الصفحة الاولىصحيفة البعث

الانقسامات تضرب البيت الأبيض.. وترامب يصرّ على حماية ابن سلمان

 

بين إصرار النظام التركي على استثمار قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، من خلال ابتزاز النظامين السعودي والأمريكي، ومحاولات النظام السعودي تبرئة محمد بن سلمان من الجريمة، يبدو أن الأزمة انتقلت إلى البيت الأبيض، حيث يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حماية ابن سلمان من الملاحقة، عبر الإشارة إلى المليارات المكتسبة، بينما يصرّ مسؤولون هناك على معاقبته.
وفي التفاصيل، اعتبرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن نتائج تحقيقات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي ايه” حول مقتل خاشقجي، تضع ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان في مركز فضيحة كبيرة تحمل في طياتها آثاراً مدمّرة على مستقبله، وأشارت إلى أن النتيجة التي توصلت إليها “سي آي إيه” ليست اعتباطية، فهي تمتلك دون شك أدلة قوية على استنتاجها بأن ابن سلمان هو من أصدر الأمر باغتيال خاشقجي، موضحة أن تطوّرات هذه القضية تمثل الفضيحة الكبرى لابن سلمان منذ ظهوره على الساحة السياسية.
ولفتت الصحيفة إلى أن استنتاج “سي آي إيه” يأتي بعد أيام من محاولة ترامب ومستشاره لشؤون الأمن القومي جون بولتون حماية ابن سلمان وإبعاد الاتهامات عنه في هذه الجريمة، التي تورّط فيها 21 شخصاً من المسؤولين والضباط السعوديين، مبيّنة أن ترامب وبولتون زعما في وقت سابق أن مجموعة قتلة نفذت الجريمة دون علم ابن سلمان، لكن نتائج تحقيقات وكالة الاستخبارات الأمريكية تؤكّد أنه من المستحيل تنفيذ جريمة كهذه دون علم وموافقة ابن سلمان.
وتوصلت “سي آي ايه” إلى استنتاجاتها بعد تقييم لعدة معلومات استخباراتية بما فيها اتصال هاتفي أجراه خالد بن سلمان شقيق وسفير السعودية في واشنطن مع خاشقجي، أكد فيه للأخير ضرورة الذهاب إلى القنصلية السعودية باسطنبول للحصول على الوثائق التي يحتاج إليها من أجل زواجه، وقدّم له تأكيدات بأنه لن يتعرّض للأذى.
لكن ترامب قال، في أول تعليق له على هذه التقارير الصحفية: إن عناصر وكالة الاستخبارات “لم يخلصوا إلى أي شيء بعد ومن السابق لأوانه توجيه اتهام لمحمد بن سلمان”.
وفي آخر تصريح له حول القضية، كشف ترامب أن الولايات المتحدة لديها تسجيل صوتي لعملية قتل خاشقجي، إلا أنه فضّل عدم الاستماع إليه، واصفاً إياه بالمروّع. وفي محاولة للتغطية على موقفه الحقيقي المدافع عن ابن سلمان، قال: “رأيتم أننا فرضنا عقوبات قاسية وواسعة جداً ضد مجموعة كبيرة من مواطني السعودية”، متابعاً: “في الوقت ذاته لدينا حليف حقيقي كان جيداً في أمور كثيرة، وأريد التمسك به”.
وفي تطوّر لافت ينبئ بحدوث انشقاقات داخل البيت الأبيض حول الموقف من جريمة قتل خاشقجي وضرورة معاقبة ابن سلمان على ذلك، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن المسؤولة عن تنسيق السياسات الأمريكية تجاه النظام السعودي في البيت الأبيض، كريستين فونتينروز، قدّمت استقالتها من منصبها. ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين قولهما: إن فونتينروز التي تولت في آذار الماضي منصب المدير الأول للشؤون الخليجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أيّدت اتخاذ خطوات صارمة بحق النظام السعودي على خلفية الجريمة، وكانت قد زارت في الآونة الأخيرة الرياض لبحث العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على 17 مسؤولاً سعودياً لدورهم في هذه القضية المدوّية.
وأكدت الصحيفة أن فونتينروز لعبت دوراً مهمّاً في فرض هذه العقوبات، موضحة أنها أصرّت على ضرورة إدراج المستشار السابق في الديوان الملكي، سعود القحطاني، على القائمة السوداء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الغموض يلفّ ظروف استقالة المسؤولة مساء الجمعة الماضي، لكن المصدرين أكدا وقوع جدل بينها وبين قادتها في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عند عودتها إلى واشنطن من العاصمة السعودية.
وتعدّ الصحيفة هذه الاستقالة مؤشراً على وجود انقسام داخل الإدارة الأمريكية بشأن مقتل خاشقجي، وخاصة أن ترامب امتنع عن إلقاء اللوم في قتله على ابن سلمان.