجنبية، ومدى تطبيقها من قبل الجهات المعنية، إذ بين خبير اقتصادي أن المصارف الخاصة لازالت خارج نطاق المراقبة والمحاسبة من قبل البنك المركزي ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ولازال القائمون في المناصب الإدارية والتنفيذية بعيدين كل البعد عن إجراءات التقييم والمحاسبة، إذ نصت القرارات بحسب الخبير على تسلم الكوادر السورية للإدارة بعد مضي خمس سنوات على مرحلة التأسيس المصارف، ولكن بالرغم من مضي 14 عاماً على تأسيسها لم نشهد مثل هذا الإجراء، كون القرار نص على ضرورة تدريب وتأهيل الكوادر السورية وهو ما تتجنبه الإدارات الأجنبية، وفي حال توافرت هذه الكوادر يتم إبعادها إلى خارج المصرف بقرارات مجحفة، متسائلاً هل الكفاءات السورية غير قادرة على إدارة أهم القطاعات الاقتصادية والتي يساهم القطاع العام فيها كشريك، وهل تسمح البلدان المجاورة كلبنان والأردن تسلم الخبرات السورية لمناصب إدارية فيها وتبقى حكراً عليها..؟ منوهاً إلى وجود مخالفات عديدة لقانون التأسيس وخطط الإحلال وقانون إقامة العمل تغفل عنها الجهات المعنية، وتساهم في استمرارها.

نفي
معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل راكان إبراهيم حاول توضيح مجمل القوانين الناظمة لعمل المصارف الخاصة في بداية حديثه، لافتاً إلى أن مهام الوزارة هو الإشراف وتنظيم العمل ضمن القطاع الخاص، إلى جانب وجود الضابطة العدلية التي تتابع مراقبة تطبيق القوانين والقيام بجولات تفتيشية على منشآت القطاع الخاص، وفيما يخص الكوادر غير السورية العاملة في المصارف الخاصة، بين الإبراهيم أن القرار رقم 888 الناظم للعمالة غير السورية، نص على ألا يزيد ما يستخدمه صاحب العمل من العمالة عن نسبة 9% من هذه العمالة من مجموع العاملين في المصرف خلال السنتين الأولى والثانية من مرحلة التأسيس، وتنخفض إلى 3% تدريجياً بعد مضي خمس سنوات من مجموع العاملين، كما أجاز القرار للوزير أن يرفع النسبة في حال عدم وجود كفاءات فنية أو مؤهلات علمية أو تخفيضها في حال توافرت، نافياً وجود ما أشار إليه الخبير بضرورة تسليم الكوادر السورية مناصب إدارية بعد مضي خمس سنوات، وبقاء 3% من العمالة بعيد عن المخالفة القانونية.

غير منفردة
ولكن مع إصرارنا أكثر مرة على حق الكوادر السورية في تسلم دفة القيادة، بين الإبراهيم أن الوزارة لا تتفرد في إصدار القرارات الخاصة ببقاء العمالة الأجنبية، بل يتم استشارة البنك المركزي الذي يبين الحاجة إلى وجود هذه العمالة، وبالتالي يتم إصدار قرارات التمديد لهم، ليلقي تهمة استمرارها على عاتق المركزي الذي يدرس واقع المصارف وقدرة الكفاءات السورية في إدارة المصارف، ولا زال يشرع وجودها على الرغم من وجود كفاءات محلية قادرة على تولي الإدارة.

متابعة
ولفت الإبراهيم إلى أن الوزارة تتابع الشكاوى والمخالفات المقدمة من المصارف الخاصة، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين من فرض غرامات مالية بقيمة تراوح بين 10 إلى 50 ألفاً، منوهاً إلى أنه يتم يفرض الغرامات بالحد الأقصى دائماً كإجراء رادع لهذه الإدارات، كما يتم ترحيلها خارج القطر بعد إثبات المخالفة عليها، وبين الإبراهيم أن القوانين نصت أيضاً على منع استقدامهم خلال الثلاث سنوات التالية، إلا أنه أكد غير مرة على أن الشكاوى الواردة إلى الوزارة قليلة، إذ قام باتصال مع المديرية المختصة خلال وجودنا في مكتبه، وقد أكدت وجود شكوى واحدة تخص أحد المصارف وأن الوزارة تقوم بمعالجتها.
فاتن شنان