تحقيقاتصحيفة البعث

مهرجانات التسوق نافذة تسويقية وترويجية وفرصة لإثبات الجودة والمنافسة في الأسعار

أنماط جديدة من الاستهلاك ولّدها ارتفاع تكاليف المعيشة، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها فئة واسعة من المواطنين، معظمهم من محدودي الدخل والموظفين، ويبدو أن انخفاض القدرة الشرائية دفع بتلك الشريحة لانتظار وترقب مبادرات اقتصادية، وفعاليات تتكرر بين فترة وأخرى على شكل مهرجانات تسوق، وبضائع وسلع يقدمها الصناعيون السوريون بدعم غرفة الصناعة تحت عنوان مهرجان “صنع في سورية” الذي تغلب على معروضاته السلع التموينية والاستهلاكية، وغيرها من المنتجات التي تؤمن حاجات الأسر المختلفة بحسومات وعروض مختلفة تقدم بشكل متكرر، ولم يكن مستغرباً الإقبال الشعبي لزيارة هذا التجمع الاستهلاكي الذي حط رحاله في محافظة طرطوس بالصالة الرياضية في دورته الـ 75، فيما بدا أنه محاولة لتنشيط الحالة الاقتصادية في المحافظة، ودفع عجلة الاستهلاك عبر عروض مختلفة قدمت على منتجات أساسية، وحاجات تموينية مختلفة للأسر السورية ضمن المهرجان.

آراء متباينة
ومع نشاط شهده المهرجان في أيامه الأولى، حيث امتد من الثالث من شهر تشرين الثاني ولغاية العاشر منه، تباينت الآراء حول تلك المبادرة التسويقية التي يتم الإعداد لها بين فترة وأخرى من غرفة الصناعة، فبرأي بعض رواد المهرجان بدت الأسعار مقبولة ومنطقية، وفيها حسومات ملاحظة عن أسعار السوق، ولكن كانت للبعض الآخر تحفظات من ناحية التخفيضات، فهي مع أنها موجودة، لكنها دون المأمول أو المطلوب، وفي الكثير من الأحيان لا اختلاف يذكر إطلاقاً مع أسعار المحلات التي تبيع المستهلك بسعر الجملة، فما الجدوى إذاً من إقامتها، وتحمّل تكاليف حجز الصالة، ونقل المنتجات، لكن بعض الزوار يرون أن هذه المهرجانات يمكن أن تكون مفيدة بالنسبة للعائلات التي تشتري بكميات كبيرة، وعندها ستلاحظ فرقاً واضحاً، وتوفيراً بالأسعار، أما في حال اقتصر الشراء على حاجات بسيطة فالفروق لن تذكر، وكذلك تحدث بعض الزوار عن أهمية إقامة مثل تلك المهرجانات التي يجتمع فيها كل ما تحتاجه الأسر في صالة واحدة أو مكان واحد يشتري منه المرء احتياجاته على مبدأ “المولات” نفسه، وهذه هي أكثر فائدة من المهرجانات بحسب آراء تلك الشريحة.

