ثقافةصحيفة البعث

لمى عباس.. عن الحرب والحصار

 

“ست ساعات” عنوان شائق يحمل وراءَه وجع سنوات الحرب وقهر الموت وألم الفراق، رواية خطّت بدموع الوطن أحداث الحرب الإرهابية التي عاشتها الأديبة والإعلامية لمى عباس، وكانت شاهداً عليها من خلال مقاومتها الحصار وعملها بإسعاف الجرحى وإيصال الأدوية والطعام لهم، لتلتقي أحداث الرواية مع قصائدها في صهيل الغمام، التي وثّقت مقاومة الشعب السوري في ندوة أُقيمت في المركز الثقافي العربي في –أبو رمانة- لم تتخذ البعد التعريفي والنقدي فقط، وإنما مضت بمسار إنساني يحكي عن تجربتها الأديبة والحياتية في الحرب لاسيما في مرحلة حصار ضاحية الأسد ورفضها مغادرة منزلها رغم القذائف المنهمرة.

قدم الشاعر علي الدندح الأديبة بأنها المرأة المقاومة التي ساندت الجيش العربي السوري ضد الإرهاب دفاعاً عن الحرية والكرامة، فمثلت هذه الصورة الجميلة في أدبها.

ووصفت لمى لقاءَها مع محبيها بملتقى روحي لكل من أحبّ سورية، وبدأت بتحية إلى دمشق التي عانت من قذائف الإرهاب بقصيدتها” شآم” على مقام النهاوند بمرافقة عازف العود آرام مصطفى الجندي في الجيش العربي السوري.

بك ابتدأتُ يا أبجدية الحب/ومعك كبرتُ/يا مزمور الوجود”.

وفي قصيدتها” أقم عليّ الحد” التي مررت بفنية غير مباشرة ما فعله الإرهابيون في داخل الضعفاء، إلا أن قفلة القصيدة تعيد الجميع إلى حضن الوطن، والجميل أن القصيدة اتسمت بالتضمين الديني.

“إياك التبرؤ من هواي/اجبلني ماء دون ملح/وأعد لملمة صلصالي/فصّلني على مقاس/درب الآلام/وانظرني قيامة أخرى”

المحور الأساسي بالأمسية كان حديث عباس عن علاقتها بالجنود وتعرّفها عن قرب إلى قصصهم واشتياقهم لعائلاتهم، إلا أنها توقفت عند قصة الشهيد حسن الذي بقي ثلاث سنوات يدافع عن الوطن ولم يحصل على إجازة إلى أن تمكّن بمساعدتها ومساعدة رجال الوطن الشرفاء من الحصول على إجازة، ليشارك عائلته بحفل زواج شقيقته ويضم والدته بعد هذا الغياب ويلتقي مع حبيبته، ووصفت حديثه الشائق والمؤثر حينما وصف لها مشاعره وهو يضم أمه ويشاغب مع حبيبته، إلا أنه خُلد شهيداً بعد عودته إلى موقعه بالدفاع عن الوطن بأربعة أيام فقط، وكأن اللقاء كان الوداع الأخير.

قصة حسن حفرت في أعماق عباس فخصّته بقصيدة “عانقيني”، وهي قصة شعرية لحوارية حبيبين يتوقف بهما الزمن على أنغام رقصهما على أوتار الروح والقلب، وقد غنى آرام مصطفى القصيدة بعد أن لحنها فعزف على العود، اللحن الذي جمع بين الحزن والفرح.

“قالت وهي تراقصني/أتودعني/وكي لا أكسر فيها خطاها/كي لا يفنى فيّ الظل عانقيني فمازلت هنا”.

المثقف العضوي

وتحدث الناقد عمر جمعة عن البنية اللغوية والفكرية في تجربة عباس الأدبية، ليتوقف عند قدرتها على توثيق أحداث الحرب والحصار، ودفاعها الإنساني عن الوطن مشيداً بلحظات المعاناة التي التقطتها وترجمتها إلى حالة جمالية إبداعية.

ووجد الناقد أحمد هلال مقاربة بين مقولة “المثقف العضوي  للمفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي ولمى عباس”، إذ ترجمت هذه المقولة بخصوصيتها وبرؤيتها من خلال ثلاثة محددات، الأول من الميدان، إلى الرصاصة، إلى طلقة الوعي، والثاني المرأة السورية الأيقونة، إذ استطاعت أن تختزل تاريخ سورية وتاريخ منظومة الإنسان السوري منذ الولادة إلى الشهادة، أما المحدد الثالث فهو مسألة الشاهد على الشهادة وهو شهيد آخر إلا أنه شهيد حيّ ينطق ليس بوجع سورية وإنما بما ستؤول إليه سورية بالقيامة.

ورأى الفنان محسن غازي أنها عززت ثقافة الصمود وثقافة الوطن، وجسدت أنموذجاً لصمود المرأة السورية.

بينما قرأت الإعلامية هدى عبود في أعمالها صرخة المرأة في وجه الحرب.

وتحدث والد الشهيد محمود المرسى باسم أهالي ضاحية الأسد عن تجربتهم القاسية بالحصار، لاسيما حينما اقتحم الإرهابيون الضاحية وكيف كانت لمى عباس خط دفاع عن الأهالي والوطن. واعترف ابنها الإعلامي أحمد معروف بأنها كانت السبب المطلق لعمله الإعلامي، وبأنه لم ينهل من بحرها المتدفق إلا أنه يحاول أن يكون صورة عنها.

ملده شويكاني