نوافذ تسويقية
في المقابل بدا حرص بعض الصناعيين والمنتجين على المشاركة في مهرجانات التسوق فرصة لإثبات وجودهم، وجودة بضائعهم، وتسويقها، والدفع بعجلة الاقتصاد لاعتبارها نافذة تسويقية وترويجية لمنتجاتهم، كما أوضح لنا بعض العارضين الذين تحدثنا إليهم في مهرجان تسوق طرطوس، وأكدوا تقديم أسعار منافسة لسعر السوق، وتخفيضات تراوحت بين 20 إلى 30%، وقد تصل أحياناً إلى 50%، وكذلك كان الحديث عن حسومات وعروض مختلفة كأن تشتري قطعتين من مادة معينة وتحصل معها على ثالثة مجاناً، وبالتالي تنشيط حركة البيع، وزيادة إقبال الاستهلاك، بدوره تحدث نبيل أيوب عضو غرفة الصناعة، وصناعي مشارك في مهرجان منذ أول دورة تأسيسية ولغاية هذه الدورة المقامة في طرطوس بأن المهرجان التسويقي فرصة للصناعي ليبرز في ساحة المنافسة، خاصة مع الإشاعات الكثيرة، والتهم التي طالت الصناعيين السوريين، والصناعة عموماً، وقال إن تهماً كثيرة تحدثت عن كون الصناعة السورية اندثرت واضمحلت بفعل الحرب، وإن الصناعيين هاجروا، والحقيقة أن الصناعي السوري مازال موجوداً، ويعمل بجد ونشاط يداً بيد مع الجيش العربي السوري لإعادة سورية إلى حالة النشاط والقوة التي كانت عليها سابقاً، وبناء سورية الوطن، فالصناعة أساس التقدم في أي بلد، وأضاف بأن جميع الصناعيين السوريين اليوم يقومون بتقديم دور دعم للمواطن، ومن ناحية أخرى تعتبر هذه المهرجانات عملة تسويقية لمنتجاتهم، وفي كل مهرجان يتزايد الإقبال عن سابقه، ويكون التوافد منقطع النظير، ففي هذه المشاركة في محافظة طرطوس المطالبة بمهرجانات مستمرة لغرفة الصناعة.

دون وسيط
يبدو أن النجاحات التي تحققها تلك المهرجانات الشرائية تأخذ فاعليتها لإلغاء دور الوساطة من التجار، وهذا بحسب الرأي الذي قدمه تميم الدرة المشرف على مهرجان صنع في سورية بطرطوس، حيث تلغي هذه المهرجانات دور الوسيط، فالتاجر هو الصناعي نفسه، حيث يقدم سلعته للمستهلك مباشرة، وتكون فرصة أيضاً للحصول على رأيه سلباً أو إيجاباً لتحسين المنتج وتطويره، وبحسب الدرة فالمهرجان فرصة للتسوق من قبل أصحاب الدخل المحدود، والحصول على معظم حاجاتهم خلال فترة تواجده، مستفيدين من العروض والحسومات المقدمة، إضافة إلى توفير الوقت كون معظم احتياجاتهم موجودة في مكان واحد، مبيّناً أن المهرجان شمل معظم المحافظات السورية في حلب، وحمص، وحماة، ودير الزور، وطرطوس، واللاذقية، ودمشق، ودرعا، وقال: كانت هناك كذلك مشاركات في أسواق خارجية، منها في العراق بالعاصمة بغداد، والآن هناك تفكير بالمشاركة بمهرجان في الأردن، وعن نسب الحسم التي تتوفر في المهرجان أكد الدرة أنها تختلف بحسب المواد، فالمواد الغذائية لها نسبة حسم معينة تختلف عن الصناعات النسيجية، أو الكيميائية، والمنظفات مثلاً، ولكن لا يمكن الحديث عن فروق كبيرة أو هائلة، خاصة أن الكثير من الناس اليوم يتبضعون من محلات الجملة، فالأسعار يمكن أن تبدو متقاربة كون هذه المحلات تأخذ عروضاً، وتوزع بهوامش ربح قليلة، ويمكن دائماً المضاربة بالسعر، فالغاية من المهرجانات أو الدور الذي يلعبه الصناعي في هذه الفترة ليست الربح، ولكن من باب تسويق وتقديم ملاحظات لصاحب المنتج، والتوفير للأسر.

عروض خاصة
الدرة تحدث عن عروض مشجعة تقوم بها لجنة تنظيم المهرجان في كل دورة، ففي مهرجان طرطوس هناك سحوبات للمشاركين والمستهلكين على ليرات ذهب، وميداليات تقدمها غرفة الصناعة، كذلك لم ننس العروض الخاصة بأسر الشهداء وذويهم، حيث يتم بشكل دائم وفي كل مهرجان توزيع قسائم شرائية تقديراً من الغرفة للتضحيات التي قدمتها هذه الأسر، وتوزع اللجنة قسائم شرائية بقيمة 3000 ليرة تقديراً وعرفاناً لهم.

محمد محمود